تمتد زرقة البحر على طول سواحل الجزائر مشبعة بأشعة الشمس التي تنير المحروسة (القصبة)، مسلطة ضوءها على تاريخ لا يقبل الزوال. زرقة البحر هي المحور الرئيسي للمعرض الذي تقيمه الفنانة فراح لادي الى غاية 31 اكتوبر بمركز التسلية العلمية بالعاصمة، والذي يحمل عنوان »زجاج البحر«... تضمن العدد مجموعة جديدة من أعمال الفنانة، أرادت من خلالها صنع المفاجأة بتشكيل لوحات ضاحكة بألوان المتوسطة. فراح خريجة معهد الإيكولوجيا البحرية متأثرة كعادتها بزرقة البحر، لذلك فهي لا تكف عن الغوص في أعماق المتوسط بفضل قدرة مخيلتها وإبداعها، معطية دوما وقفة من التجديد، والباحثة دوما عن آفاق جديدة أجمل وأعمق. تركز فراح على الساحل العاصمي لتبحر من خلاله الى اللانهاية مستعملة الأنوثة والجمال الذي لا يختلف على قيمته اثنان، كما تعطي رقيا واضحا من خلال انطباعها على ما تقدم، خاصة عندما ترسم بأسلوب أفقي كأنها تشاهد منظر البحر من أعلى الآفاق. بارعة هي فراح، خاصة في حركة الذهاب والمجيء عبر اللوحة مستغلة تلك اللوحة من الوجهتين (وجه وظهر).. علما أنها من الزجاج. تنتعش تلك اللوحات بالضوء والزهور الفواحة المعبرة عن سريان الحياة وعنفوانها. تتميز الأعمال بأشكالها المستمدة من أسلوب المنمنمات والمركبة بخيوط وأبعاد حرة موضوعة في قلب اللوحة ببناء متكامل متجانس. يطغى الأزرق على ال 30 لوحة المعروضة ذات الحجم المتفاوت، والتي تحكي في أغلب الأحيان أساطير قديمة من تراث المحروسة. تبرز اللوحات أيضا بعض الرموز (منها البربرية) التي توحي الى المرأة ك ''الخامسة'' و''يد فاطمة''، هذه الأخيرة التي كلها إبداع و''صنعة'' قادرة على العطاء. نقشت على بعض اللوحات أسماء نسائية عريقة معروفة في العاصمة منها ''الياقوت''، ''حجلة'' و''رقية'' و''خداوج''، و''العلجة''. حرصت الفنانة على إبراز البحر في كل حالاته، أي في هدوئه الذي يمثل بالنسبة لها الإخلاص والسلام، بينما ترى في هيجانه حيوية تعكس النبض القوي للجزائر القديمة، وتعكس أيضا الثورة ضد النسيان والانفعال لهذه المدينة من طرف أبنائها إذا ما تم التخلي عن تراثها سواء المادي منه أو اللامادي.