''عندما تلتقي بشامي من أصل جزائري يتحدث الأمازيغية بطلاقة وبدون أي كلمات دخيلة عنها لا تستغرب فأنت امام شخص تعلم لغة اجداده الذين هاجروا إلى الشام منذ القرن الثاني عشر''، هكذا بدأ الكاتب كمال بوشامة محاضرته التي القاها، أول أمس، في سهرة من سهرات جريدة ''لاتريبون''. وقدم كمال بوشامة بهذه المناسبة كتابه''جزائريو بلاد الشام من سيدي بومدين إلى الأمير عبد القادر'' الذي صدر السنة الفارطة عن دار نشر جوبا وتناول فيه واقع الجزائريين الذين هاجروا إلى بلاد الشام (سوريا، لبنان، الأردن وفلسطين) ابتداء من القرن الثاني عشر تحت قيادة العلامة ابو مدين الشعيب وإلى غاية القرن التاسع عشر في عهد الامير عبد القادر. وقال بوشامة إن الجزائريين هاجروا إلى الشام منذ القرن الثاني عشر لعدة اسباب وتأتي في مقدمتها الرغبة في الجهاد وتحرير الأرض المقدسة من المحتل الصليبي وبهذا شاركوا في عدة حروب من بينها حرب حطين تحت قيادة صلاح الدين الأيوبي، مضيفا أنهم كانوا من أشد الرجال وامتازوا بالبسالة والقوة فكانت جائزتهم أن أعطى لهم صلاح الدين اراض خصبة في المنطقة وبالأخص في حارة المغاربة وعين الكرم. وواصل بوشامة سرده للأحداث قائلا: إن الجزائريين أنشأوا في الشام العديد من المدن والقرى مثل: العموقة، العجلون، الحسنية، هوشة وصفد التي تعتبر مسقط رأس الرئيس الفلسطيني محمود عباس، واستطاعوا ان ينسجموا مع الشاميين حتى أصبحوا منهم ومع ذلك لم ينسوا اصلهم الجزائري. ودائما في هذا السياق اشار المحاضر إلى أن الجزائريين في الشام كانوا يتحدثون الأمازيغية سواء القبائلية أو الشاوية حينما كانوا يحاربون فرنسا في سوريا وهذا حتى لا يفهم العدو ما يقولون، بالمقابل تواصلت-حسب المحاضر-، هجرة الجزائريين إلى الشام وبالأخص بعد احتلال فرنسا للجزائر وهذا إما بحثا عن العلم او بسبب فتاوى أطلقها بعض الأئمة حول تحريم العيش تحت سيطرة غير المسلم. وخصص المحاضر حيزا كبيرا للأمير في محاضرته مبينا بذلك خصال هذا الاخير فقال إن الامير استقر في سوريا سنة ,1855 وكان ذلك فال خير على الشاميين من الأصول الجزائرية الذين رأوا فيه قائدا يجمع لحمتهم، وانضموا تحت لوائه حينما حمى خمسة عشر ألف مسيحي في الحادثة الشهيرة التي جرت سنة 1860 والتي دافع فيها الامير رفقة الف من الجزائريين، المسيحيين الذين كانوا مطاردين من طرف المسلمين. وأشار سفير الجزائر السابق بسوريا إلى أن الجنرال الفرنسي شارل ماري نابوليون دوبوفور الذي قدم على راس تسعة وسبعين سفينة علاوة على آلاف من المشاة لاحتلال سوريا، تراجع عن ذلك خوفا من تهديد الأمير الذي قال له ''أنه مستعد لتحطيم كل من سولت له نفسه دخول هذا البلد''وبهذا لم تحتل فرنسا سوريا إلا سنة .1920 وطُلب من الأمير ان يترأس الشام المرة الأولى من طرف نابوليون الثالث والمرة الثانية من طرف حركة تبتغي الاستقلالية عن الامبراطورية العثمانية ولكنه رفض. ويضيف وزير الشباب والرياضة الاسبق أن الامير عبد القادر كان رجلا مغوارا وعسكريا شجاعا وسياسيا محنكا ورجلا خلوقا وأنه كان من حث السلطات الدينية في المدينة ومكة حينما كان معتكفا بها على تجسيد مشروع قناة السويس مبرزا ميزاته خاصة في كونه رابطا بين المشرق والغرب في مجال الاتصال والتجارة.