كشف وزير الفلاحة والتنمية الريفية رشيد بن عيسى، أمس الاثنين، أن الحكومة ومن باب الحيطة قررت تجميد كل المفاوضات التي شرعت فيها منذ سبتمبر الماضي مع العديد من المتعاملين الأوروبيين، خصوصا الألمان والبولونيين، وبدرجة أقل الايطاليين، والخاصة باستيراد الأبقار الحلوب بعد الأخبار التي تناولتها مؤخرا وسائل الإعلام في كبريات العواصم الأوربية حول المرض الذي يكون قد أصاب الأبقار في عدد من الدول. وفي هذا الصدد، دعا بن عيسى المستوردين المحليين الخواص المتعاملين مع الأسواق الأوروبية البقاء في اتصال دائم مع خلية الإعلام التي استحدثتها الوزارة والتريث إلى غاية التأكد من نتائج التحاليل حول المرض، والتي ما تزال جارية حتى اللحظة. وأوضح بن عيسى، أمس، في كلمته الافتتاحية لأشغال الملتقى الأورو متوسطي 5+5 للمناقشة، المسائل المتعلقة بتحسين الأمن الغذائي بالبلدان العشرة المطلة على الضفة الغربية للمتوسط واحتضنه المعهد العالي للتقنيات الفلاحية في الحراش، أن الجزائر قررت فعلا فتح أبوابها أمام كل المبادرات الاستثمارية الخارجية الرامية إلى استحداث شراكات ثنائية، أو حتى فردية، في القطاع الفلاحي شريطة التقيد بالقانون الساري، وذلك في إجابته على العديد من المتعاملين الذين أبدوا استعدادا للاستثمار، لكنهم ما يزالون مترددين أو يطالبون بإلغاء أو تجميد العمل مرحليا ببعض بنود التشريعات المنظمة للاستثمار الأجنبي في القطاع، وهو المسعى الذي ترفضه الحكومة جملة وتفصيلا. وأفاد بين عيسى أمام وفود الدول العشر المشاركة، إلى جانب وزير الموارد المائية عبد المالك سلال والوزيرة المنتدبة المكلفة بالبحث العلمي سعاد بن جاب الله وسفيرة الاتحاد الاوروبي بالجزائر لورا بايزا، أن الوقت قد حان للتكتل في منطقة حساسة ليست في منأى عن التغيرات التي قد تؤثر وبشكل قوي ومباشر على أمنها الغذائي، وهو المطلب الذي شاطره فيه ممثلو الدول المشاركة، وعلى رأسها وفد فرنسا وإسبانيا اللذان أكدا أن ضفتي المتوسط الشمالية والجنوبية تتمتعان بفرص تكاملية هائلة في القطاع الزراعي، لكن لا يستغل منها سوى 5 بالمائة فقط. وأضاف بن عيسى أنه فضلاً عن العوامل الموضوعية، فإن الأخطار التي تهدد الأمن الغذائي لدول المتوسط تزداد حدة بسبب اللااستقرار الدائم للأسواق الدولية للمنتجات الفلاحية، الذي يترجم بالتذبذب الاستثنائي لأسعار المنتجات الزراعية، موضحا أن هذا اللقاء الذي ينظم في إطار الحوار الأورو متوسطي لمجموعة 5+5 يهدف إلى تحليل أصل الأزمات الغذائية الدورية وعلاقتها بأسعار المواد الأولية والمواد الغذائية على السوق العالمية. من جهته، قال ممثل إيطاليا إن هذا اللقاء يسمح لبحث أنجع وأجدى السبل لضمان أمن غذائي أحسن من خلال رفع الاستثمارات الفلاحية وتيسير عمليات الولوج والانتاج والتسيير العقلاني للموارد الفلاحية مع ضمان المرافقة التقنية". وتتعلق أبرز الرهانات بالنسبة لدول الضفة الجنوبية للمتوسط حسب ممثل الجمهورية التونسية في نقص وعدم توزان معدلات الحصص الغذائية لجزء هام من السكان، والتبعية التي ما تزال متجذرة لبلدان الضفة للأسواق الدولية بكميات هامة تجبر على استيرادها لمواجهة حاجياتها المحلية، موضحا أن الدول المغاربية تواجه اليوم نضوبا متزايداً للموارد الطبيعية، مما يرفع من حدة مخاطر ظاهرتي الجفاف والتصحر والانجراف. أما ممثل الوفد المغربي، فقد قال إن مجموعة 5+5 تواجه تحديات هامة أخرى، مثل تهديد الجراد الذي أصبح يؤثر على مساحات زراعية واسعة في محيط يمتد على قرابة 500 ألف كيلو متر مربع، داعيا الى تكثيف التعاون على الصعيد الإقليمي واللجوء بشكل منسق ومنتظم إلى التكنولوجيات البيولوجية التي توفر آفاقاً جديدة في مجال تحسين النباتات المزروعة وإيجاد أنواع نباتية جديدة أكثر إنتاجاً. ومن المنتظر أن يفضي النقاش حول هذه المسائل إلى مسعى مشترك لمعالجة ملف الأمن الغذائي الذي يمكن تباحثه في فضاءات أخرى للتشاور الدولي مثل اللجنة العالمية للأمن الغذائي ومنظمة الزراعة والتغذية "الفاو" والإتحاد الأوروبي والإتحاد من أجل المتوسط والمنظمة العربية للزراعة والتغذية.