شدد أعيان وممثلو المجتمع المدني بتمنراست، أمس، في اللقاء الثالث للتشاور حول التنمية المحلية برئاسة رئيس المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي، السيد محمد الصغير باباس، على أهمية مساهمة القدرات المحلية في تسيير شؤون التنمية. وتم التأكيد -في هذا الصدد- خلال الجلسة الثانية والأخيرة من هذا اللقاء الذي خصص للاستماع واستعراض انشغالات واقتراحات الأعيان وممثلي المجتمع المدني المحلي على ضرورة تجاوز المعوقات التي تحول دون مشاركة الفعاليات المحلية في كل ما يتعلق بتسيير ومتابعة شؤون التنمية المحلية. وأشار المتدخلون أن الفعاليات المحلية من أعيان ومجتمع مدني بكل ما يعكسه من تمثيل للشرائح الاجتماعية الحية بكل أطيافها، تتوفر على قدرات بشرية ''هائلة'' بإمكانها أن تساهم ''جنبا إلى جنب'' مع الإدارة في كل ما يتعلق بشؤون التنمية، لاسيما ما تعلق منه باقتراح المشاريع التنموية وتطوير النشاط الجمعوي في الاتجاه الذي يواكب ويدعم مسار التنمية. ويرى عدد من المتدخلين في هذا الخصوص أن من بين المعوقات التي تحول دون بلوغ هذا الهدف ما وصفوه ''بضعف الاتصال'' بين فعاليات المجتمع المدني والإدارة ''مما قلص من فرص إيجاد مساحات للتعاون والتشاور بين الطرفين''. وأكد أعيان وممثلو المجتمع المدني بتمنراست أن ''هذه المبادرة التي كلف بها المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة تشكل توجها جديدا من شأنه أن يساهم في ربط وترقية علاقات التشاور حول كل ما يخص التنمية المحلية بين القاعدة والقمة''، كما ثمن المتدخلون -في نفس الاتجاه- المبادرات التي قامت بها السلطات المحلية بتمنراست بخصوص إنشاء خلايا جوارية على مستوى الأحياء والتي تمكن السكان من فرص الاستشارة حول مختلف مشاريع التنمية وبرامج التهيئة العمرانية بصفة عامة. وتطرق المشاركون في هذا اللقاء -أيضا- إلى وضعية الشباب بصفة خاصة بهذه الولاية و''ما تواجهه هذه الفئة الاجتماعية من معوقات تعترض في كثير من الأحيان مشاركتها في التحولات التنموية التي تشهدها المنطقة''. وجرى التأكيد على ضرورة إعطاء الفرص للشباب من خلال إدماج النخب في تسيير شؤون التنمية المحلية والاستفادة من مستوياتها الثقافية والعلمية وما تتمتع به من تكوين بما يضمن لها مساهمة فعالة في حلقة التنمية المحلية. المنتخبون يدعون لدعم الفلاحة ومن جهة أخرى، شدد منتخبو ولاية تمنراست على أهمية الاستثمار في العنصر البشري لتحقيق الوثبة التنموية المطلوبة، وأوضح هؤلاء أن الاستثمار في العنصر البشري يعد الرهان الحقيقي الذي يعول عليه مستقبلا من أجل بلوغ تنمية محلية فعالة تلبي حاجيات سكان هذه المنطقة وتستجيب لتطلعاتهم، كما دعا هؤلاء إلى تطوير الفلاحة في مناطق الجنوب وتدعيم الفلاحين من خلال إزالة العراقيل التي تعترض نشاطهم قصد الاستجابة لحاجيات المواطن. ركز رئيس المجلس الشعبي لبلدية تمنراست على أهمية هذا التوجه الذي يضمن ترقية واقع الاقتصاد المحلي وتقويته بما يمكنه الاستجابة لانشغالات السكان الاجتماعية والاقتصادية منها. وخلال اللقاء الذي جمع المنتخبين المحليين لتمنراست بوفد المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، الذي يشرف على جلسات التنمية المحلية، أول أمس، ذكر المتحدث -في نفس السياق- بضرورة ترقية واقع الجمعيات المحلية التي تنشط في مختلف المجالات الشبانية والثقافية وغيرها باعتبارها حلقة