باشرت قوى سياسية تونسية هذه الأيام تحركات مكثفة من أجل تشكيل جبهة يسارية وسطية ومتفتحة من أجل ضمان التداول على السلطة والقيام بدور السلطة المضادة حتى لا تستأثر قوى دون غيرها على مقاليد السلطة في تونس بعد التحرر من حكم الحزب الواحد. وضم هذا التحالف أربعة أحزاب معارضة وهي حركة التجديد والحزب الديمقراطي التقدمى وحزب آفاق تونس وحزب العمل التونسي. واعتبر عبد الجواد الجنيدي عضو الهيئة السياسية لحركة التجديد خلال ندوة عقدتها هذه التشكيلات بالعاصمة تونس تحت عنوان ''سبل تفعيل العمل السياسي المشترك'' أن ''الخارطة السياسية التونسية تعرف في الوقت الراهن اختلالا في موازين القوى ولا تعكس التوجهات الحقيقية للمجتمع التونسي المتمسك بمكاسب دولة الاستقلال''. و قال إن ذلك كان هو الدافع لتشكيل هذا التحالف من اجل ''بناء كيان شعبي ديمقراطي تقدمي حداثي''. وهو الموقف نفسه الذي شاطره فيه عبد الجليل البدوي رئيس حزب العمل التونسي الذي دعا إلى توحيد كل الأحزاب المطالبة بنفس ''المشروع المجتمعي الحداثي الديمقراطي المنفتح'' وأكد على'' ضرورة الاضطلاع بدور السلطة المضادة حتى يطرح البديل السياسي الممكن أمام الشعب التونسي''. واعتبر ياسين إبراهيم المدير التنفيذي لحزب ''آفاق تونس'' أن الوضع السياسي الحالي ''لا يسمح بالتداول على السلطة، مما دفع إلى بروز نقاش على المستوى الوطني قصد تشكيل قوى سياسية وسطية على مراحل ستشمل العديد من الأحزاب الأخرى. وبين ماهر حنين العضو القيادي في الحزب الديمقراطي التقدمي أن آليات التقارب بين الأحزاب تبقى مفتوحة بهدف توحيد صفوفهما من شأنه أن يكون له انعكاس ايجابي على المجتمع. وكانت أحزاب يسارية وتقدمية وحداثية تونسية التي فازت بمقاعد نيابية في انتخابات المجلس التأسيسي حرصت على التأكيد أنها ستعمل على تشكيل جبهة معارضة قوية وسلطة مضادة بإمكانها تحقيق التوازن داخل هذه المؤسسة التشريعية التي يهيمن على أغلبية مقاعدها التحالف الحكومي المشكل من حركة النهضة وحزب المؤتمر وحزب التكتل. ويعتبر هذا الحراك على الساحة السياسية التونسية بمثابة رسالة تحذير واضحة باتجاه حكومة حمادي الجبالي الرقم الثاني في حركة النهضة الإسلامية التي تسيطر على المجلس التأسيسي. وأدى وزراء حكومة حمادي الجبالي اليمين الدستورية أمام الرئيس المؤقت منصف المرزوقي في القصر الرئاسي بقرطاج. وأكد الوزير الأول التونسي الجديد أن حكومته ستعقد أول اجتماع لها بداية الأسبوع المقبل وتبدأ بمعالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية العاجلة التي تواجهها تونس وفي مقدمتها ملف البطالة وملف ضحايا الثورة وما قبل الثورة. ولكن الجبالي اعتبر أن الانتقادات التي تعرضت لها الحكومة حتى قبل بدء عملها أمر عادي وقال إنه ''يجب أن نتعود على ذلك في عهد نظام ديمقراطي''. وأضاف أن ''المعارضة أساسية ولا يمكن أن تكون هناك ديمقراطية من دون معارضة''. لكنه أعرب عن أمله في أن تكون هذه المعارضة ''بناءة وإيجابية'' في الظروف الصعبة التي تمر بها البلاد.