شهدت الجزائر أربعة عمليات إحصاء عام للسكان والإسكان منذ الاستقلال البلاد، بمعدل عملية واحدة كل عشر سنوات، حيث انتظم أول إحصاء في 1966، لتليه عمليات مماثلة في 1977، 1987 و1998، وبالنظر إلى التغيرات الكبيرة التي طرأت على المجتمع في السنوات الأخيرة ولا سيما بفعل الحركية الاقتصادية والاجتماعية التي أفرزتها مختلف السياسات التقويمية التي سطرتها الدولة تقرر مؤخرا تقليص الفترة الفاصلة بين كل عملية إحصاء من 10 سنوات إلى 5 سنوات· ووعيا منها بأهمية العمليات الإحصائية لضبط التعداد العام للسكان وتشخيص الواقع الاجتماعي والاقتصادي لمختلف شرائح المجتمع، عمدت السلطات العمومية في الجزائر بعد الاستقلال إلى إنشاء الهيئات والمؤسسات المتخصصة في مختلف الدراسات الإحصائية، وذلك بموجب القانون رقم 64/95الصادر في 4 مارس 1964 المتعلق باستحداث اللجنة الوطنية للإحصاء ومنصب محافظ وطني للإحصاء، ونظم الإحصاء الأول سنة 1966، حيث كان الوضع المترتب عن خروج الجزائر من مرحلة الاستعمار يستدعي القيام بالتجربة الأولى في هذا الميدان، لا سيما مع انعدام معطيات حديثة حول السكان آنذاك لدى السلطات العمومية· كما تبين من خلال التغييرات الديموغرافية التي شهدتها الجزائر إبان حرب التحرير الوطني وكذا عقب الاستقلال أن المعطيات المتمخضة عن الإحصاء الذي قامت به الإدارة الاستعمارية سنة 1954 تجاوزها الزمن ولا يمكن الاعتماد عليها إلا في القيام بمقارنات· وساهم الإحصاء العام لسنة 1966 في دعم مختلف الدراسات التحضيرية التي سبقت وضع المخططات التنموية والبرامج الخاصة على الصعيدين الوطني والمحلي· أما الإحصاء الثاني الذي أنجز سنة 1977 فقد فرضته التحولات العديدة التي طرأت على البنيات الاجتماعية والاقتصادية للمجتمع واختيار الدولة لنظام الاقتصاد المخطط· وسمحت هذه العملية الثانية باستعراض حصيلة العشرية الأولى السابقة لتاريخ إجراء الإحصاء وكذا بتقييم التقدم المحقق في ميادين الإسكان والتجهيزات الجماعية والتمدرس ومستوى النشاط والتشغيل· ونظم الإحصاء الثالث سنة 1987 غداة التنظيم الإقليمي الجديد للبلاد، وتم هذه المرة بإشراف الديوان الوطني للإحصائيات الذي انشئ خمس سنوات من قبل (1982) · وكان هذا الإحصاء يهدف إلى الإطلاع بدقة على التوزع الجغرافي للسكان والخصائص الديموغرافية للأفراد وحجم وهيكلة التشغيل والمستوى التعليمي والتكويني ومستوى الأمية بالإضافة إلى الخصائص الأساسية للحظيرة السكنية في الجزائر· وفي سنة 1998 تم تنظيم الإحصاء الرابع في تاريخ الجزائر المستقلة، وتزامنت العملية هذه المرة مع التغيرات العديدة التي طبعت مختلف النشاطات الاجتماعية والاقتصادية للبلاد التي انتقلت من نظام سياسي طبعه حكم الحزب الواحد على النظام التعددي، وسمح الإحصاء العام للسكان والإسكان خلال هذه السنة بالحصول على معلومات حول الظروف الاجتماعية للسكان والآثار المتمخضة عن السياسات التنموية وحول التوزع الميداني للسكان وخصائصه وحول مستويات التمدرس والأمية والمعطيات المتعلقة بالهجرة والحظيرة السكنية وخصائصها فضلا عن مستوى وهيكلة التشغيل ونسبة البطالة·