سلط اليوم الدراسي حول ''تعزيز الروابط بين البرلمان والمجتمع المدني /مشاركة الشباب'' المنعقد، أمس، بإقامة الميثاق بالتعاون مع البرنامج الانمائي للأمم المتحدةبالجزائر، الضوء على المقاربة التي يفترض أن تؤطر هذه العلاقة بتبني إطار تشريعي كفيل بإرساء نظام ديمقراطي تشاركي، يلعب فيه الشباب دورا هاما باعتباره ركيزة المجتمع. وإذ أجمع المشاركون على أهمية إرساء الميكانيزمات الضرورية من أجل تفعيل هذه العلاقة بالاستفادة من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، فقد فتحت مداخلات البرلمانيين الجزائريين باب التفاؤل من أجل ترجمة هذه الإرادة على أرض الواقع في ظل المشاورات التي أطلقت بخصوص الإصلاحات التي أولت أهمية للجانب المتعلق بالشباب. وفي هذا الصدد، أشار السيد كمال بوناح، نائب رئيس مجلس الأمة أن الجزائر انطلقت دون رجعة في تجسيد الإصلاحات التي بادر بها رئيس الجمهورية بهدف تدعيم دولة الحق والقانون وتقوية مؤسساتها وتطوير نموها الاقتصادي بما يستجيب لتطلعات الشعب. وأضاف في هذا الصدد أن التعاون بين المنتخبين والمجتمع المدني يعد أحدى الوسائل الأكثر ملاءمة لدعم المسار البرلماني، انطلاقا من أنه يمكن للنقاش السياسي أن يأخذ بعين الاعتبار تطلعات المواطنين خاصة الشباب. وإذ أوضح أنه يمكن إيجاد حلول في المستقبل لتحقيق الوثبة السياسية والاقتصادية والاجتماعية المنشودة، فقد أكد السيد بوناح أن الجزائر لم تبق على هامش التطورات الحاصلة في العالم، حيث كانت السباقة في مجال التفتح الديمقراطي. وانطلاقا من ضمان هذه الاستمرارية، فقد أكد بوناح اهمية إيلاء العناية لفئة الشباب في الحياة البرلمانية في ظل الاستعداد المستمر للبرلمان والمنتخبين للاستماع إلى انشغالات المواطنين. وهي نفس الرؤية التي تقاسمها معه عبد اليمين بوداود، نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني، الذي أشار إلى أن المشاورات حول الإصلاحات سمحت بعرض الصعوبات التي تواجه المجتمع المدني. وقال في هذا السياق إن قانون الجمعيات يكتسي أهمية بالغة على غرار القوانين الأخرى المدرجة للمناقشة على مستوى البرلمان. كما طرح المتدخل جملة من التساؤلات التي يمكن طرحها خلال الملتقى، منها كيفية تعزيز الروابط بين البرلمان والشباب، دور التكنولوجيا والوسائل لتعزيز هذه الروابط مع بحث الأسس القانونية التي تحكم البرلمان والمجتمع المدني. ولم يبتعد محمد الأمين شريف، المدير العام للعلاقات الاقتصادية والتعاون الدولية بوزارة الخارجية عن التاكيد على أهمية تعزيز دور المجتمع المدني لتحسين الحكم الراشد من أجل بناء مؤسساتي قادر على إرساء معالم الديمقراطية، وأشار ممثل وزارة الخارجية إلى أن الوزارة تقوم باعداد التقارير الوطنية لصياغة التدابير المنصوص عليها بمعية المجتمع المدني، كما هو الشان للتقرير الوطني حول حقوق الإنسان والذي سينطلق العمل بشأنه خلال السنة المقبلة 2012 لأجل عرضه على المجلس الأممي لحقوق الإنسان. من جهته، أشاد السيد مامادو مباي، الممثل المقيم لبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي ومنسق الأممالمتحدة في الجزائر بفكرة تنظيم هذا الملتقى الذي يولي الأهمية للشباب لاسيما بعد الأحداث التي عرفتها بعض الدول خلال الأشهر الأخيرة. وأشار إلى أن رؤية هيئته تندرج في إطار تقريب الجهود لاسيما وأنها تأتي في مرحلة هامة من الإعلان على الإصلاحات في الجزائر. وقد توالت مداخلات البرلمانيين القانونيين حول الموضوع المدرج في الجلسة الافتتاحية والخاص ب''الآليات المؤسساتية والقانونية... مقارنة للتفاعل بين البرلمان والمجتمع المدني''، حيث أشار السيد حسين خلدون، نائب بالمجلس الشعبي الوطني أن البرلمان الجزائري ينتظر منذ خطاب رئيس الجمهورية في 15 أفريل الماضي فعلا ملموسا لتفعيل دور المجتمع المدني الذي يبلغ عدد جمعياته حسب آخر الإحصائيات 90 ألف جمعية، رغم إقراره بوجود جمعيات ''طفيلية'' تمتلك مقرات ووسائل إلا أنها تبتز مختلف الجهات للحصول على امتيازات وتمارس نشاطها ظرفيا في الاستحقاقات الانتخابية مثلا. واعترف المتدخل بأن البرلمان لم يعد يقوم بدوره، في الوقت الذي أصبحت فيه الحكومة مصدر التشريع في الجزائر. ومن ثم فهي الأقرب إلى المواطن من خلال تقديمها لمشاريع القوانين رغم أن الإطار القانوني في البلاد متوفر وكذلك الإرادة السياسية من أجل دعم البرلمان والمؤسسات المنتخبة، مشيرا في هذا السياق إلى أن قانون البلديات يفتح المجال أمام التعامل مع منظمات المجتمع المدني والاطلاع على برامج التنمية وتحديد الخيارات. من جهتها، أوضحت فتحية بن عبو، أستاذة قانون بجامعة الجزائر أن البلاد تواجه أزمة مؤسساتها التمثيلية، مشيرة إلى أن المجتمع المدني ليست له أي وسيلة من وسائل المشاركة للتأثير على القرار السياسي. للإشارة فقد شارك في هذا اليوم الدراسي عدد من الجمعيات الوطنية من مختلف الاهتمامات والنشاطات بالإضافة إلى برلمانيين وخبراء جزائريين وأجانب وممثلين لعدة دوائر وزارية وهيئات جزائرية.