لعبت الأحداث العاصفة، التي تمر بها المنطقة العربية على مدى الشهور الماضية، دورا كبيرا في استعادة الجمهور العربي اهتمامهم بالإعلام العربي الذي وجد نفسه مطالبا بتقديم صور حية لما يحدث، واضطر أن يخالف قليلا سياسات قديمة اعتاد فيها الإعلام أن يرضي السلطات على حساب الجمهور، فإذا به يجد نفسه وجها لوجه أمام جمهور غاضب يبحث عن الحقائق فقط ويرفض التزييف أو الالتفاف، فهل حقا نجح الإعلام العربي في مهمته؟ وهل كانت الانتفاضات العربية سببا لاستعادة الإعلام العربي المرئي والمكتوب دوره الحقيقي في إعلام وتنمية الوعي الجماهيري العربي؟ أو أنه يحتاج إلى انتفاضات جماهيرية ونخبوية لكي يستعيد دوره الحقيقي؟. بهذه الأسئلة يفتتح رئيس تحرير العربي، الدكتور سليمان العسكري، حديثه الشهري للعدد الجديد من مجلة ''العربي'' الصادر في شهر سبتمبر الجاري بعنوان ''الإعلام العربي بين التوجيه والمصداقية''، متتبعا ما تمر به الصحافة العربية اليوم، وعلى هامش فضيحة التصنت التي هزت إمبراطورية مردوخ الإعلامية في بريطانيا قبل عدة أسابيع. في هذا العدد، تقدّم ''العربي'' أيضا متابعة شاملة لوقائع احتفاء منتدى أصيلة في المغرب بالثقافة الكويتية احتفالا بالعيد الخمسين لاستقلال الكويت، في استطلاع مصوّر تحت عنوان ''الكويت في أصيلة.. المجد للثقافة'' يرصد الفعاليات الثقافية والندوات الرصينة والأنشطة الفنية والحفلات الموسيقية التي عبّرت عن تاريخ الكويت الثقافي، وراهن ما تقدّمه اليوم في مجالات ثقافية وفنية عدّة، وكشفت كيف أنّ الدور الثقافي للكويت كان سببا في ترويج سمعتها في العالم العربي، وهو الدور المنوط بها أن تستعيده تأكيدا على أنّ مستقبل الكويت مرهون كما كان في الماضي بانتعاش الثقافة والفنون والإبداع. وفي ظل سعي الفلسطينيين، هذا الشهر، لإعلان دولتهم من فوق المنبر نفسه الذي وافق على إنشاء دولة الاحتلال الإسرائيلي على أرض مغتصبة منذ ستة عقود، فقد نشرت ''العربي'' في العدد ملفا عن فلسطين يتضمّن مقالا عن أهمية التاريخ الزمني الدنيوي لفلسطين لمكافحة الصهيونية، كتبه المفكر والوزير اللبناني السابق جورج قرم، كما أجرى الكاتب الفلسطيني تحسين يقين تحقيقا صحافيا بعنوان ''الفلسطينيون والدولة.. الشكل والمضمون'' تضمن استطلاع عدد كبير من المحللين السياسيين والمثقفين الفلسطينيين حول الموضوع. وبمناسبة الذكرى 125 لميلاد شاعر تتارستان عبدالله طوقاي، يكتب أشرف أبو اليزيد موضوعا مصوّرا من تتارستان بعنوان ''ربيع طوقاي يتجدّد'' يرصد فيه مظاهر المهرجان الثقافي والفني الذي يواكب الاحتفاء بذكرى الشاعر الذي توفي في ريعان شبابه (تحلّ ذكرى وفاته المائة بعد عامين)، بعد أن ترك تراثا خصبا من الشعر حقّق رواجا كبيرا وترجم من الروسية للعديد من اللغات الأخرى خصوصا التركية والفارسية. وفي ذكرى مرور 40 عاما على وفاة الزعيم جمال عبد الناصر، تنشر العربي مقالا عن الأعمال الفنية في السينما والدراما التي تناولت شخصية عبد الناصر وتقييمها تاريخيا وفنيا، وتحتفي ''العربي'' بذكرى المؤرّخ العراقي الراحل عبدالعزيز الدوري (1919-2010) الذي يعدّ واحدا من أبرز مؤرّخي العرب في القرن العشرين، عبر ملف يتضمّن ثلاث دراسات تعيد قراءة أعمال الدوري لكلّ من مسعود ضاهر والدكتور علي محافظة والدكتورة خيرية قاسمية. وبمناسبة مرور 85 عاما على صدور كتاب ''في الأدب الجاهلي'' لطه حسين، يكتب الدكتور غسان إسماعيل عبد الفتاح موضوعا يعيد فيه قراءة الكتاب في إطار استعادة المشروع الفكري لعميد الأدب العربي، وفي باب ''وجها لوجه'' يلتقي الكاتب والناقد المغربي عبد الرحيم العلام مع الشاعر والكاتب عبد الرحمن الأشعري، الذي حصلت روايته ''القوس والفراشة'' على جائزة البوكر مناصفة في دورتها الأخيرة، ويتناول الحوار عددا من القضايا الأدبية والشعرية الخاصة بمشروع الأشعري من جهة والتي تخص الثقافة في المغرب من جهة أخرى. في الفنون، يكتب الدكتور حسين الأنصاري عن ''الأغنية العربية في ظلال العولمة'' متتبّعا تاريخ الأغنية العربية وراهنها الممثل في أغنيات الفيديو كليب، بينما يكتب أحمد غريب من تورنتو عن شعب ''الإنويت'' الذي يعدّ من السكان الأصليين لكندا، راصدا فنونهم الشعبية البصرية والفنية. يضم العددُ العديد من الموضوعات الأخرى والمقالات لكبار الكتاب، من بينهم الدكتور أحمد أبو زيد، وديع فلسطين وطلعت شاهين والدكتور عبد الله الجسمي وغيرهم، إضافة إلى مقالات البيت العربي وعروض الكتب والأبواب الثابتة من بينها الثقافة الإلكترونية التي ترصد ظاهرة ما يسمى ''الأصولية الالكترونية على الإنترنت'' في مقال بنفس العنوان كتبه إبراهيم فرغلي. وتنشر ''العربي'' في هذا العدد القصص الفائزة في مسابقة قصص على الهواء، والتي قامت بتحكيمها الدكتورة سحر الموجي، وتبث القصص في إذاعة ''بي بي سي'' أيضا.