تعززت الآليات القانونية الخاصة بمكافحة الفساد في الجزائر، والهيئات الوطنية المعتمدة في هذا المجال بشبكة برلمانية تعد فرعا من فروع شبكة البرلمانيين الأفارقة ضد الفساد، أوكلت إليها مهمة معاينة ظواهر الفساد، تقييمها ورفع تقارير عنها للجهات المعنية بمكافحة الظاهرة. وقالت رئيسة شبكة البرلمانيين الأفارقة ضد الفساد بالجزائر، فريدة إليمي في كلمة ألقتها خلال افتتاح أشغال اليوم الإعلامي للتعريف بالشبكة وأهدافها أن الجزائر انضمت رسميا إلى شبكة البرلمانيين الأفارقة ضد الفساد يوم 19 جانفي 2011 بعاصمة السينغال داكار، وقد تم المصادقة على نظامها الداخلي وخطة عملها في الاجتماعات التي عقدتها الشبكة بمقر المجلس الشعبي الوطني. وأضافت إليمي، أن هذه الشبكة تعد آلية هامة على مستوى البرلمان الجزائري من أجل تمكين البرلمانيين من الإسهام في مكافحة الفساد وهي تهدف أساسا إلى دعم الشفافية والمسؤولية وتعزيز دور البرلمانيين وإسهامهم في البرامج الحكومية كأنجع وسيلة من أجل ضمان الرقابة وإشراك المواطنين في هذه المهمة. كما ستضطلع الشبكة، بمهمة متابعة تنفيذ الاتفاقيات الدولية وتطبيق القوانين الوطنية، تحسيس المجتمع المدني والأحزاب السياسية بظاهرة الفساد وآثاره، وكذا التنسيق مع كل القطاعات ذات الصلة بمكافحة الفساد والتعاون مع هيئات مكافحة الفساد على الصعيدين الوطني، الإفريقي والدولي منها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، مجلس المحاسبة، الجمارك، الضرائب، الشرطة، الدرك الوطني، التربية، اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية حقوق الإنسان وحمايتها. وأكدت رئيسة الشبكة، أن محاربة الفساد أصبحت من أولويات الدولة الجزائرية في الوقت الراهن، مشيرة إلى أن هذا اليوم الإعلامي يأتي تزامنا مع خطاب رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي جعل من مكافحة الفساد والوقاية منه من التحديات، نظرا لانعكاساته الخطيرة على تسيير الشأن العام ومبادئ الحكم الراشد، قبل أن تشدد على أهمية مساهمة كل الأطراف الفاعلة في المجتمع من مؤسسات الدولة التشريعية والتنفيذية ومجتمع مدني وأحزاب سياسية لمحاربة هذه الظاهرة. وأشارت إليمي في هذا السياق، إلى أن البرلماني له دور هام في الرقابة والشفافية في تسيير المال العام، الأمر الذي يلزمه بأن يكون طرفا فاعلا في مكافحة سوء التسيير والرشوة والفساد، حتى يكون أهلا للثقة التي منحها له الناخبون، كما دعت إلى وضع إستراتيجية للتعاون مع باقي فروع الشبكة الناشطة على مستوى دول إفريقيا وكذا الهيئات الدولية من أجل الإسهام في القضاء على هذه الظاهرة. من جهته استعرض نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني مسعود شيهوب في مداخلة له بالمناسبة، التجربة الجزائرية في محاربة الفساد مبرزا الإصلاحات التشريعية والقانونية التي باشرتها الدولة في إطار مكافحة هذه الظاهرة. وأوضح أن الجهود التي تبذلها الجزائر في مساعيها الرامية إلى مكافحة الفساد «نابعة من إرادة سياسية صريحة وواضحة تستهدف إرساء دعائم دولة الحق والقانون وترسيخ مبادئ الحكم الراشد وتهيئة المناخ المناسب لتنمية شاملة ومستدامة». وقال شيهوب في هذا السياق أن الجزائر تبنت خطة إصلاحية شاملة استهدفت تعزيز بنائها المؤسساتي ووضع الآليات القانونية والتشريعية والقضائية التي ''تضمن شفافية التسيير ونزاهته'' مستدلا على وجه الخصوص بالمصادقة على اتفاقية الأممالمتحدة ضد الفساد وإصدار القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته لعام 2006 والذي يحدد تشكيلة الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وتنظيمها وكيفية سيرها، إلى جانب إنشاء الأقطاب القضائية المتخصصة والتي أنيط بها مهام معالجة قضايا الفساد علاوة على إصدار نصوص قانونية تعكس مدى «أسبقية الجزائر في محاربة هذه الظاهرة». ورغم كل تلك الجهود المبذولة، أوضح شيهوب أن الآليات القانونية المعتمدة لحد الآن على المستويين الوطني والدولي وحتى المستويين الإقليمي والجهوي تبقى غير كافية، وهي في حاجة باستمرار إلى تطويرها وتعميقها. وشدد ذات المسؤول على ضرورة ألا تقتصر محاربة الفساد على الهيئات العمومية لوحدها، أو حصرها في مجرد أدوات قانونية وتشريعية، بل يجب أن تتجاوز ذلك إلى ضرورة انخراط مختلف الفاعلين الأساسيين في الدولة والمجتمع خاصة منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام والأحزاب السياسية في إستراتيجية شاملة، وفق تصور محدد يضع المصلحة العامة وإرساء دعائم الحكم الراشد فوق كل الاعتبارات .