دعت الجزائر أول أمس، بجنيف إلى ضرورة تجسيد القيم العالمية لحقوق الإنسان، وجددت على لسان السيد إدريس الجزائري، ممثلها الدائم لدى مكتب الأممالمتحدة، التزامها بترقية حقوق الإنسان في مجملها ودون استثناء، منتقدة في هذا الصدد النظرة المزدوجة لبعض البلدان لهذا المفهوم· وأشار الدبلوماسي الجزائري إلى أن التطرق إلى حقوق الإنسان من منبر الهيئة الأممية لا يزال يحمل آثار نزاع إيديولوجي تجاوزه الزمن، حيث تصدر بعض البلدان إدانات انتقائية، ويصل الأمر إلى حد غض الطرف عن الأعمال الانتقامية الجماعية المقترفة ضد المدنيين، كما هو الحال في قطاع غزة في فلسطين، حيث يسقط العشرات من النساء والأطفال كل يوم، بينما تدين نفس الدول اللاعقاب في مناطق أخرى· واستغرب السيد الجزائري في مداخلته أمام الدورة العادية السابعة لمجلس حقوق الإنسان بجنيف، إلحاح البعض على ضرورة أن يتخذ احترام الميولات الجنسية طابعا عالميا بالرغم من غياب مرجع شامل، في حين يتم السكوت عن مبدأ احترام الديانات المكرّس بموجب العقد الدولي المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية، ملاحظا في هذا الصدد أنه إذا تم التطرق إلى هذا المبدأ، فإن إدانة البعض لأشكال التمييز والتحريض على الحقد العنصري والديني تقتصر على بعض الساميين دون آخرين· وبعد إبرازه لضرورة تجسيد القيم العالمية لحقوق الإنسان، مشيرا إلى أنه كلما أقر العالم بشمولية هذه الحقوق، كلما أضحت إلزامية، كما عبّر الدبلوماسي الجزائري عن تمسك الجزائر وباقي الدول الإفريقية بمبدأ استقلالية المفوضية السامية لحقوق الإنسان من كل القوى، مفندا الاتهامات التي تلفقها الصحافة الغربية للبلدان الإفريقية بالسعي إلى فرض سيطرتها على المفوضية، وذنبها الوحيد في ذلك أنها طالبت بتطبيق قرار الجمعية العامة رقم 60 / 251 ودعم توصيات تقرير2007 الذي أعده سلك المراقبة المشترك حول المفوضية السامية، يقول السيد إدريس الجزائري الذي أشار في هذا الصدد إلى محاولة البعض "تطفيل" إفريقيا وجعلها مطيعة للأوامر لا غير· وفي سياق متصل تساءل ممثل الجزائر لدى مكتب الأممالمتحدة والمنظمات الدولية بسويسرا عن عدد الضحايا الذين كان بالإمكان إنقاذهم لو قامت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بنشر تقرير مهمتها لسنة 2006 في الصحراء الغربية، لا سيما وأن المفوضية إلتزمت بوضع حد للاعقاب بالنسبة لانتهاكات حقوق الإنسان عبر العالم، مذكرا في هذا الإطار بالأرقام التي تناولتها حصيلة رئيس اتحاد الحقوقيين الصحراويين والتي تؤكد وجود 526 سجينا سياسيا و151 أسير حرب ومئات المفقودين، علاوة على الممارسات اللاأخلاقية وغير القانونية الممارسة في المنطقة والتي تشمل بالأساس تقييد حرية التعبير والتجمعات بالنسبة لأجهزة الدفاع عن حقوق الإنسان· للإشارة فقد سبق للجزائر التي عرضت في جنيف يومي 24 و25 أكتوبر 2007، تقريرها الثالث حول مدى تطبيق بنود العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية في القوانين الوطنية والممارسات اليومية، أن انتقدت ازدواجية التعامل مع عدة مفاهيم حساسة على مستوى هيئة الأممالمتحدة، على غرار مفهوم الإرهاب وكذا أحقية الدول في امتلاك الطاقة النووية وفرض الشرعية الدولية على دول دون الأخرى· وكانت آخر مداخلة لها في فيفري الماضي بمكتب الأممالمتحدةبجنيف شملت دعوتها إلى حماية البلدان التي لا تملك السلاح النووي من أي تهديد باستعمال هذا السلاح، حيث أكد السيد إدريس الجزائري أمام ندوة حول نزع السلاح أن الجزائر تولي أهمية كبيرة لمسألة ضمانات الأمن الواجب توفيرها للدول التي لا تملك السلاح النووي لجعلها بمنأى عن استعمال هذا السلاح ضدها أو حتى التهديد باستعماله·