عاشت العاصمة المصرية أمس هدوءا حذرا بعد أحد دام خلف مقتل 24 شخصا في مواجهات غير مسبوقة منذ ثورة ساحة التحرير بين تعزيزات قوات الأمن والجيش ومتظاهرين أقباط على مقربة من مقر التلفزيون الرسمي قبل أن تتوسع رقعتها إلى مختلف شوارع القاهرة. واستدعى اشتداد المواجهات لجوء المجلس الأعلى للقوات المسلحة إعلان حالة حظر التجوال في المدينة لمنع تجددها قبل أن يدعو الوزير الأول عصام شرف الحكومة إلى اجتماع طارئ لبحث تداعيات هذا الانزلاق المفاجئ وتبعاته على الوضع الأمني العام في البلاد. وفرضت الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة المصرية إجراءات أمنية مشددة من حول مقار البرلمان بمجلسيه، الشعب والشورى ومبنى مجلس الوزراء بشارع القصر العيني لمنع المتظاهرين من الوصول إليها. وأعادت الأحداث إلى الساحة المصرية مخاوف نشوب مواجهات طائفية بين الأقباط والمسلمين ضمن فتنة غير مسبوقة وكانت أحداث كنيسة القديسين في الإسكندرية في زخم ثورة الشباب المصري التي خلفت مقتل 23 شخصا في اكبر إنذار على هذه الفتنة التي يريد الجميع أقباطا ومسلمين تفادي الوقوع في متاهتها. واندلع فتيل أحداث مساء الأحد عندما خرج مئات الأقباط إلى أمام مقر التلفزيون المصري في ماسبيرو للتظاهر احتجاجا على إضرام النار في كنيسة قبطية بمحافظة أسوان في جنوب البلاد مما أدى الى اندلاع مواجهات بين قوات الجيش والشرطة وأبناء الطائفة القبطية وتم حرق عشرات السيارات المتوقفة في شوارع القاهرة ومدرعات الجيش والشرطة. ولم تعرف إلى حد الآن الأسباب الحقيقية التي أدت إلى اندلاع المواجهات رغم أن المسيرة التي نظمها عشرة آلاف قبطي انطلاقا من حي شبرة باتجاه مقر التلفزيون العمومي في قلب مدينة القاهرة نظم للمطالبة بإقالة محافظ أسوان اللواء مصطفى السيد ومدير أمن المحافظة اللواء أحمد ضيف صقر احتجاجا على أحداث قرية الماريناب بمركز إدفو في أسوان. بينما أكدت بعض المصادر أن الأحداث تسبب فيها مشاغبون قاموا برشق قوات الأمن بالحجارة التي ردت بإطلاق أعيرة نارية في الجو والقنابل المسيلة للدموع لتفريق المتظاهرين. وأحدثت المواجهات طوارئ في أعلى هرم السلطات المصرية وجعلت الوزير الأول المصري يدعو المسلمين والأقباط على السواء إلى التعقل والحكمة وعدم الانسياق وراء الدعوات المنادية لتأجيج الأوضاع. وقال إن الأحداث الدامية ليست مواجهات بين المسلمين والأقباط وإنما محاولات لزرع الفوضى بين مكونات الشعب المصري في تمليح واضح باتجاه حزب التجمع الوطني الذي يريد العودة إلى الواجهة بعد الإطاحة بنظام الرئيس حسني مبارك. وقال إن اخطر ما يمكن أن يهدد امن الأمة يبقى المساس بالوحدة الوطنية والتسبب في أحداث انشقاق بين المسيحيين والمسلمين أو بين الشعب والجيش. وقال إن المواجهات عبارة عن مؤامرة لإبعاد مصر عن إجراء اول انتخابات نيابية لمرحلة ما بعد مبارك والمقررة ليوم الثامن والعشرين من الشهر القادم. وهو ما أكد عليه البابا شنودة الثالث بابا الأقباط الارثوذوكس المصريين الذي أشار إلى أن المواجهات حركها مندسون مجهولون اقترفوا تلك الجرائم ضد قوات الأمن وحملت مسؤوليتها على الأقباط. ومن جهته دعا احمد الطيب إمام مسجد الأزهر الشريف أعضاء الأسرة المصرية وهي منظمة تضم رجال الدين الأقباط والمسلمين في مسعى لاحتواء الأزمة. وفي محاولة لتهدئة الوضع طالب المجلس الأعلى للقوات المسلحة حكومة عصام شرف إلى تشكيل لجنة مختصة للقيام بتحقيق فوري واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد كل شخص يدان بالتورط في الأحداث سواء بالمشاركة أو التحريض. وكانت قيادة الجيش المصري التي تضمن أيضا تسيير المرحلة الانتقالية عقدت اجتماعا طارئا غداة هذه الأحداث وأكد على إثرها أن الأحداث الطائفية اندلعت بسبب مساعي البعض من اجل تدمير أسس الدولة المصرية وزرع الفوضى الشاملة وهو ما جعله يؤكد أن الجيش سيتحمل مسؤولياته وسيتخذ الإجراءات الملائمة لاستعادة الهدوء والاستقرار.