ظل الفنان القدير بوجمعة العنقيس وفيا لتواضعه، رغم شموخ فنه وأدائه، قال وهو يستلم باقة التكريم والعرفان، إنه مندهش لشعبيته المتواصلة، وهو في هذه المرحلة من عمره، 85 عاما· المناسبة احتضنتها قاعة ابن زيدون برياض الفتح، سهرة الخميس الماضي، فكان حفلا تكريميا على شرفه شارك في إحيائه عبد القادر شاعو ونرجس· العرفان الذي قدمه الفنانون، بحضور العنقيس، كان اعترافا بالمشوار الفني الثري وعطائه اللامتناهي في خدمة الأغنية الشعبية الأصيلة، وكان الاعتراف بحضور وزيرة الثقافة خليدة تومي، التي أشرفت على حفل التكريم الذي حضره أبناء الفنان مختار وحكيم العنقيس، وعدد من أصدقائه مثل الشيخ الناموس الذي أدى بالمناسبة مقاطع من أغنيته الشهيرة اراح الغالي راح''· إفتتح الحفل التكريمي بوصلات موسيقية منتقاة من الرصيد الموسيقي الثري للفنان، أداها الجوق الموسيقي تحت قيادة الموسيقار جمال ثعالبي· وتوالت بعد ذلك الإطلالات الفنية لعدد من الأسماء التي أبت إلا أن تشارك الشيخ في هذا العرس الفني الكبير على غرار الفنانة القديرة نرجس وعبد القادر شاعو ومهدي طماش، الذين أشادوا بالدور الكبير الذي لعبه العنقيس في الارتقاء بالثقافة الجزائرية عموما والأغنية الشعبية تحديدا· وقد تسلم الفنان مهدي طماش، الركح ليمتع الحضور بجملة من الأغاني المختارة من السجل الحافل للشيخ بوجمعة العنقيس قبل أن يفسح المجال للفنانة نرجس التي سافرت بالجمهور إلى الزمن الجميل وعادت به إلى أيام الفنانة الراحلة فضيلة دزيرية من خلال تأديتها لرائعة اأنا طويريب، اعيني شكات مع قلبيب، وبأمان أمان على الزمانب، التي تفاعل معها الحضور بقوة· تخلل حفل التكريم عرض فيلم وثائقي حول المسيرة الفنية الحافلة للعنقيس· وعبّر الشيخ عن سعادته الكبيرة بهذا التكريم الذي خص به قائلا: بلم أكن أتصور أبدا أنني سأبقى أحض بمثل هذه الشعبية في هذه المرحلة المتقدمة من العمر الذي ناهز ال 85 عاما وسعادتي بهذا الاعتراف الجماهيري لا تضاهى''· ولد بوجمعة محمد أرزقي المعروف فنيا ب بالعنقيسب، كما اختار أن يلقبه الأب الروحي لأغنية الشعبي المرحوم الحاج محمد العنقى في 17 جوان 1927 بزنقة النخلة ببير جباح بالقصبة، حيث زاول تعليمه الابتدائي بمدرسة إبراهيم فاتح، وتحصل على شهادة التعليم الابتدائي سنة 1939 قبل أن يضطر للتوجه للميدان العملي للمساهمة في إعالة أسرته· وبالموازاة مع ذلك، بدأ شغف موسيقى الشعبي ينمو شيئا فشيئا بداخله تزامنا مع البدايات الأولى لعميد أغنية الشعبي االحاج محمد العنقيب الذي تأثر به كثيرا وأبى إلا أن يسير على خطاه بانضمامه إلى المجموعة الموسيقية للشيخ حمدان قبايلي سنة .1941 وفي سنة 1944 كون الفنان رفقة عدد من الموسيقيين، جوقه الموسيقي الخاص وظل يجالس مشايخ الأغنية الشعبية أمثال الحاج محمد العنقى والشيخ مريزق، وبقي يغترف من بحر عطائهم الواسع إلى غاية ,1954 حيث قرر توقيف مسيرته الفنية للالتحاق بصفوف جبهة التحرير الوطني· غداة الاستقلال، عاد الشيخ بوجمعة العنقيس إلى الساحة الفنية، ليخوض غمار تجربة جديدة جمعته بالملحن وكاتب الكلمات القدير محبوب باتي، تمكنا من خلالها من ااستحداث نوع غنائي جديدب، ارتكز على الأغنية القصيرة والخفيفة، أثارت ضجة شعبية كبيرة آنذاك· على صعيد آخر، ساهمت الأعمال الفنية التي جمعته بالملحن الكبير محمد الباجي في التعريف به أكثر بفضل عدد من الأغاني التي سجلت بأحرف من ذهب في سجل الأغنية الجزائرية على غرار أغنية ايا المقنين الزينب، ابحر الطوفانب، ايعيا ايجي نهار الشمس تدرقب، اأنا عندي قلبب، ايا كبدي ولدي علاشا، وبما عيها بواب''· كما أدى العنقيس خلال مشواره عددا من الأغاني القبائلية مثل اأخالف نرمانب وبتادارت في لولافب··· وغيرها من تلحين الموسيقار القدير كمال حمادي· للإشارة، فإن هذا التكريم الذي نظمته وزارة الثقافة بالتعاون مع محافظة المهرجان الوطني لأغنية الشعبي والديوان الوطني لرياض الفتح، يندرج ضمن قائمة التكريمات التي سطرتها الوزارة وستقام شهريا على شرف عمالقة الأغنية الجزائرية أمثال الحاج رابح درياسة والفنانة القديرة شريفة··· وغيرهم· الفنانة نرجس: العنقيس أستاذي وأبي الثاني قالت الفنانة نرجس، إنها سعيدة بالمشاركة في تكريم أستاذها الذي تتلمذت على يده، وكان بمثابة ''أب ثاني'' · واسترجعت نرجس بعض الذكريات التي جمعتها به في بداية مشوارها الفني· وقالت: بالحاج العنقيس إنسان في قمة التواضع والطيبة، هو أكثر من فنان، فهو وجه من وجوه الثقافة الجزائرية، إذ كرّس جل حياته لخدمة أغنية الشعبي·'' عبد القادر شاعو: العنقيس خدمنا بفنه الراقي نزل الفنان عبد القادر شاعو، ضيفا شرفيا لسهرة الخميس الماضي، في كلمة عبّر عن اامتنانهب وبشكرهب لبوجمعة العنقيس، الفنان الذي ساهم في رقي أغنية الشعبي قائلا: ''اسم بوجمعة العنقيس سيبقى محفورا في ذاكرة الفن على مر الأجيال''·