مئات المدارس الجديدة عبر الوطن    وقوف الجزائر مع فلسطين في صدر الأولويات    الولاة يُنصّبون الإطارات المحليّة    مسابقة وطنية للذكاء الاصطناعي    الجزائر تستعد لاحتضان المنتدى الإفريقي الرابع للمؤسسات الناشئة... وعرقاب يستعرض مكاسب التحول الاقتصادي    وزارة التجارة توضّح: الرخصة الاستثنائية للتوطين البنكي تخصّ فقط مصاريف الشحن    وزارة الصحة تطلق حملة وطنية للتلقيح ضد شلل الأطفال عبر ثلاث دورات    هذه أسلحة بوقرة في كأس العرب    نعمل حاليا على مراجعة القانون المتعلّق بتوحيد ترقيم المركبات    إطلاق برنامج التكوين في مجال الخدمة الاجتماعية للأمن الوطني    بتفقد عدّة مشاريع بالعاصمة قيد التهيئة والتأهيل حاليا    أفريقيا فعلا للأفارقة..؟!    زرّوقي يشرف على إطلاق العملية التجريبية    بنك ABC الجزائر يمنح قرضا يصل إلى 400 مليون سنتيم    هزيمة كبيرة لشبيبة القبائل    شجرة الأخلاق تسمو بالبشر نحو الصفاء الروحي    مريبعي: الجزائر تتحمّل العبء الأكبر    هذه أضعف صور الإيمان..    الشروع في إنجاز مصنع تحلية المياه بمستغانم    انتخاب الجزائر نائب رئيس مكتب اللجنة التنفيذية للاتحاد    هزيمة قاسية لشبيبة القبائل أمام الأهلي المصري    نتائج كينيا مشجعة لنيل ألقاب جديدة    استحداث مؤسسات ناشئة لدخول سوق الاقتصاد الرقمي    التطبيق الصارم لمقتضيات حظر الأصول الافتراضية    اقتناء مباشر للبذور والأسمدة من تعاونيات الحبوب    يوم تكويني للمشرفين على تربص طلبة السنة الثالثة    مشاريع التربية والسكن تحت المجهر    استقطاب 20 ألف سكن من مختلف الصيغ    "حماس" تنفي إنهاء اتفاق وقف إطلاق النار    فضيحة مدوية تهز الوسط الإعلامي والسياسي في المغرب    عطاف يشارك في القمّة الإفريقية-الأوروبية    400 ساعة لتكوين الأساتذة المتعاقدين المدمجين    انطلاقة مثالية لشباب بلوزداد وراموفيتش يثمن الفوز    {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} …ميثاق الفطرة    فتاوى : زكاة الذهب الذي ادخرته الأم لزينة ابنتها؟    المؤمن لا يعيش بين لو وليت    رحلة الألوان إلى ذاكرة الأثر    غزّة لا تزال تفعل العجائب    البحث مستمر عن مفقودين.. حصيلة فيضانات فيتنام ترتفع إلى 90 قتيلاً    حجز 1.290 كلغ من الذهب و15200 أورو    بودن يلتقي بكينشاسا مع الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي    أوكرانيا في مرمى العاصفة الأمريكية    اليوم التالي بنسخته الأمريكية    مشاريع جديدة للتكفّل بآثار التقلّبات الجوية    قرعة الحج تصنع أفراح آلاف العائلات    تخصيص 100 ألف يورو مساعدات للاجئين الصحراويين    نخطّط لتجهيز مؤسسات الشباب بالعتاد والوسائل الحديثة    20 دولة في المهرجان الدولي للمنمنمات وفنون الزخرفة    "عيد الميلاد" أداء متفرد    بوقرة يُقيّم الخيارات المتاحة    وزير الصحة يبرز جهود الدولة    الرئيس يترحّم على ابن باديس    ترقية المنظومة الوطنية الصحية في الهضاب العليا والجنوب    توقرت تحيي الذكرى ال68 لاستشهاد البطلين محمد عمران بوليفة ولزهاري تونسي    يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار    وسط ارتفاع المقلق لحالات البتر..التأكيد على الفحص المبكر لحالات مرض القدم السكري    تحسبا لكأس أفريقيا 2025.. 3 منتخبات إفريقية ترغب في إقامة معسكرها الإعدادي بالجزائر    عمورة ثالث هدافي العالم في تصفيات مونديال 2026    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسرة وتربية طفل ما قبل التمدرس
نشر في المساء يوم 11 - 09 - 2011

ليس الاهتمام بتربية الطفل وليد العصر الحديث، فلقد ظل الإنسان منذ القدم يهتم بالطفل ليكون عضوا فعالا في الوسط الذي يعيش فيه. لكنّ ما استجد في هذا المجال إنما هو مفهوم تحضير الأسرة لطفل ما قبل التمدرس، ودورها في تمكينه من الاستعداد لخوض غمار التعلم بنجاح، بوصفها أهم العناصر الكفيلة بهذه العملية الضرورية الحاسمة وأقربها إلى نفسية الطفل وأكثرها تأثيرا فيه.
