ألح السيد الطيب بلعيز وزير العدل حافظ الأختام على تمسك الحكومة بمنح المرأة تمثيلا بنسبة 30 بالمائة في المجالس المنتخبة في مشروع القانون العضوي المتعلق بتوسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. متسائلا عن الأسس التي قدمتها اللجنة التي عدلت مشروع القانون على مستوى الغرفة السفلى للبرلمان والتي عارضت هذه النسبة مقترحة تخفيضها إلى 20 بالمائة مبررة ذلك ب''احترام تدرج المرأة في السياسية ومراعاة الأعراف''، حيث قال الوزير إن هذه الأسس غير مقبولة في زمن تمكنت فيه المرأة من تحقيق نجاحات وتولي مناصب عمل صعبة بكثير عن ممارسة السياسة وان الحكومة تعارض تعديل اللجنة. رد السيد بلعيز ردا مقنعا وساخنا على النواب الذين رفضوا مشروع القانون العضوي الخاص بتوسيع تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة وطالبوا بتخفيض نسبة تمثيلها عن تلك التي تضمنها نص المشروع الأصلي. حيث أشفى الوزير غليل النساء اللواتي لهن طموح سياسي ودافع بشدة عن مشروع القانون الذي كلفه رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بتحضيره في الثامن مارس سنة .2008 وفي حديثه عن الأسباب التي دفعت إلى اقتراح هذا المشروع والتمسك أكد السيد بلعيز أنه لا يوجد أي نص أو حكم في العهدة التشريعية أو القانونية وفي جميع الدساتير المتعاقبة يفرق بين المرأة والرجل، بحيث نصت كل الدساتير بوضوح أن كل المواطنين والمواطنات متساوون في الحقوق والواجبات وهو ما تؤكده المادة 29 والمادة 30 من الدستور التي تنص على ''مساواة كل المواطنين أمام القانون وتجبر جميع المؤسسات على ضمان هذه المساواة بين المواطنين والمواطنات في الحقوق والواجبات والسماح بالمشاركة الفعلية في الحياة السياسية، الاقتصادية، الاجتماعية والثقافية''. وعبر المسؤول الأول عن قطاع العدالة عن أسفه لعدم تطبيق هذه المادة ميدانيا، مشيرا إلى أنه من غير المعقول وجود ثلاث نساء رئيسات بلديات ولا امرأة واحدة رئيسة مجلس شعبي ولائي، وسبع نساء فقط معينات في البرلمان بعد 50 سنة من الاستقلال، كما اعتبر الوزير وجود 30 امرأة نائبا بالمجلس الشعبي الوطني فقط من بين 389 مقعدا رقم ضئيل بالرغم من أن المرأة تمثل 53 بالمائة من المجتمع، الأمر الذي جعل الجزائر تحتل مرتبة غير لائقة بها على الإطلاق في الاتحاد الدولي للبرلمانات. وفي معرض حديثه عن هذه الوضعية التي وصفها ب''الكارثية'' أكد السيد بلعيز أن الدولة لا يمكن أن تبقى ساكتة على هذا الإقصاء و''لا يمكن أن تترك نصف المجتمع مشلولا ومهمشا'' ولا تبقى مكتوفة الأيدي أمام هذا الإجحاف ولا عدل ولن تسكت عن عدم تنفيذ قوانينها ودساتيرها على حد قول الوزير الذي تحدث عن وجوب وضع ميكانيزمات لجعل هذه القوانين تنفذ لأنها لم تنفذ طواعية. وفي هذا الموضوع أكد المتحدث وجوب استكمال المادة 30 من الدستور المذكورة سابقا بالمادة 31 مكرر للإجبار على تطبيق المادة 30 فعليا وهي المادة التي صادق عليها نواب المجلس الشعبي الوطني الحالي وألزموا الحكومة بموجبها بوضع قانون عضوي يعالج هذه المسألة المتمثلة في توسيع مشاركة المرأة في السياسة. وهي المناسبة التي تعجب من خلالها الوزير من تناقض بعض النواب الذين صادقوا على هذه المادة والذين