تصنع الأطباق التقليدية الجزائرية على غرار طبق ''البوزلوف''، و''العصبان''، و''الدوارة''، زينة الموائد خلال الأيام الأولى من عيد الأضحى المبارك، وعلى الرغم من تمسك بعض العائلات الجزائرية بهذه الأطباق التي تعتبر جزءا من التقاليد، نجد أخرى تتجنب طبخ مثل هذه الأطباق بسبب عزوف بعض أفراد الأسرة عن تناولها، خاصة الشباب والأطفال الذين يميلون الى كل ما هو مقلي أو مشوي. ''الأطباق التقليدية كالبوزلوف والدوارة هي من تقاليدنا، نشأنا فوجدنا أهلنا يحضرونها خلال العيد الأضحى بالذات ولا يمكننا ان نتجنب طبخها حتى وان لم يأكلها أبناؤنا''، هي ذات الجملة التي جاءت على لسان عدد كبير من ربات البيوت اللواتي استجوبتهن ''المساء''، فهذه الحاجة ربيعة قالت '' بعد ان ننتهي من ذبح أضحية العيد نعد وجبة الغذاء التي تتكون غالبا من البطاطا المقلية وطبق الكبد والقلب المقلي والمرفق لها، ونعد في ذات الوقت طبق الدوارة الذي نحضره لوجبة العشاء''، وعلى الرغم تضيف المتحدثة من رفض أبنائنا أكل الدوارة إلا أننا لا نستغني عنها لأنها من التقاليد المتوارثة. بينما حدثتنا مواطنة أخرى عن أهمية الأطباق التقليدية قائلة '' تعودنا عند حلول عيد الأضحى على طبخ أطباقنا المعتادة، فالأطباق يوم العيد لا تناقش حتى وان لم تؤكل، غير أن أكثر ما يتم طبخه هو المشوي والمقلي حتى أني اضطر في بعض الأحيان الى إخفاء بعض القطع من اللحم حتى لا يفسدها أبنائي الذين يكثرون من أكل المقلي والمشوي طيلة الأيام الأولى من العيد''. أما السيدة كريمة حدثتنا قائلة '' عندما يحل علينا عيد الأضحى يحذرني زوجي من طبخ الأطباق التقليدية ويقول لي بصريح العبارة : لا آكل في العيد غير المشوي او المقلي لذا لا تتعبي نفسك في الطبخ''. وتعلق المتحدثة قائلة ''على الرغم من أني أحب طبخ البوزلوف إلا أني اضطر الى تنظيفه وإخفائه حتى يمر العيد بعدها اطبخه ومع هذا أجد نفسي الوحيدة التي تأكل منه، لان أولادي هم أيضا يميلون الى أكل كل ما هو مشوي''. اقتربت ''المساء'' من الفئة الشابة لمعرفة سبب امتناعها عن تناول بعض الأطباق التقليدية، حيث صبت إجابة معظم المستجوبين في أنهم يميلون أكثر الى كل ما هو مقلي او مشوي، لان الأطباق التقليدية على غرار البوزلوف او الدوارة تأتي غنية بالدهون وهي عموما أكلات يحبها الكبار في السن، ويقول كمال أن ميل أفراد عائلته الى أكل المشوي جعل أضحية العيد للسنة الماضية تنتهي في ظرف أربعة أيام، بينما حدثتنا الآنسة مريم ان والدتها ''بعد ان تأكد لها ان ما تقوم بطبخه في أيام العيد لا يؤكل باتت هي الأخرى تتجنب الطبخ وتشاركنا في قلي اللحم الشهي''. الميل الشديد لتحضير لحم أضحية العيد على شكل شواء او عن طريق القلي، دفعنا الى الحديث مع الآنسة كفان وفاء طبيبة بمستشفى بولوغين، التي رأت انه من الضروري تنبه العائلات الجزائرية الى جملة من القواعد التي ينبغي مراعاتها عند التعامل مع أضحية العيد بحكم ما تستقبله المستشفيات من حالات مرضية عقب العيد مباشرة، والتي تخص في مجملها سوء الهضم، حيث قالت '' تخطئ بعض العائلات الجزائرية عندما تميل الى طبخ العديد من الأطباق التقليدية خلال الأيام الأولى من العيد وتحث أبناءها على أكلها، وتنسى انه ينبغي التأني وعدم الإكثار من هذه المادة الغذائية التي تتحول الى نقمة على الصحة، خاصة وان الأطباق المتعارف عليها كالبوزلوف والدوارة تأتي غنية بالدهون، ما يثقل المعدة وقد يؤدي في بعض الحالات الى سوء الهضم، خاصة ان تم تناول كميات كبيرة منها''. أما بالنسبة لكل ما هو مشوي او مقلي من لحم الأضحية، فتحذر ذات المتحدثة من قلي اللحم او شويه على الفحم خلال اليوم الأول من ذبح الأضحية لكونه العدو الأول للمعدة، لذا ينبغي تجنب أكله الى غاية اليوم الموالي من ذبح الأضحية أي بعد ان تجف، الى جانب الأكل بتأن والمضغ الجيد حتى يتسنى للمعدة هضم الطعام جيدا لتجنب التعقيدات الصحية التي يمكن ان تحدث، هذا دون ان ننسى، تضيف المتحدثة '' ضرورة طبخه جيدا، فمن خلال الحالات التي وقفنا علينا في الأعياد السابقة تبين لنا ان السبب الرئيسي وراء حالات القيء أو الإسهال التي تصيب المرضى الذين يقصدون المستشفيات عشية العيد، يعود بالدرجة الأولى الى عدم الطبخ الجيد للطعام، الأمر الذي يصعب مهمة المعدة ويجعل عملية الهضم بطيئة وبالتالي يصاب الشخص بما يسمى بسوء الهضم''. ومن جهتها حدثتنا الطبيبة ''صليحة. ب'' التي التقتها ''المساء'' بمستشفى بولوغين قائلة '' تدفع أضحية العيد ببعض العائلات الجزائرية الى سوء التعامل مع اللحم، فتكثر من الأكل والنتيجة تراكم الأغذية بالمعدة وانتفاخ البطن، وبالتالي التعرض الى ما يسمى بتلبك المعدة أو عسر الهضم، الذي تصاحبه حالة إسهال حادة قد تجعل الشخص حبيس المستشفى لعدة أيام، وان كان بالإمكان تجاوز الأمر بالنسبة للبعض فقد يتحول لحم أضحية العيد الى خطر كبير على بعض الأشخاص المرضى، خاصة المصابين ببعض الأمراض المزمنة كمرضى القلب، فالمبالغة في تناول الأطباق التقليدية، خاصة طبق البوزلوف قد يتسبب لهم في ارتفاع نسبة الدهون في الأوعية الدموية وبالتالي ارتفاع في ضغط الدم. كما تنصح المتحدثة المصابين بأمراض السكري بتوخي الحذر وعدم الإكثار من تناول اللحوم، خاصة نصف المشوية أو التي تحوي نسبة كبيرة من الشحم لأن ذلك من شأنه ان يؤدي الى ارتفاع نسبة الكلستيرول الذي يؤثر على الأعضاء ''النبيلة'' بالجسم كالقلب والمخ والكلى. وتختم محدثتنا كلامها قائلة '' إن الأطباق التقليدية التي تعرف بها العائلات الجزائرية واللحوم المشوية والمقلية، إذا لم تطبخ جيدا قد تشكل خطرا حقيقيا على صحة الأفراد، لذا ينبغي التعامل بعقلانية مع أضحية العيد'' فالصحة تاج على رأس الأصحاء لا يراه إلا المرضى.. عيد مبارك.