صادق أعضاء مجلس الأمة أمس على قانون المالية والميزانية لسنة 2012 بالإجماع في جلسة علنية عرفت نقاشا حادا بين رؤساء الكتل البرلمانية الذين جدّدوا تثمينهم للإجراءات المدرجة في هذا القانون الذي سيساهم في تحقيق تنمية اقتصادية شاملة. وجاء التصويت على قانون المالية والميزانية لسنة 2012 في جلسة علنية ترأسها رئيس مجلس الأمة السيد عبد القادر بن صالح وحضرها وزير المالية السيد كريم جودي ووزير العلاقات مع البرلمان السيد محمود خذري. وحظي هذا القانون بتصويت أعضاء المجلس بعد مناقشة الكتل البرلمانية للاجراءات المدرجة فيه لاسيما المتعلقة بالاعفاءات الضريبية والجبائية والميزانيات المالية المخصصة لكل قطاع، فيما رحّب غالبية أعضاء المجلس بقرار منع استيراد الألبسة المستعملة (الشيفون) في إطار المادة الجديدة 71 مكرر3 باقتراح من الحكومة حفاظا على المنتوج الوطني وتطهير السوق الوطنية من هذه الألبسة التي أضحت تشكل خطرا حقيقيا على صحة المستهلك. كما تمت المصادقة على وثيقة التعديلات التي أدرجت على قانون المالية والميزانية لسنة .2012 ويتوقع نص قانون المالية لسنة 2012 الذي خلا من أي زيادة في الضرائب أو الرسوم إيرادات في ميزانية الدولة ب6ر3455 مليار دج بزيادة ب8 بالمائة مقارنة بقانون المالية التكميلي لسنة 2011 ونفقات بلغت 7ر7428 مليار دج متراجعة بأزيد من 10 بالمائة. كما يتوقع أيضا عجزا إجماليا للميزانية يقدر ب4ر25 بالمائة من الناتج الداخلي الخام مقابل معدل متوقع في 2011 بحوالي 34 بالمائة ناتج أساسا عن تقليص نفقات الميزانية سعيا لعقلنتها رغم الارتفاع المتوقع للإيرادات. وارتكزت ميزانية الدولة لسنة 2012 على سعر مرجعي جبائي لبرميل النفط عند مستوى 37 دولارا للبرميل وسعر صرف بحدود 74 دج للدولار الواحد ونمو قدره 7,4بالمائة ونسبة تضخم عند 4 بالمائة. كما تضمن قانون المالية 2012 جملة من الإجراءات لصالح المؤسسة والاستثمار دون اللجوء الى فرض ضرائب أو رسوم جديدة. ويقترح القانون إلغاء الجباية المطبقة على القمح الصلب المستورد، حيث سيعفى هذا الأخير من الضريبة المفروضة عليه في قانون المالية 2010 عندما يكون سعر القنطار المستورد اقل من السعر المطبق في السوق المحلية. كما يقترح إلغاء الضريبة على القيمة المضافة وتخفيض الحقوق الجمركية من 30 بالمائة الى 5 بالمائة على حليب الأطفال الطبي الخاص. وسيعفى أصحاب النشاطات أو المشاريع القابلة للمساعدة من طرف الصندوق الوطني لدعم القروض المصغرة من الرسم على النشاط المهني. ومن جانبهم سيستفيد الخبازون من خفض الضريبة الجزافية الموحدة من 12 الى 5 بالمائة وإلغاء الضريبة على النشاطات الملوثة أو التي تشكل خطورة على المحيط على اعتبار أن هذا النشاط لا يعد نشاطا ملوثا. وينص القانون أيضا على تخفيض ضريبة التوطين البنكي بنسبة 3 بالمائة على عمليات إعادة التأمين وهذا بهدف تقليل أعباء شركات التأمين التي تأسست بموجب القانون الجزائري اضافة الى إعفاء البنوك والمؤسسات المالية التي تنجز عمليات اقتناء تتعلق بعقود القروض الايجارية من الرسم على القيمة المضافة. كما سيقوم الصندوق الوطني لتطوير الصيد وتربية الأحياء المائية بالتكفل بالنفقات المتعلقة بدعم الصيادين خلال فترة الإغلاق البيولوجي الاجباري فيما سيقوم صندوق ترقية التنافسية الصناعية بتغطية النفقات المتعلقة بإنشاء المناطق الصناعية. وفي إطار ترقية وسائل الإعلام سيتم التكفل -حسب نص القانون- بالمصاريف المتعلقة بنشاطات التكوين وتحسين مستوى الصحفيين والمتدخلين في مهن الاتصال من خلال صندوق دعم أجهزة الصحافة المكتوبة والسمعي البصري والالكترونية ونشاطات التكوين. ومن جهة أخرى تضمن قانون المالية لسنة 2012 العديد من التدابير الجبائية الأخرى منها رفع الحصة من مداخيل الجباية البترولية المخصصة للصندوق الوطني لاحتياطات التقاعد من 2 إلى 3 بالمائة. وفي نفس الإطار تم تخصيص مداخيل التنازل عن الاستغلال السياحي للشواطئ خلال موسم الاصطياف لفائدة البلديات الموجودة في الساحل. وللتذكير، فقد أكد وزير المالية السيد كريم جودي أول أمس الثلاثاء أن الأزمة المالية الميزانية في بعض بلدان جنوب أوروبا سيكون لها انعكاسات على المداخيل الجزائرية من المحروقات على المدى المتوسط مما يستدعي تبني ''نظرة جديدة'' حول دور ميزانية الدولة في تمويل الاقتصاد. وأوضح السيد جودي على هامش جلسة علنية لمجلس الأمة انه ''خلال السنوات الثلاث أو الأربع المقبلة ستكون انعكاسات للأزمة على الإيرادات الخارجية للبلاد وبالتالي أصبح من الضروري تبني نظرة جديدة لدور الميزانية في تمويل الاقتصاد''. كما أشار الى أن الإجراءات التي اتخذتها الثلاثية في ماي الأخير تندرج في هذا الإطار بما أنها ترمي الى تعزيز دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الإنتاج المحلي وتحقيق النمو خارج مجال المحروقات. ولدى تطرقه لإحدى تلك الإجراءات المتمثلة في إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تسديد الفوائد الخاصة بالبنوك أشار الى أن ذلك المسعى ''لن يكون له تأثير على توازن البنوك التي تلجأ للمدخرات'' من اجل تغطية النقص المسجل. وأكد إن الدعم الأخر الذي استفادت منه المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عبر الإعفاء من نسب الفائدة وبعدها تخفيضها سيكلف حوالي 55 مليار دج منها 53 مليار دج خاصة بتكفل الخزينة بالفوائد خلال فترة الإعفاء وملياري دج خاصة بالتخفيض.