بالرغم من الامكانيات الهائلة التي حبا اللّه بها العالم العربي من بترول ومعادن وأرض شاسعة ومناخات متنوعة وبالرغم من الجيوش الجرارة التي تتخرج كل سنة من جامعاتنا ومعاهدنا في كل العلوم والتقنيات والاختصاصات؛ لا يزال فكرنا في المقابل عاجزا عن تحويل كل هاته الخبرة المتراكمة وهذا الرصيد الاقتصادي والفكري إلى قرارات تغير واقع الحال الذي نعيشه. فنحن لازلنا نعلق عيوبنا على مشجب الماضي ولازلنا نواصل اتهام الاستعمار بأنه سبب جمودنا وتأخرنا عن ركب الحضارة في حين نرى أمما وشعوبا أخرى تعرضت مثلنا لأبشع مظاهر الاستعمار قد تمكنت في وقت قصير نسبيا من لملمة قواها وشق طريق التنمية فخرجت من رزء المشاكل والتخلف بكلفة ضعيفة ووسائل قليلة. البعض منا يرى المعضلة في الحكام الذين نخر الفساد عروشهم مما جعل كل السياسات التي اتبعوها فاشلة، عاقرة، أدت الى تراكم المشاكل والقلاقل والبعض الآخر يرى السبب في الاديولوجيات المتبعة في بناء الدولة سواء أكانت رأسمالية أو اشتراكية وآخرون يؤكدون بأن بيت الداء يكمن، ببساطة، في عزوف الأمة عن نهج السلف. وبين هذا وذاك نتناسى أن المشكلة الحقيقية تتمثل في إعادة الاعتبار للجهد والعمل وأخلقة الحياة الاجتماعية، الشيء الذي يحتم علينا مراجعة كل الأفكار التي تقوم عليها منظومتنا التربوية التكوينية وأساليب تنشئتنا الاجتماعية لكي نعالج المعضلة من الأساس.