أجمعت عدة أحزاب على ضرورة أن يتضمن القانون المتعلق بفتح القطاع السمعي البصري للخواص ضوابط محددة وشفافة تساهم بصورة فعالة في ترقية الديمقراطية واحترام الرأي والرأي الآخر ومنع أصحاب الأموال من احتكار هذا القطاع. وقد تباينت آراء ومواقف الأحزاب فيما يتعلق بامتلاكها لقنوات تلفزيونية وإذاعات، حيث يرى البعض منها أنه لابد أن تبقى الأحزاب بعيدة عن هذا القطاع، بينما ترى أخرى أنه لا يوجد ما يمنع هذه الأخيرة من امتلاك هذه الوسائل ما دامت تلتزم باحترام البنود الخاصة بدفتر الشروط الذي ينظم هذا المجال. وفي هذا الإطار، أكد القيادي بحزب العمال السيد جلول جودي أن حزبه من حيث ''المبدأ لا يرى أي مانع من امتلاك الأحزاب لوسائل إعلام بشرط أن تلتزم باحترام دفتر الشروط والمعايير التي يتضمنها القانون المتعلق بهذا القطاع. وألح السيد جودي على ضرورة وضع ضوابط وأطر قانونية محددة المعالم تجعل هذا القطاع بعيدا عن كل احتكار من قبل ''جماعات المصالح'' وتساهم في إحداث تنافس فكري بشأن انشغالات المجتمع ومصالحه. ونظرا لأهمية وحساسية هذا الموضوع فقد أكد مسؤول الإعلام بحزب جبهة التحرير الوطني السيد قاسة عيسى أهمية فتح نقاش عام تشارك فيه الأحزاب والشخصيات الوطنية والمختصون وذلك قصد إيجاد ''ميكانيزمات وأطر قانونية تحدد مهام ودور الإعلام السمعي البصري الخاص في تنشيط الحياة الإعلامية والسياسية في الجزائر وتكريس الديمقراطية وصيانة الحريات والدفاع عن المصالح الاستراتيجية للوطن''. وأضاف أنه لا بد من ''وضع دفتر شروط يضبط هذا القطاع ويأخذ بعين الاعتبار تجربة 20 سنة من الصحافة المكتوبة الخاصة''، مبرزا في هذا المجال أهمية تقيد القنوات الخاصة المزمع منحها الترخيص بعد المصادقة على القانون المتعلق بفتح قطاع السمعي البصري بالضوابط الدينية والثقافية التي تحكم المجتمع الجزائري والابتعاد عن كل أشكال التزييف الإعلامي والترويج لبرامج انتخابية''. وفيما يتعلق بإمكانية امتلاك الأحزاب لقنوات لتفزيونية وإذاعات يرى السيد عيسي أن الأحزاب لا تتوفر على الوسائل المادية التي تسمح لها بإنشاء قنوات تلفزيونية وإذاعات، مؤكدا بأن المنطق السياسي يفرض عدم ''تحزيب هذا القطاع حتى لا ينحرف عن مساره الإعلامي الحيادي''. وفي هذا الإطار، يرى السيد محمد حديبي المكلف بالإعلام بحركة النهضة بأن فتح المجال أمام القطاع الخاص للاستثمار في مجال السمعي البصري ''لا بد أن يكون أداة لجمع الجزائريين وليس لتفريقهم ولتجسيد الديمقراطية وحماية الحريات ومراقبة أداء الحكومة والمجالس المنتخبة''. وأشار ذات المسؤول إلى أن القنوات الخاصة لا بد أن تكون ''فضاء واسعا وحرا لتنافس الأفكار والبرامج ومركز إشعاع لنشر ثقافة الحوار وتهذيب المجتمع والتكفل بانشغالات الشعب والدفاع عن مصالح الوطن ومحاربة كل الآفات''. وأشار إلى وجوب إجراء تحقيق بشأن تمويل وسائل الإعلام هذه قبل منح الترخيص لها ''حتى لا تكون أداة لأصحاب المصالح أو الجهات الخارجية التي لها أجندة خاصة''. وبدوره أكد السيد موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية على ضرورة وضع ضوابط لتنظيم وتسيير هذا القطاع الهام حتى ''لا ينغمس في الفوضى الإعلامية التي لا تخدم الديمقراطية''، معبرا عن رفضه ل''فتح هذا القطاع أمام كل من هب ودب من أصحاب المال الذي تحوم الشكوك حول مصدره''. وفي هذا الإطار، أضاف المسؤول الأول للأفانا قائلا إن المنطق يستوجب وضع قانون شفاف يحدد كيفية تسيير القنوات التلفزيونية الخاصة و''دورها في الدفاع عن مقومات الشعب ومصالحه''. كما أكد على وضع ''مدونة لأخلاقيات المهنة'' تحدد مسؤولية مالك القناة ومنع أصحاب الأموال من احتكار هذا القطاع لتحقيق مآربهم السياسية والاقتصادية. وضمن هذا السياق، شدد مسؤول الإعلام بحركة مجتمع السلم السيد محمد جمعة على ضرورة وضع قيود ''تمنع هيمنة أصحاب الأموال على القطاع السمعي البصري وجعله في خدمة مصالحهم الشخصية على حساب التعددية الإعلامية والسياسية''. وقال المتحدث أنه لا بد أن تكون القنوات التلفزيونية الخاصة ''حلقة وصل بين الأحزاب والشعب وفضاء للتنافس الفكري والسياسي والثقافي بين مختلف القوى الحية لبناء مجتمع تعددي يحترم الرأي والرأي الآخر''، مبرزا أهمية قيام هذه الوسائل ب''الكشف عن النقائص في التسيير ومحاربة كل أشكال الرشوة والفساد''. ومن جهته، يرى السيد ميلود شرفي الناطق الرسمي باسم التجمع الوطني الديمقراطي بأن القطاع السمعي البصري الخاص يجب أن ''يكون أداة للتعبير ولتبليغ اهتمامات وانشغالات المجتمع ومرافقة المشاريع الكبرى والإصلاحات وتقديم البدائل الإيجابية للمشاكل المطروحة''. وألح المتحدث على أهمية ''المزج بين الطاقات الشابة من أهل المهنة والمستثمرين الخواص حتى يحصل التكامل لصالح التعددية السياسية والاعلامية والديمقراطية''، مطالبا بعدم ''تحزيب القنوات التلفزيونية والإذاعية والتزامها بالحياد خلال المعالجة الإعلامية للأخبار''. أما حزب جبهة القوى الاشتراكية فقد اعتبر على لسان أمينه الأول السيد كريم طابو بأنه ''لا توجد أية إرادة سياسية لجعل القطاع السمعي البصري الخاص يلعب دوره وفقا للمعايير المتعارف عليها دوليا ولتجسيد إصلاحات تسمح بحدوث تغيير في الجزائر''. ورفض المكلف بالإعلام بالتجمع من أجل الثقافة والديمقراطية الإدلاء برأيه بخصوص دور القطاع السمعي البصري الخاص في تجسيد التعددية الإعلامية والسياسية في الجزائر.