جدد رئيس الجمهورية في خطابه بمناسبة إحياء الذكرى المزدوجة ل24 فبراير، حرصه على أن تجري التشريعيات المقبلة في شفافية تامة. وقدم ضمانات إضافية من شأنها تبديد مخاوف الأحزاب المقبلة على خوض غمار المنافسة في شهر ماي المقبل. وكذا تفويت الفرصة على الذين يشككون في نزاهتها. فقد كان رئيس الجمهورية صريحا وصارما في أن يكون القانون هو السيد لحماية الاستحقاق المقبل من أي انحراف، إذا ما قام كل طرف معني بدوره على أكمل وجه. فكما أن الإدارة مطالبة بالسهر على توفير الإمكانيات وضمان سيرها العادي في إطار الحياد التام، فإن الأحزاب المشاركة مطالبة هي أيضا بالقيام بدورها على أكمل وجه سواء فيما يتعلق بمراقبة سير عملية الاقتراع أو استنفار قواعدها وتجنيد مناضليها لإقناعهم بضرورة المشاركة الواسعة وعدم التهاون في القيام بهذا الواجب. وعندما اعتبر رئيس الجمهورية التشريعيات المقبلة ''فرصة تاريخية لا تقل أهمية عن أول نوفمبر ,''54 فإن ذلك من باب التذكير بالظرف الذي تجري فيه وما يحمله من تحديات ورهانات وكذا ما يتربص بالجزائر بعد التحولات التي شهدتها بعض البلدان العربية ولا تزال تداعياتها تحمل إلى اليوم الكثير من المخاطر على مستقبلها واستقرارها وأمنها. وكان الرئيس صريحا بقوله: ''إذا نجحتم في هذه الانتخابات عفاكم الله مما هو مخفي وإذا لم تنجحوا فمصداقية البلاد في الميزان''. من هذا المنطلق، فإن الجزائريين على اختلاف انتماءاتهم ومشاربهم ليس لهم خيار آخر سوى إنجاح الانتخابات المقبلة وتحويلها إلى عرس لجميع الجزائريين. ذلك أن استحقاق 10 ماي هو بداية مرحلة جديدة وحاسمة تجسد الإصلاحات التي أقرها الرئيس بوتفليقة، والتي أراد منها أن ترسي أسس عهد جديد ويكون ''موعدا فاصلا بين عهد وعهد آخر''. لكن الواضح في خطاب رئيس الجمهورية هي الرسالة المطمئنة الموجهة للأحزاب والإدارة وأعوان الدولة، بأن الانتخابات ستجري في شفافية وحياد تام للإدارة حيث سيكون الملاحظون الأجانب شهداء على شفافية الأمور ومصداقيتها. بالإضافة إلى التغطية الإعلامية الوطنية والدولية الواسعة و الحرة. ففضلا عما أدخل على قانون الانتخابات من تعديلات تضمنت إجراءات من شأنها ضمان حياد الإدارة وشفافية الاقتراع، أكد رئيس الجمهورية حرصه الشخصي، من خلال التعليمات الموجهة إلى الإدارة والقضاء ولجان المراقبة المستقلة، على أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم كاملة وعلى ضرورة احترام القانون وتطبيقه الصارم. ناهيك عن الإشراف القضائي على هذه الانتخابات والذي سيكون اختبارا حقيقيا لمصداقية القضاء. فبعد أن جدد التأكيد على ضرورة ''حياد الإدارة التام وانضباط أعوان الدولة في أداء مهامهم وعلى التزامهم الكامل بتطبيق القانون وتنفيذ ما يصدره القضاء من أحكام''. شدد على محاسبة كل من يتورط في مخالفة القانون أو يقصر في أداء واجبه المهني أو يعرقل نزاهة العملية الانتخابية. ومع توفر كل هذه العوامل التي بإمكانها ضمان شفافية الاقتراع، لم يعد هناك مجال للشك أو التشكيك في نوايا رئيس الجمهورية أو في إرادته الصادقة والقوية لاستكمال مسار الإصلاحات، بل في تجسيد إصلاحات عميقة تنتقل بالبلاد إلى عهد جديد يكرس المزيد من الحريات والممارسات الديمقراطية وتعزز وحدتها وأمنها واستقرارها. كما أن ترقية الحقوق السياسية بضمان شفافية الاقتراع ونزاهة التنافس الحر يشكل ضمانا آخر لإنجاح الاستحقاقات السياسة المقبلة وبلوغ المبتغى المنشود من الإصلاحات في شتى المجالات . إن رئيس الجمهورية قدم الضمانات الأساسية والجوهرية لإجراء انتخابات تشريعية في كنف الشفافية التامة وحياد الإدارة والتزام أعوان الدولة بالتطبيق الصارم للقانون. وإذا ما أضيف إلى ذلك حضور الملاحظين الأجانب والإعلام الوطني والدولي وقيام الأحزاب بدورها المتعلق بالتحسيس والتجنيد والمراقبة، فإنه لن يعود هناك أي مجال للخوف من التزوير أو التشكيك في آليات سير عملية الاقتراع.