ولا شك أن مهام الأسرة في هذا المقام ليست متعددة فحسب وإنما هي أيضا متداخلة ومتكاملة، ومنها ارتأينا التركيز على الآتي:
الدور التربوي
إن تشجيع الطفل على التفكير في حل مشكلاته في مرحلة مبكرة، وإشباع حاجاته وتلبية ميولاته الحسية يساعده على تنمية المدركات الإبداعية، وتقبل التدريبات الحسية بصورة منهجية، مع العلم أن توظيف القصة الهادفة والمسرح والإنشاد فضلا عن الموسيقى والرسم والتلوين واللعب الحر، كل ذلك من شأنه أن يثير تفكير الطفل ويحفّزه -ولو بشكل بسيط- بما يكسبه قوة الذاكرة والانتباه الشديد والخبرة الحسية.
إذن، فالأسرة التي تعنى برأي الطفل وتقف على سلوكه موقف المحاور الناصح الموجه لا المهيمن المكره، وتعمل على تثقيفه وتعويده أداء واجباته في وقتها وعلى ما يرام هي الأسرة المثالية الناجحة في تحقيق الهدف المنشود، ممثلا في تحضير طفل ما قبل التمدرس وإعداده للمرحلة التعليمية الموالية.
الدور العلاجي الوقائي
لقد اعتادت الأسرة إلقاء اللوم على الطفل في كل ما يقع له من حوادث، وذلك دون النظر في مشاكله واستيعابها، أو محاولة التعرف على أسبابها والعمل على علاجها، فيما يجب أن تقوم بالتشخيص المبكر لما يعانيه الطفل من نفسيات ومتاعب في هذه المرحلة المتقدمة من عمره، وأن تحيطه بكل ما يشعره بالطمأنينة والراحة والهدوء، مع ترك المجال واسعا للتنفيس عن مشاعره والتعبير عنها بما تيسر له من أساليب دون ضغوطات نفسية.
لكن، وحتى يتسنى للأسرة القيام بهذه الأداءات لا ريب أن ثمة شروطا جديرا وضعها بالحسبان، منها المستوى التعليمي للوالدين: ''إن الوالدين المتعلمان يكون تحصيل طفليهما في المرحلة الابتدائية أفضل من تحصيل أطفال الوالدين الأميين'' (فاطمة عبد القادر1980). ذلك لأن الأسرة المتعلمة تعمل على بعث الثقة في نفسية الطفل، وتعزّز كيانه، وترسّخ هويته، وتبعده عن القلق وما ينتابه من مشاكل عاطفية.
هذا، وتجدر الإشارة إلى أن الطفل الذي يفتقر إلى القدرات الاجتماعية يميل إلى العزلة والانسحاب كلما كبرت سنه، ومن المحتمل أن ينعزل اجتماعيا؛ فالخلفية الطبقية للأسرة لا تؤثر فقط على مستوى التحصيل الدراسي والذكاء فحسب، بل وأيضا حتى في فرص التعليم وفي مسار المتعلم بشكل عام، كما تبين ذلك الدراسات وتؤكد أن أبناء الطبقات الفقيرة قد يكونون أكثر تعرضا للتسرب المدرسي من أبناء الطبقات الغنية. حقيقة، إن الأوضاع الاقتصادية لأسرة قد تؤدي إلى إرباكها في كثير من الأحيان وإلى الحد من قدرة الطفل على النمو والابتكار...