وصل بين المواطن والسلطات عبر كافة المستويات وتمكنيها من أداء الدور الفعلي المنوط بها باعتبارها خزانا لقدرات بشرية هائلة يمكن استغلالها في مسارات جهود تطوير التنمية المحلية. وثمن المتدخلون مبادرة المجلس الوطني الاجتماعي والاقتصادي في عقد هذه اللقاءات التشاورية حول التنمية المحلية واعتبروها فرصة للمنتخبين المحليين والمجتمع المدني للتعبير عن أبرز انشغالاتهم وبحث سبل إشراكهم في مسار التنمية المحلية. وركز عدد من رؤساء المجالس الشعبية لولاية تمنراست على إشكالية إشراك البلديات في اقتراح المشاريع التنموية ومتابعتها بالشكل الذي يسمح لهم بتلبية حاجيات مواطني هذه الجماعات المحلية. ودعا المتدخلون -أيضا- في هذه الجلسة إلى ضرورة تفعيل بعض القطاعات الحيوية التي تعد محرك التنمية بهذه الولاية وفي مقدمتها قطاع الفلاحة من خلال السعي إلى تطوير هذا القطاع وتمكين الفلاحين من مختلف الآليات التي تسمح لهم بتجاوز الصعوبات التي تعترضهم، وبما يمكن -أيضا- من تثبيت هذه الشريحة في مناطقها الأصلية من أجل تحقيق تنمية مستدامة في هذا القطاع الحيوي. من جهته، أكد رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، السيد محمد الصغير باباس، أن الجلسات الوطنية حول التنمية المحلية المقررة في 22 ديسمبر المقبل بالجزائر العاصمة تكرس ''بداية عهد جديد'' من التسيير المحلي القائم على الحوار. وفي مداخلة له لدى افتتاح هذا اللقاء التشاوري، أوضح السيد باباس أن الجلسات الوطنية التي من المقرر أن تتوج مسارا طويلا من اللقاءات والحوار ستشكل أرضية مقاربة بالنسبة للسلطات العمومية في مجال التسيير المحلي. وسيعتمد هذا الإجراء الجديد أساسا على الإصغاء والحوار الاجتماعي بين الحكومة وكل شركائها من القاعدة إلى القمة دون استثناء بما سيسمح -كما قال- بتكييف أمثل لأدوات التدخل العمومي مع تطلعات السكان من أجل تنمية محلية ومستدامة. وفي معرض حديثه عن المقاربة التي اعتمدها المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي من أجل مباشرة هذا التشاور أشار السيد باباس إلى أن اختيار ولايات أقصى الجنوب من أجل مباشرة هذا المسار ''لم يكن صدفة''، وأكد أن هذه المقاربة تعكس الأهمية التي توليها السلطات العمومية لهذه الولايات كتندوف، إيليزي، تمنراست، أدرار، وبشار التي تشكل حدود أقصى الجنوب الجزائري وصورا منيعا للسيادة الوطنية في قلب إفريقيا، كما صرح المتحدث للمنتخبين المحليين الذين يمثلون -مثلما قال- همزة وصل بين السلطات العمومية والمواطنين، أنه انطلاقا من هذا التصور تعتزم الدولة إشراكهم أكثر في تحديد وتطبيق مختلف السياسات العمومية وكذا رصد وتذليل العقبات التي تعترض جهود التنمية المحلية. وذكر السيد باباس -من جهة أخرى- بأهمية النشاطات التي باشرتها الحكومة خلال السنوات الأخيرة في أقصى جنوب البلاد لفائدة التنمية الاقتصادية والاجتماعية للسكان، مستشهدا بالمشروع الضخم المتعلق بتحويل المياه من عين صالح إلى تمنراست الذي سمح بتسوية نهائية لمشكلة التزويد بالماء الشروب في مجمل المنطقة. وكان السيد باباس قد دعا الحضور إلى المساهمة من خلال تقديم اقتراحاتهم في إيجاد حلول لمختلف الإشكاليات التي تعرفها المنطقة، كما أردف يقول ''يجب أن لا يتحول هذا التشاور إلى مكتب شكاوى، بالفعل لكم انشغالاتكم وتطلعاتكم لكن يجب أن تساهموا في تسوية هذه المشاكل من خلال اقتراحاتكم وأفكاركم''.