تحديات الأمن الغذائي التي تواجهها منطقة المتوسط بضفتيها الجنوبية والشمالية يمكن تجاوزها، إن تضافرت جهود الضفتين، وتفادي انعكاسات تقلبات الأسواق الدولية. ولن يكون التوصل إلى تكامل اقتصادي بين جنوب وشمال المتوسط لتحقيق الأمن الغذائي صعبا، إذا ما روعي ما تتوفر عليه كل منطقة من إمكانيات تساهم في التخفيف من انعكاسات التبعية الغذائية لشعوب الضفة الجنوبية ومشكل نقص المنتجات الغذائية الذي تواجهه شعوب الضفة الشمالية. فيكفي أن دول الجنوب تتوفر على أراض فلاحية خصبة وكذا موارد مائية باطنية وظروف مناخية مواتية لرفع قدرة الإنتاج الفلاحي، لكن هذه الإمكانيات والقدرات غير مستغلة استغلالا علميا وبالشكل الذي يعطي منتجات غذائية في مستوى التطلعات أو حتى التجارب السابقة، وقت كان شمال إفريقيا وحده يوفر الغذاء لكل أوروبا. فالعائق الوحيد الذي يعيق تطور قطاع الفلاحة في دول جنوب المتوسط، هو نقص استعمال التكنولوجيا لتكلفتها الكبيرة. ومادامت دول الشمال تملك هذه التكنولوجيا فإن تمكين بلدان الجنوب منها، من شأنه أن يعطي دفعا قويا للاستثمار الفلاحي، من خلال استغلال أحسن للموارد الطبيعية وتوفير مناصب شغل إضافية لسكان المنطقة والتقليل من النزوح نحو الشمال عبر الهجرة السرية. إن استراتيجية الأمن الغذائي في منطقة حوض المتوسط يصنعها الطرفان بإمكانياتهما المشتركة في إطار تعاون علمي وتكنولوجي يساعد على تسخير كل الموارد والطاقات لبناء شراكة حقيقية تضمن الأمن الغذائي المنشود.