أما بخصوص الأهداف التي حددها العديد من الباحثين لدور الأسرة في مرحلة ما قبل التمدرس، فنخص بالذكر منها اثنين على سبيل المثال:
التنشئة الاجتماعية
إن عملية التطبيع الاجتماعي التي يمر بها الطفل في الأسرة تعلمه كيف يسلك السلوك المناسب نحو الآخرين، وتمكنه من وضع حجر الأساس لمفهومه عن نفسه وعلاقاته بغيره، كما تنمي الاتجاهات الخلقية والأساليب التي تجعله يتعامل بنجاح خارج المحيط الأسري، علما أن نجاح الطفل في هذه المعاملات يوصله إلى تحقيق ذاته كخطوة أساس أولى في سلم تفهم حقيقة علاقته بالآخر، وبناء الإحساس بالانتماء للمجتمع الذي هو عضو فيه.
التنمية العقلية
تتماشى جوانب النمو عند الطفل متكاملة؛ إذ يواكب نموه الانفعالي والجسمي والاجتماعي نموه العقلي. فالطفل غير الآمن لن ينمو اجتماعيا بالصورة المرجوة وبالتالي يضعف نموه العقلي. وتوضح البحوث أن التأخر في النمو العقلي-إن لم يكن مرجعه أسبابا ترتبط بخلقة الطفل وطبيعته الفطرية- فغالبا ما يعزى إلى ضآلة تأثير المواقف التي يتعرض لها وعدم تحفيزها إيّاه على بذل أي نشاط عقلي.
إن مواقف الخبرة التي يمر بها الطفل وتعددها وتنوعها، من شأنها أن تزوده برصيد لغوي كفيل بترجمة اهتماماته.
وحتى يكون النمو العقلي والانفعالي في مرحلة ما قبل التمدرس في الطريق الصحيح، يرى علماء النفس ضرورة توفّر البيئة الاجتماعية المناسبة التي يتفاعل فيها الطفل مؤثرا ومتأثرا، علما أن النمو اللغوي يرتبط مباشرة بتصور المعاني وإدراكها.
من هذا المنطلق، يتعين على المؤسسات التحضيرية أن تهيئ مواقف التعلم و وضعياته بما يسهّل هذه التنمية من تجهيز وثأثيث ومرفقات، ويعدّ الطفل للمرحلة الموالية التي يتعلم فيها القراءة والكتابة والحساب، وذلك بشكل منتظم يسمح له بتوظيفها في أي موقف من مواقف حياته.
بناء على ما تقدم، فإن مساهمة الأسرة في تحقيق أهداف مرحلة ما قبل التمدرس أمر مطلوب بإلحاح، إذ تساعد الأسرة الطفل على:
- تحضيره بيداغوجيا وتربويا بما يجعله أكثر ارتياحا من الناحية النفسية، وقدرة على الصمود في تحقيق أهدافه، وعدم الإخفاق أو الفشل في مساره الدراسي.
- تنمية قدرته في مراحل العمر المقبلة على الإنجاز والإنتاج في حدود استعداداته الفكرية، وإزالة معيقات نشاطه وطموحاته.
- منحه الخبرات والمعارف والمهارات التي تؤهله لممارسة حياته المدرسية (والوظيفية مستقبلا) بكفاءة واعتزام.
فبمثل هذا الدور تستطيع الأسرة أن تنمي في الطفل شخصية مرنة قادرة على التخيل والتحرك الوجداني الذي يظل ينمو معه إلى مرحلة النضج.


المراجع:
1 حنان عبد الحميد العناني عبد الجابر تيم محمد حسن الشناوي، سيكولوجية النمو وطفل ما قبل المدرسة (ط,1 عمان: دار صفاء للنشر والتوزيع، 2001م).
2 ميادة محمد فوزي الباسل، دراسات في تربية الطفل (المنصورة: مكتبة التربية الحديثة).
3 سعيد مرسي أحمد، كوثر حسين كوجك، تربية الطفل ما قبل المدرسة (القاهرة، عالم الكتب، 1991).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.