قاسمت والدي عمله مع الثوار، فكنت أنوب عنه في غيابه، واليوم أفتخر لأنني مجاهدة بنت الشهيد محمد سليمي الذي مول الثورة الجزائرية بالسلاح والمال والثياب، عندما بدأ على الحدود الجزائرية التونسية وكان همه الوحيد أن تستقل الجزائر، هكذا رغبت المجاهدة زهرة سليمي أن تبدأ حديثها معنا، عندما رغبنا في التعرف عليها بصالون اللياقة والجمال ''جوفنسال''، أين تم تكريمها بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للمرأة. قالت المجاهدة زهرة في ردها عن سؤالنا حول رأيها في التكريم الذي حضيت به بمناسبة عيد المرأة، ''إن المجاهدات الجزائرية يتمتعن بمكانة مرموقة في المجتمع الجزائري، لأنه يتم تذكرهن عند كل مناسبة، كعرفان على دورهن في الثورة، وقالت: نحن المجاهدات نشبه الزيت الذي يطفو على الماء، لا يمكن نسياننا أو تهميشنا، لأننا جزء من الذاكرة ومن تاريخ الجزائر. وحول دورها إبان الثورة التحريرية، قالت: ''رغم أنني كنت صغيرة في السن، إلا أنني كنت أتمتع بالنباهة، الفطنة والوعي الكافي لما يدور حولي، حيث كنت أراقب والدي وطريقة تعامله مع المجاهدين الذين يدخلون منزلنا من أجل الاختباء أو أخذ السلاح، وعندما كان يتغيب والدي، كنت كثيرا ما أنوب عنه، حيث أتولى توزيع السلاح على المجاهدين الذين يخرجون للقيام بعمليات فدائية، وبعد عودتهم، أقوم بمهمة حراستهم ليلا، بعد أن ينام الجميع، لأن حي القصبة الذي كنا نسكنه، كان يخضع لرقابة شديدة من طرف المستعمر الفرنسي. من أكثر الأحداث المؤلمة التي ظلت عالقة في ذاكرة المجاهدة زهرة، والتي لا تتوقف عن تذكرها، قالت: بعد أن شاع صيتي في مجال التعاون مع الفدائيين، جاء المستعمر يبحث عني، كوني المسؤولة عن نقل الرسائل والسلاح، في تلك اللحظة، كادت أختي تفقد صوابها لشدة خوفها علي، غير أنني كنت صامدة، وبعد استجوابي ومقابلتي بالفدائيين الذين كان يتم القبض عليهم، لم يتمكنوا من التعرف علي، ببساطة لأن ''الحرمة'' كانت أساس التعامل في المجتمع الجزائري، بين المرأة والرجل فيما مضى، فعندما كنت أتواصل مع المجاهدين، كان ذلك خلف ستار، أو عن طريق إشارة ما؛ كالطرق على الباب لعدة مرات، وبالتالي لم يتمكن أي مجاهد التعرف علي، هذه من الأمور التي ساعدت في إنجاح معظم العمليات الفدائية التي كان المجاهدون يقومون بها. وحول ما إذا كانت تهتم بجمالها إبان الثورة التحريرية، باعتبار أنها كانت شابة يافعة، جاء على لسان محدثتنا بأن الإنشغال بأمور الفدائيين من طبخ، غسل للثياب، إخفاء السلاح ونقل الرسائل، كان ينسيها حتى النظر لوجهها في المرآة، بل وفي كثير من الأحيان، كانت تمشط شعرها مرة واحدة في الأسبوع، لأن الحرية أَوْلى من أي شيء آخر. وبعد النضال بالسلاح، تناضل اليوم المجاهدة زهرة بالقلم، إذ لا تكف عن كتابة الأناشيد الوطنية الثورية، حيث قالت: ''كنت إبان الثورة التحريرية أكتب الأشعار، وتعاملت في كثير من الأحيان مع الشاعر مفدي زكريا، إذ كانت تنشر أعمالي بالجرائد، ولا أزال اليوم أكتب لجيل الإستقلال من طلاب المدارس، لتظل الذاكرة الثورية حية لا تموت.