أحيا التونسيون أمس الذكرى الأولى لانتصار ثورة الياسمين التي أطاحت في 14 جانفي من العام الماضي بالرئيس زين العابدين بن علي وشكلت الشرارة الأولى لانطلاق انتفاضات شعبية في بلدان عربية أخرى. وتجمع آلاف التونسيين بشارع الحبيب بورقيبة في قلب العاصمة تونس والذي شهد قبل عام من الآن اعنف المواجهات بين قوات الأمن التي استخدمت الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ضد المحتجين مما أدى إلى سقوط 300 قتيل وإصابة 700 آخرين. وبنغمات متجانسة غنى المتظاهرون ''ارحل بن علي'' قبل ان يرددوا الكلمة الشهيرة ''ارحل'' باللغة الفرنسية والتي أصبحت رمزا للثورة التونسية. وزينت شوارع تونس العاصمة بالأعلام الوطنية وبأعلام وفود الدول المشاركة في هذه الاحتفالات كما علقت في كل مكان الصور التي تروي مراحل وأحداث الانتفاضة في الوقت الذي تواصلت فيه حفلات موسيقية رافقتها رقصات شعبية فولكلورية. وبالتوازي مع أجواء الطرب والفرحة التي عمت الشوارع التونسية عبر المواطنون المتجمعون عن تجندهم للدفاع عن مسار الثورة الشعبية وإرساء دعائم العدالة الاجتماعية وإقرار مبادئ حقوق الإنسان والتداول السلمي على السلطة. وهو ما جعل احتفالات أمس تتميز برفع المتظاهرين لشعارات مطالبة بالعمل والحرية والكرامة مرديين هتافات مختلفة منها ''العمل حق'' و''التونسيون يبقون واقفون'' و''سوف نواصل معركتنا''. وقال احد المتظاهرين وهو شاب في عقده الثالث ''لقد قمنا بهذه الثورة ضد الديكتاتورية لفرض حقنا في عيش كريم وليس لمساعدة بعض الانتهازيين لتحقيق طموحاتهم السياسية''. وهي رسائل واضحة باتجاه حكومة حمادي الجبالي وخاصة حركة النهضة التي تقود العملية السياسية في البلاد بضرورة التفاتها إلى مطالب شارع يصر على حقوقه التي انتفض من اجلها قبل عام من الآن ودفع ثمنها بدماء أبنائه. وتنوعت مطالب المتظاهرين بين اجتماعية واقتصادية وأخرى تطالب بالاعتراف بصفة الشهيد للقتلى الذين سقطوا خلال ثورة الياسمين. ورفع البعض منهم شعارات كتب عليها ''نحن أوفياء لدماء شهدائنا''. مطالبين ب''ضرورة التكفل'' بملف ''الشهداء والجرحى'' وايلاء العناية الاجتماعية لعائلاتهم وضمان التوازن بين الجهات والفئات. وإذا كانت شوارع تونس تزينت للاحتفال بالذكرى الاولى للإطاحة بنظام بن علي فقد احتضن قصر المؤتمرات بقلب العاصمة الاحتفالات الرسمية التي تمت بحضور العديد من رؤساء الدول يتقدمهم الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة وأمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة ال ثاني ورئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى عبد الجليل. وأكد الرئيس التونسي منصف المرزوقي هي الكلمة التي ألقاها بقصر المؤتمرات على ان بلاده سيتواصل مسيرتها باتجاه الحرية. وقال ان ''14 جانفي يوم أرّخ لانتهاء مرحلة مظلمة لنظام متسلط وفاسد... والثورة التونسية فتحت لنا الأبواب لمستقبل مشرق''. ولكن الرئيس المرزوقي الذي يدرك صعوبة المهمة في مواجهة ثالوث البطالة والفقر والتخلف أكد ان التقدم سيكون خطوة-خطوة. وبهذه المناسبة قررت السلطات التونسية جعل 14 جانفي من كل عام يوم عيد وطني للاحتفال بأول ثورة شعبية في بلد عربي عاش في ظل الحكم الواحد لعدة عقود كما أصدرت عفوا عن 9 آلاف سجين.