'' ظهور الهلال فوق جبال خه لان'' تخليد لتاريخ الإسلام في الصين استمتع الجمهور التلمساني، سهرة أول أمس، بالعرض المسرحي لفرقة مسرح الفنون بينتشوان الصينية الموسوم ب''ظهور الهلال فوق جبال خه لان''، وذلك في إطار الأيام الثقافية الصينية بمناسبة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية، حيث ذهب المتفرجون -عبرها- لتخليد أسطورة الحب والحرب وصراع المسلمين من أجل البقاء. على مدار ساعتين وفي لوحات كوريغرافيا عالية المستوى، أرخ المخرج الصيني يان شاو أحداث قصة ''ظهور الهلال فوق جبال خه لان''، عبر أربعة مشاهد استعراضية راقصة، نسج مخرج العمل أحداث قصة حب ولدت في أعالي جبال ''خه لان'' على طريق قوافل تجارة الحرير التي تعتبر أعرق وأقدم تجارة عرفها الصينيون منذ مئات السنين. بين ناصر ابن التاجر حسن المسلم وخديجة راعية الأغنام البوذية، التي لم تعترف بغير الحب عقيدة وملة متحدية -إلى جانب ناصر- كل العادات والتقاليد المسمومة التي فرقت بين المسلمين والبوذيين لعقود من الزمن ثم تتوالى الأحداث بسرعة إقبالا وإدبارا على حب رفضه بيه والد خديجة وحسن والد ناصر، رمت به العاصفة الرمادية إلى قبيلة المحليين البوذيين ليقرر إبعاد إبنه عن هذا الحب المحرم في قوانين القبيلة. وفي لوحة استعراضية رائعة التجسيد سينوغرافيا وموسيقيا، روى بطلا المسرحية ضمن رقصة راقية حكاية فراقهما المفروض بحكم العادات والتقاليد، ليركب ناصر أمواج البحر الأصفر راحلا عن جبل ''خه لان'' موطن حبيبته وتركب خديجة أمواج الحزن والألم على فراق حبيبها. يعترض قطاع الطرق طريق حسن وإبنه إلى الديار ويصاب الشيخ لكنه يصر على استكمال الرحلة وأثناء ذلك يفاجأ بملاحقة ''خديجة'' لهم، فيتأثر حسن بحبها لإبنه ويوافق على زواجهما. يموت الشيخ حسن ويتم دفنه إسلاميا، وتعود القافلة من جديد ليقيم أعضاؤها أسفل جبل ''خه لان'' ويتعايشون مع السكان المحليين ويتزاوجون منهم وتنشأ أجيال جديدة في وئام وسلام. وتجدر الإشارة إلى تركيز مخرج العمل على استحضار أهم وأبرز رموز الثقافة الإسلامية بشكل بالغ الدلالة. وكان صوت الآذان الذي قدم في بداية العرض الرمز الأفصح والأقوى، نجح المخرج في استعماله كعنصر جذب وشدّ عيون المتفرجين إلى كل لوحات العرض التي لم تخلو -على اختلافها- من مقدسات المسلمين على غرار سجادة الصلاة والمصحف الشريف ومراسم الدفن الإسلامية. أما جماليا، فقد نجحت الفرقة الصينية بجدارة في تحقيق عناصر العرض الفني المتكامل من خلال لوحات راقصة عالية التقنية والأداء رائعة التركيب من حيث انسجام وتناغم الممثلين واللوحات التي انسابت على الخشبة بشكل حوّل ساعتي العرض إلى ساعة واحدة لجمهور أسر بكل تفاصيل فنتازيا ''ظهور الهلال على جبال خه لان''، التي جعلت الرسالة تصل إلى المتلقين، دون لغة راقية، استبدلت فيها لغة اللسان بلغة الجسد وهو سر نجاح هذا العمل الذي حقق نجاحا تعجز عن تحقيقه أدوات وآليات السياسة والإعلام في تحقيق التقارب بين الجانبين الصيني من جهة، والعربي والإسلامي من جهة أخرى. وللإشارة، تأسست فرقة ''مسرح الفنون يينتشوان'' عام 1958 بمنطقة نينغيشيا ذاتية الحكم لقومية ''هوى'' المسلمة بالصين، وتضم 108 فنانين وموظفين لتقديم مختلف العروض المسرحية الراقصة والفنون الشعبية والأعمال الموسيقية والغنائية.