احتضنت قاعة ابن زيدون برياض الفتح بالجزائر العاصمة مساء الخميس حفلا تكريميا على شرف الفنان القدير بوجمعة العنقيس عميد أغنية الشعبي من خلال حفل فني بهيج أحيته ثلة من الفنانين الجزائريين عرفانا بمشواره الفني الثري وعطائه اللامتناهي في خدمة الأغنية الشعبية الأصيلة. وأشرفت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي على حفل التكريم الذي حضره أبناء الفنان مختار وحكيم العنقيس وعدد من أصدقائه مثل الشيخ الناموس الذي أدى بالمناسبة مقاطع من أغنيته الشهيرة ''راح الغالي راح''. وافتتح الحفل التكريمي الذي خص به الشيخ بوجمعة العنقيس بوصلات موسيقية منتقاة من الرصيد الموسيقي الثري للفنان أداها الجوق الموسيقي تحت قيادة الموسيقار جمال ثعالبي تجاوب معها الجمهور. وتوالت بعد ذلك الإطلالات الفنية لعدد من الأسماء التي أبت إلا أن تشارك الشيخ في هذا العرس الفني الكبير على غرار الفنانة القديرة نرجس وعبد القادر شاعو ومهدي طماش الذين أشادوا بالدور الكبير الذي لعبه العنقيس في الارتقاء بالثقافة الجزائرية عموما والأغنية الشعبية تحديدا. وقد تسلم الفنان مهدي طماش الركح ليمتع الحضور بجملة من الأغاني المختارة من السجل الحافل للشيخ بوجمعة العنقيس قبل أن يفسح المجال للفنانة نرجس التي سافرت بالجمهور عبر تاريخ الزمن الجميل وعادت به إلى أيام الفنانة الراحلة فضيلة دزيرية من خلال تاديتها لرائعة ''أنا طويري''، ''عيني شكات مع قلبي'' و''أمان أمان على الزمان'' التي تفاعل معها الحضور بقوة. وتخلل حفل التكريم عرض فيلم وثائقي حول المسيرة الفنية الحافلة للعنقيس. وعبر الشيخ بوجمعة العنقيس عن سعادته الكبيرة بهذا التكريم الذي خص به قائلا: ''لم أكن أتصور أبدا أنني سأبقى أحضى بمثل هذه الشعبية في هذه المرحلة المتقدمة من العمر الذي ناهز ال85 عاما وسعادتي بهذا الاعتراف الجماهيري لا تضاهى''. ولد بوجمعة محمد أرزقي المعروف فنيا ب''العنقيس'' كما اختار أن يلقبه الأب الروحي لأغنية الشعبي المرحوم الحاج محمد العنقى في ال17 جوان 1927 بزنقة النخلة ببير جباح بالقصبة حيث زاول تعليمه الابتدائي بمدرسة إبراهيم فتاح وتحصل على شهادة التعليم الابتدائي سنة 1939 قبل أن يضطر للتوجه للميدان العملي للمساهمة في إعالة أسرته. وبالموازاة مع ذلك بدأ شغف موسيقى الشعبي ينمو شيئا فشيئا بداخله تزامنا مع البدايات الأولى لعميد أغنية الشعبي ''الحاج محمد العنقى'' الذي تأثر به كثيرا وأبى إلا أن يسير على خطاه بانضمامه إلى المجموعة الموسيقية للشيخ حمدان قبايلي سنة .1941 وفي سنة 1944 كون الفنان رفقة عدد من الموسيقيين جوقه الموسيقي الخاص وظل يجالس مشايخ الأغنية الشعبية أمثال الحاج محمد العنقى والشيخ مريزق وبقي يغترف من بحر عطائهم الواسع إلى غاية سنة 1954 حيث قرر توقيف مسيرته الفنية للالتحاق بصفوف جبهة التحرير الوطني. وغداة الاستقلال عاد الشيخ بوجمعة العنقيس إلى الساحة الفنية ليخوض غمار تجربة جديدة جمعته بالملحن وكاتب الكلمات القدير محبوب باتي تمكنا من خلالها من ''استحداث نوع غنائي جديد'' -ارتكز على الأغنية القصيرة والخفيفة- أثار ضجة شعبية كبيرة آنذاك. وعلى صعيد آخر ساهمت الأعمال الفنية التي جمعته بالملحن الكبير محمد الباجي في التعريف به أكثر بفضل عدد من الأغاني التي سجلت بأحرف من ذهب في سجل الأغنية الجزائرية على غرار أغنية ''يا المقنين الزين''، ''بحر الطوفان''، ''يعيا ايجي نهار الشمس تدرق''، ''أنا عندي قلب''، ''يا كبدي ولدي علاش'' و''ما عيها بواب''. كما أدى العنقيس خلال مشواره عددا من الأغاني القبائلية مثل ''أخالف نرمان'' و''تادارت في لولاف'' وغيرها من تلحين الموسيقار القدير كمال حمادي.