أبدت الجزائر أمس استعدادها للتعاون التام مع المجلس الأممي لحقوق الإنسان قصد ترقية مجال حقوق الإنسان، ولكنها أبدت بالمقابل تحفظات حول توصيات تدعوها إلى إعادة النظر في بعض بنود التشريعات الوطنية· ورحب ممثل الجزائر الدائم لدى مكتب الأممالمتحدة بجنيف السيد إدريس الجزائري خلال تدخله في ختام أشغال الدورة الأولى للمراقبة الدورية الشاملة لمجلس حقوق الإنسان للأمم المتحدة المنعقدة بجنيف السويسرية بأغلب التوصيات التي صاغتها مجموعة العمل التي ناقشت تقرير الجزائر حول حقوق الإنسان الذي عرضه وزير الخارجية السيد مراد مدلسي الاثنين الماضي، وقال "أن الجزائر ترحب بأغلب التوصيات التي جاءت من 17 دولة من أصل 20 شاركت في النقاش" وتعهد بأن يتم أخذها بعين الاعتبار في إطار الإستراتيجية الوطنية لترقية حماية حقوق الإنسان· وأكد السيد الجزائري الذي ألقى كلمة باسم الوفد الجزائري نيابة عن وزير الخارجية السيد مراد مدلسي "أن التوصيات المنبثقة عن مناقشات الدول للتقرير الجزائري ستساهم في تدعم وتعزيز وإثراء عمل الجزائر في مجال ترقية وحماية حقوق الإنسان، الذي شرع فيه الرئيس عبد العزيز بوتفيلقة" · وبالمقابل عبرت الجزائر عن رفضها لبعض التوصيات التي تمس الدستور وميثاق السلم والمصالحة الوطنية والأمرية الرئاسية الخاصة بممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين· وأوضح السيد إدريس الجزائري قائلا "لا يمكننا قبول بعض التوصيات كونها تتعارض مع الدستور الجزائري أو ميثاق السلم الذي صادق عليه الشعب الجزائري في استفتاء عام"، وأضاف أنه بالنسبة للجزائر لا يمكن أن توافق على التوصيات التي تتعارض مع روح الدستور أو قانون السلم والمصالحة الوطنية الذي حظي بتزكية من طرف الشعب، كما شدد على رفض الجزائر لأية مراجعة أو إلغاء أو تعديل في الامرية الرئاسية الصادرة في 16 أفريل 2006 المتعلقة بممارسة الشعائر الدينية لغير المسلمين· وحسب الدبلوماسي الجزائري فإن الاقتراح المقدم في هذا الشأن قد يؤدي إلى فرض إجراءات تمييزية ضد الإسلام الذي هو دين 99 بالمئة من الجزائريين وأكد في هذا السياق عزم الجزائر على تطبيق نفس القواعد وتقديم نفس الدعم لكل الديانات وبدون تمييز· وكان ممثل الفاتيكان بمجلس حقوق الإنسان الأممي تطرق بالتفصيل إلى مضمون الأمرية الرئاسية ودعا إلى مراجعتها كون الدستور الجزائري يقر بحرية المعتقد· وفي رده على هذا الانشغال، قال وزير الخارجية السيد مراد مدلسي خلال اليوم الأول من النقاش أن ذلك القانون جاء لحماية غير المسلمين في الجزائر وليس العكس، مشيرا إلى أن ممارسة الدين الإسلامي مقنن منذ سنة 1966 · وختم السيد إدريس الجزائري تدخله بالتأكيد على تفضيل الجزائر لطريق التعاون مع لجنة حقوق الإنسان ومع جميع الدول عوض طريق المواجهة، وجدد عزم الحكومة الأخذ بالتوصيات التي وافقت عليها وان يتم إدماجها ضمن الإستراتيجية الوطنية الخاصة بحقوق الإنسان خاصة وأنها تتزامن مع إحياء الذكرى ال 60 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان· ومن جهته حيا فوج العمل المكلف بمتابعة وإعداد التوصيات بخصوص تقرير الجزائر والمشكل من ثلاث دول (السينغال والفلبين والأورغواي) روح الانفتاح والمسؤولية التي تميز به الوفد الجزائري خلال عرض ومناقشة كل الجوانب المتعلقة بحقوق الإنسان في الجزائر، وأوضح ممثل السينغال لدى مكتب الأممالمتحدة بجنيف ورئيس فوج العمل السيد بوبكر نداي أن الوثائق التي وضعتها الجزائر بين أيدي اللجنة الأممية يعكس التعاون الوثيق بين الجانبين·