لتزامن شهر رمضان الكريم مع موسم الصيف وبالتحديد مع شهر أوت، وبسبب الحرارة التي شهدتها بعض الأيام والتي فاقت في بعض الأحيان 36 درجة مئوية، ارتأت ''المساء'' رصد انطباعات بعض المواطنين من خلال سؤال طرحته عليهم ''ما الذي أثر عليكم في الشهر الكريم ، الحر أم العطش، أم أن العبادة أنستكم ذلك؟'' وقد تم طرح هذا السؤال، مباشرة بعد انقضاء الشهر الكريم وبلوغه يومه التاسع والعشرين، وبعد اكتمال فرحة الصائمين بفرحة يوم العيد. وهو سؤال جاء رغبة في التعرف على مدى تأثر الصائمين بهذا التزامن بين فصل الصيف والشهر الفضيل، وقصد معرفة مدى تحملهم للعوامل التي يتميز بها موسم الصيف في الأيام العادية من حرارة وعطش، ورغبة في الانتعاش بكوب ماء بارد. ومن الطبيعي أن يتأثر الفرد بهذه العوامل خاصة بعد امتناعه عن الأكل والشرب من طلوع الفجر إلى غروب الشمس ،خاصة مع التعب الذي ينتابه وأشعة الشمس التي تطارده عند خروجه من البيت، وكان العطش والأرق أكثر العوامل تأثيرا على معظم من تحدثنا إليهم، حيث كانت الأغلبية -وحتى لا نقول الجميع- تفطر على كوب ماء بدل التمر والحليب، بل وأن سحورها كان يقوم عليه كذلك وهو حال الآنسة ''فلة'' -موظفة - والتي عبرت عن العطش بل وعن الضمأ الذي شعرت به في أيام، تقول أنها رغم كونها تعد على رؤوس الأصابع لعددها القليل، إلا أنها جعلتها تتراجع في البداية عن نيتها في صوم الأيام الستة من شهر شوال أو ما تعرف عند العامة ب ''الصابرين''، وتروي لنا أنه بدل تزايد شكاويها في تلك الأيام مما أصابها من عطش، رفع أمر الدعاء من معنوياتها التي قالت عنه أنه مستجاب في أيام العطش الشديد، مضيفة أنه دليل آخر عن رحمة الله على عباده. أما البعض الآخر، فقد كانت شكواهم من الأرق الذي أصابهم لقلة النوم -خاصة العمال الذين لم تمنح لهم إجازة - وهذا بعد السهرات الرمضانية القصيرة وساعات النهار الطويلة التي كانت تليها في الغد، ليقول السيد ''خليل'' موظف في مؤسسة وطنية أنه كان يمضي جل السهرة ما بين أداء صلاة التراويح والفجر والسمر مع الأصدقاء، ومن حين لآخر في أداء صلاة التهجد. أما كل من حظي بعطلة-وخاصة الشباب- فقد انقلب ليلهم نهارا، حيث كان التعب باديا على وجوههم يوم العيد. ولأن البعض أكدوا أن توقعاتهم قبل حلول الشهر الكريم لم تكن في محلها أو على الأقل لم تبلغ تلك الدرجة المتوقعة، فإن تمنياتهم كانت في عودة الشهر الكريم على وجه السرعة، حيث كان هذا رجاء السيد ''فيصل'' بل وليتمنى البعض أن يدوم طول السنة مثل السيد ''إبراهيم''. وبالمقابل، اشتكى البعض ممن تحدثنا إليهم من الاكتظاظ الذي عرفته الشوارع خلال سهرات الشهر الكريم، بسبب تعود العائلات الجزائرية على قضاء السهرة -في التجول والتسوق- ويقول هؤلاء أن هذه الظاهرة أزعجتهم كثيرا هذه السنة وهو رأي السيد ''مصطفى'' الذي قال بأنه تعوّد كل سنة الخروج والتجول مع عائلته في شوارع العاصمة، إلا أنه تراجع عن هذه العادة بسبب الاكتظاظ الذي رأى فيه حركة غير عادية هذه السنة، حيث لم يجد متعة في السهر ليلا، مرجعا ذلك إلى تغير طريقة السهر من زيارة الأقارب وقضائها عند الجيران إلى الرغبة في الخروج للهواء الطلق بسبب الحرارة. وبالمقابل، أبدى العديد من المواطنين إنرعاجهم من عمليات سرقة الهواتف النقالة والأموال والتي تعرضت إليها بعض العائلات خاصة أثناء التسوق وشراء ملابس العيد في أسواق باش جراح مثلا وفي باب الوادي، حيث أوقفت عصابات كانت تستعمل أسلحة بيضاء لتقول السيدة ''صوفيا'' أنها أصبحت تتفادى الخروج ليلا ولو إلى المراكز التجارية. ولم تقتصر عملية السرقة على السهرة الرمضانية فحسب بل في الفترة الصباحية كذلك، حيث روت لنا الآنسة ''فضيلة'' عن هذه العمليات التي كانت تتم في محطة الحافلات ب ''الشراقة''، ولدى تجمع المسافرين للصعود فيها متسائلة كيف يقبل هؤلاء على مثل هذا التصرف المشين في شهر التوبة والغفران. أما السيد ''عبد القادر''، فقد عبر لنا عن أسفه عن حوادث المرور تلك التي شهدها الشهر الكريم بسبب الإفراط في السرعة في سباق تمليه الرغبة في الوصول إلى المنازل قبل موعد الأذان، مضيفا أن الجوع كان يقود أيام صيامهم بدل الصبر -.