دعت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي أمس كل الدول الأعضاء في منظمة ''الأيسيسكو'' إلى اتّخاذ استراتيجية قابلة للتنفيذ على أرض الواقع وفي أقرب وقت لتقديم الدعم المادي اللازم لوزارة الثقافة الفلسطينية، لتمكينها من القيام بمهمتها من أجل خدمة ثقافة الشعب الفلسطيني في جميع الميادين الثقافية خاصة في مجال الحفاظ على التراث الثقافي ودعم الإبداع الثقافي والفكري الخاص بالكتاب والمسرح والسينما وغيرها من المجالات الإبداعية، وقالت ''لأنّ لا وجود للإنسان الفلسطيني من دون الثقافة الفلسطينية، ولأنّ الشعب الفلسطيني مثله مثل جميع شعوب المعمورة يهوى الحياة''. وأكّدت السيدة تومي خلال انطلاق أشغال المؤتمر الإسلامي السابع لوزراء الثقافة المنعقد بالجزائر أنّ الحضور القوي والنوعي للدول والمنظمات في هذا المؤتمر لهو مؤشّر يبعث على الاعتزاز والاطمئنان عن رغبتنا المشتركة في تفعيل الأدوار الثقافية التي يتعين الارتقاء بها إلى مستوى التحديات المشتركة التي تجمعنا والتي تعدّ القضية الفلسطينية التحدي الأكبر سياسيا وثقافيا، وقالت ''ويبقى التحدي قائما ما لم يتمكّن الشعب الفلسطيني الصامد من إقامة دولته المستقلة على أرضه المحرّرة بعاصمتها الأبدية زهرة المدائن القدس الشريف وضمان حق العودة لأبنائه اللاجئين''. وأوضحت السيدة تومي أنّ الدفاع عن شرعية الثقافة والهوّية الفلسطينية، يعتبر دفاعا عن حقّ الشعب والإنسان الفلسطيني في الوجود، الوجود التاريخي على أرض فلسطين، الذي يعني الاعتراف بحقّ الإنسان الفلسطيني في العيش بحرية و كرامة على أرضه، مضيفة ''نعتبر أنّ مسؤوليتنا كوزراء ثقافة أعضاء في منظمة ''الأيسيسكو'' مسؤولية تاريخية ومهمّة جدّا، في رفع التحدي والاستجابة للمطلب الشرعي للشعب الفلسطيني في إحقاق حقوقه المهضومة عبر التاريخ والتصدي لكلّ محاولات الإذابة والإلحاق الساعية لطمس هويته وتبديد ثقافته الوطنية. واعتبرت السيدة تومي انضمام فلسطين إلى منظّمة اليونسكو يعدّ حدثا تاريخيا مهما جدا ومنعطفا حاسما في تاريخ القضية الفلسطينية، فهو اختراق صريح للوعي العالمي، لأنّه ينهي أكثر من ستة عقود من الكذب الإسرائيلي حول هوية الأرض الفلسطينية ومواقعها الأثرية والدينية والتراثية، وقالت ''وهذا الانضمام سيمكّن فلسطين بمساعدة اليونسكو من حماية تلك الحقوق من الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية، لأنها ستكون الإطار الشرعي والدولي الذي سيدافع عنها.. فبقدر ما نهنئ أنفسنا والشعب الفلسطيني بهذا الانتصار الكبير فإنّنا نقدّم عرفاننا الكبير وتقديرنا الجليل لمنظمة اليونسكو. وفي سياق متّصل، أكّدت وزيرة الثقافة أنّ انعقاد مؤتمرنا هذا تأكيد صريح على اهتمامكم الدائم وسعيكم المشكور في سبيل ترقية الأدوار الثقافية في التنمية المستدامة وفي تعزيز دور المجتمع المدني في الارتقاء بالثقافة وجعلها رافدا من روافد الممارسة الديمقراطية، وهنا تكمن أهمية الندوة التي ستنظم على هامش المؤتمر تحت عنوان ''الأدوار الثقافية للمجتمع المدني في ترقية ثقافة السلم والحوار''، مضيفة أنّ هذه الندوة تشكّل حسب اعتقادنا وثبة نوعية في منهجية تعامل مؤتمر وزراء الثقافة مع المتغيّرات المتسارعة على الساحة الدولية والتي أضحى فيه المجتمع المدني يشكل القاطرة نحو مستقبل أفضل للشعوب ونحو بلورة واقع جديد. وأشادت الوزيرة باختيار المؤتمر لشعار ''من أجل تعزيز نتائج سنة الأممالمتحدة للتقارب بين الثقافات ودور الشباب في بناء ثقافة السلم والحوار''، مؤكّدة على أهمية أن يكون للشباب دور في الحياة العامة للبلاد وفي المشاركة في رسم السياسيات التي تخدم قضايا الشباب والمجتمع وأن يكون لهم دور أساسي وفاعل في صناعة القرار وتعزيز ثقافة السلم المدني والحوار وحلّ الصراعات بالطرق السلمية في المجتمع، وتجسيد مفهوم الحوار والتسامح بعيدا عن العنف والعنف المضاد. وتوقّفت السيدة تومي عند أهمّ الملفات التي سيتمّ مناقشتها خلال هاذين اليومين أوّلها ''مبادرة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين أتباع الأديان والثقافات'' التي لاقت حسب السيدة تومي ترحيباً واسعاً من القادة المنتمين إلى جميع الديانات السماوية في العالم، داعية إلى تفعيلها واقعيا. إضافة لموضوع ''استراتيجية تطوير تقانات أو تكنولوجيات المعلومات والاتصال في العالم الإسلامي''، الذي أضحى في نظر الوزيرة يشكّل إحدى القضايا المستعجلة التي تتطلّب اتّخاذ إجراءات عملية للحدّ من الفجوة الرقمية بيننا وبين الغرب وتكثيف التجارب بين بلداننا لتطوير قدراتنا في صناعة البرمجيات والتوثيق الرقمي وتعميم تكنولوجيات الإعلام والاتصال الحديثة في المتاحف والمكتبات وفي الصناعة السينمائية وفي ترميم المخطوطات والمعالم التاريخية وفي البحث الأثري وفي غيرها من الميادين الثقافية. كما يناقش المؤتمر أيضا موضوع ''المقاولات الثقافية في الدول الأعضاء'' الذي يحمل تصوّرات يمكن أن تشكّل مرجعية استرشادية في إعداد برامج التنمية الثقافية في بلداننا، وهي مناسبة كذلك لإعادة بعث فكرة السوق الثقافية المشتركة التي لم نتمكّن لحدّ الآن من تفعيلها، والتي نعتقد أنّه يتعيّن علينا أن نشرك في تصورها الفاعلين في المجتمع المدني والناشطين المنتجين في الحقل الثقافي والمعرفي. ويناقش المؤتمر أيضا مشروع مناهج لتكوين الصحفيين لمعالجة الصور النمطية عن الإسلام والمسلمين في وسائل الإعلام الغربية'' وهو الموضوع الذي لا يخص في نظر الوزيرة، وزراء الثقافة فحسب بل القطاعات الوزارية المسؤولة عن الإعلام والاتصال في كثير من بلداننا، غير أنّنا ''كمسؤولين عن الشؤون الثقافية يترتّب علينا مناقشة وتدارس مسألة ترقية الخطاب الإعلامي المتعلق بالإسلام والمسلمين ولعل إصدار توصية من المؤتمر لتعميم الخطة على القطاعات المكلفة بالإعلام قد توفر حظوظ تنفيذها مستقبلا''.