بتنصيب الوزير الأول السيد أحمد أويحيى أول أمس اللجنة الوطنية المكلفة بتحضير وتنظيم الانتخابات الرئاسية المقبلة، تكون الدولة قد بثت رسائل تطمينية للمواطنين والتشكيلات السياسية بخصوص ضمان نزاهة الانتخابات الرئاسية المزمع تنظيمها الربيع المقبل. فتشكيل اللجنة من عدة دوائر وزارية وتفرعها بدورها إلى خمس لجان فرعية تنصب مهمتها على تحضير وتنظيم الانتخابات، تعد بحد ذاتها ضمانا للشفافية التي ستميز الاستحقاق القادم، حيث تحرص الدولة من جانبها على إنجاحه ووضع حد للتأويلات ومحاولات التشكيك التي بدأت تثيرها بعض الأطراف، مستغلة التعديل الجزئي للدستور والحديث عن عهدة ثالثة لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة رغم عدم إعلانه عنها بعد لإيهام الرأي العام الوطني والدولي بأن نتائج الانتخابات الرئاسية محسومة مسبقا. وقصد قطع الطريق أمام محاولات التشكيك هذه جاءت تعليمة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الخاصة بتوفير كل الشروط الكفيلة بضمان السير الحسن لهذا الاستحقاق الهام، حيث حددت اللجنة الوطنية لتنظيم الانتخابات التدابير الأولى التي سيشرع فيها، في إطار التكفل بمهامها بوضع استمارات تحت تصرف المرشحين للانتخابات لجمع توقيعات الناخبين أو المنتخبين، مقابل إيداع تصريح بالنية للترشح لدى وزارة الداخلية، والتحضير لعملية مسبقة لتحسيس المواطنين بضرورة تسجيل أنفسهم في القوائم الانتخابية، وخاصة بالنسبة لأولئك الذين بلغوا سن ال 18 سنة هذا العام أو تحويل تسجيلهم بالنسبة للذين غيروا مكان إقامتهم. كما تأتي دعوة رئيس الجمهورية لاستقدام ملاحظين من هيئات إقليمية ودولية لرفع الحجج ووضع حد للنقاش المثار من قبل بعض الأطراف السياسية بخصوص هذا المطلب واستغلاله لأغراض حزبية محضة، مما يمثل استجابة له، رغم أنه سبق للجزائر أن استقدمت ملاحظين دوليين في المواعيد السابقة، وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن وزير الشؤون الخارجية قد باشر مساعيه بهذا الخصوص، مثلما أكده الوزير الأول السيد أحمد أويحي خلال إشرافه على تنصيب اللجنة أول أمس. ومن جهة أخرى لابد من التذكير بأنه ليست هذه المرة الأولى التي يتم فيها توفير شروط ضمان السير الحسن للانتخابات، حيث سبق لرئيس الجمهورية أن أصدر عشية الانتخابات الرئاسية في 2004 تعليمة لضمان نزاهة الانتخابات وجهت أساسا إلى أعوان الإدارة لالتزام الحياد وعدم الانحياز لأي من المترشحين، ونفس الإجراء اتخذ في تشريعيات ومحليات ماي 2007 ونوفمبر 2007. كما تم أيضا تعديل قانون الانتخابات عشية رئاسيات 2004 بمبادرة من أحزاب المعارضة تنص على خفض عدد المكاتب المتنقلة وإلغاء التصويت في مواقع العمل لأفراد الجيش والأسلاك المشتركة، وتمكين كل المترشحين من محاضر الفرز في مكاتب التصويت، مع تمكين كل الأحزاب من تعيين مراقبين في كل مراكز الاقتراع. وقد سبق لوزير الدولة وزير الداخلية السيد نور الدين يزيد زرهوني أن أكد على هامش تصويت البرلمان بغرفتيه على تعديل الدستور في12 نوفمبر الماضي أن من يشكك في عدم نزاهة الانتخابات ضمن كل هذه الإجراءات يعني أن الأحزاب أو المرشحين غير قادرين على حشد عدد كاف من المراقبين في مراكز الاقتراع. ويمكن القول أن الضمانات التي جاءت بها اللجنة الوطنية المنصبة أول أمس جاءت لتستكمل الإجراءات السالفة الذكر، والتي تدخل في إطار إرساء تقليد ضمان شفافية الاستحقاقات التي دأبت الجزائر على تنظيمها حيث بلغت حوالي عشر استشارات تعددية، منها ثلاثة انتخابات رئاسية وعدد مماثل من الانتخابات التشريعية وثلاثة أخرى محلية. وينتظر أن تعقد اللجنة العديد من الجلسات لضمان السهر على حسن التكفل بالتحضيرات مع موافاة رئيس الجمهورية بصفة منتظمة بتقرير عن مدى تقدم عملها، كما أن كل مرحلة أساسية يتم بلوغها في تحضير الانتخابات الرئاسية القادمة ستكون موضوعا تقييميا موجها لوسائل الإعلام والرأي العام الوطني.