يطالبون اليوم بتخفيض نسبة تمثيل المرأة في المجالس المنتخبة. وقال المتحدث إن 87 دولة في العالم تمنح للمرأة ما يتراوح بين 20 و50 بالمائة في المجالس المنتخبة، غير أن النسبة الأكثر تداولا هي 30 بالمائة حتى يكون للمرأة دور في تفعيل القرارات السياسية. حيث ذكر أن الحكومة في هذا المشروع اقترحت 30 بالمائة لكل حزب سياسي وحتى للأحزاب الجديدة وإلا ترفض قائمتها من المشاركة في الانتخابات. واستغرب الوزير التبريرات التي لجأت إليها اللجنة القانونية والحريات بالمجلس الشعبي الوطني عند إجرائها تعديل على مشروع القانون وتخفيض نسبة تمثيل المرأة إلى 20 بالمائة عوض 30 بالمائة، مرجعا ذلك إلى ما أسمته ب''احترام التدرج ونزولا عند الأعراف''. ورد الوزير على تبريرات اللجنة التي تتحدث عن التدرج بأن الجزائر سجلت رجوعا إلى الوراء في هذا المجال حيث كانت تسجل عشر نساء معينات في مجلس الأمة بعد الاستقلال مباشرة، أما اليوم فلا يوجد بهذا المجلس سوى سبع نساء معينات. أما في حديثه عن الأعراف والموروث الاجتماعي الذي ينظر للمرأة دائما قاصرا وليست أهلا للمسؤولية، وفي هذا الصدد رد الوزير على أعضاء اللجنة بأن ممارسة السياسة ليست بالمستحيل أو الأمر الصعب على المرأة التي تقلدت مناصب عليا في الجيش، القضاء، التعليم، الطب وغيرها من المهن الأخرى. وتساءل الوزير ''لماذا نثق في المرأة التي تقود الطائرة ونركب معها في آمان، ولا نثق في المرأة في السياسة، هل السياسة أصعب من قيادة الطائرة''. وأضاف المتحدث أن الجزائر تعيش ضمن مجموعة من دول العالم ولابد من أن تساير التحولات التي يعرفها هذا العالم ولا يمكنها أن تعيش في معزل عنها. أما في حديثه عن نظام الحصص في الانتخابات فأكد وزير العدل أن الحكومة ليست ضد العمل بنظام المناصفة أي منح المرأة 50 بالمائة والرجل 50 بالمائة في القوائم الانتخابية، غير أن المناصفة تحتم وجود قانون يجبر على ترتيب الأشخاص معناه وضع رجل ثم مرأة وهكذا دواليك حتى نهاية القائمة. وفي معرض حديثه، ذكر السيد بلعيز أن اللجنة التي تشكلت بأمر من رئيس الجمهورية قامت بدراسة كل هذه الجوانب ورأت أن ''الجزائر قابلة لتطبيق نظام المناصفة ولا تعارضه، لكن لابد من أن نبدأ بالأمر الممكن أي نظام الحصص''. حيث استدل الوزير بوجود 87 دولة في العالم تعتمد نظام الحصص كونه حقق نتائجا معتبرة. وأفاد السيد بلعيز أن نظام الحصص هو نظاما مؤقتا يسهل للمرأة الوصول للسياسة، موضحا أن هذا النظام لا يزول إلا عندما نصل إلى تكافؤ الفرص بين المرأة والرجل. وفي رده عن انشغالات بعض النواب الذين اقترحوا على الدولة منح إعانة مالية للحزب الذي تحصل على اكبر نسبة من المقاعد في الانتخابات فقال الوزير أن هذه المساعدة موجودة حاليا، لكنها ليست إجبارية بل إجراءات تشجيعية. أما فيما يخص البلديات التي لا يتجاوز عدد سكانها 20 ألف نسمة والتي لا تطبق المادة التي تنص على منح المرأة نسبة 30 بالمائة في قوائمها الانتخابية لا ترفض قوائمها لكن هذا لا يعني أنها لا ترشح نساء على الإطلاق. من جهة أخرى أكد الوزير أن الأحزاب السياسية لها الحرية في ترتيب مترشحيها كما تريد في القائمة الانتخابية لأن أغلبية الناخبين ينتخبون على الحزب وعلى برنامجه وليس على المترشح.