الجزائر تظفر بعضوية عن جدارة واستحقاق    وزير الاتصال يستقبل وفدا عن منظمة الصحافيين    الرئيس يقود رؤية استراتيجية شاملة    الجزائر تتجه نحو بناء سيادة صناعية وتكنولوجية    توقيع 8 اتّفاقيات بين الجزائر والصين    زرّوقي يُدشّن عدة مشاريع بالمسيلة    بلمهدي يبرز دور الفتوى    صادي يؤّكد ضرورة تفعيل الرياضات المدرسية والجامعية    جثمان رئيس فيض البطمة يوارى الثرى    والي العاصمة يتفقد مشاريع إعادة التأهيل    مختصون يبرزون دور الحركة الإصلاحية    الجزائر تأخذ علما بقرار باريس بمطالبة 12 موظفا قنصليا جزائريا بمغادرة التراب الفرنسي    عدوان الاحتلال الصهيوني على طولكرم ومخيميها يدخل يومه ال80 وسط تصعيد ميداني خطير    مشروع محطة توليد الكهرباء بعين وسارة: إسناد الأشغال المتبقية لمجمع صيني    كأس الجزائر : "سوسطارة" بشق الأنفس, وتضرب موعدا في النهائي مع ش بلوزداد    فصائل فلسطينية: أي تهدئة بغزة دون ضمانات حقيقية لوقف الحرب "فخ سياسي"    قسنطينة: تتويج فيلم ''ذات مرة'' في اختتام الطبعة الأولى لأيام ''سيرتا للفيلم القصير''    من "غير المجدي" الابقاء على زيارته المبرمجة الى فرنسا    الرمان وفوائده.. ومحاذير الإفراط في تناوله    بالصور ديكورات شتوية مليئة بالدفئ لزوايا المنزل    منتدى الاستثمار الجزائري الصيني نحو مجالات استراتيجية جديدة    خروج مستشفى المعمداني عن الخدمة    سانحة للوقوف عند ما حققته الجزائر من إنجازات بالعلم والعمل    تنظيم ملتقى بعنوان دور الشباب في تعزيز التكامل الإفريقي    حجز الرحلات يسير بصفة منظمة ومضبوطة    ظاهرة الكهول العزّاب تتفشّى في الجزائر    كأس الجزائر (نصف النهائي): اتحاد الجزائر يفوز على اتحاد الحراش (1-0 بعد الوقت الإضافي) ويبلغ النهائي    الانقلابيون في مالي دمى تحرّكها أطراف أجنبية    إشادة بالعلاقات الثنائية الممتازة وآليات التشاور    استغلال البحث العلمي لتحقيق التنمية وخلق مناصب شغل    تنسيق الجهود لتأمين واستدامة إمدادات الوقود    رؤية الرئيس تبون استراتيجية تنموية متعدّدة الأبعاد    إشادة بالدور المحوري للجيش في الحفاظ على مقوّمات البلاد    التنفيذ الصارم لمخطط عمل المريض    البوليساريو تدين كل المحاولات الدنيئة والمغالطات المكشوفة    الاتحادية الجزائرية تقف على آخر الاستعدادات    تبسة تكشف عن قائمة ألف مستفيد من السكن الاجتماعي    20 رحلة من مطار "بن بلة" نحو البقاع المقدسة    "الطرّاح القسنطيني" إرث من الصوف يصارع البقاء    صدور السيرة الذاتية لجوهر أمحيس أوكسال    الفرقة الفنزويلية تضيء ساحة البريد المركزي    ابن باديس الموحِّد والعالِم والمصلح.. رجل حارب الجهل والتخلف وفرنسا    زروقي يلعب آخر موسم له مع نادي فينورد الهولندي    تحديد موعد مبارتي محليي "الخضر" وغامبيا في تصفيات "الشان"    لوحة فنية جمالية تقاوم الاندثار    صحة: دورة تكوينية متخصصة للالتحاق ببعض الرتب لأسلاك الممارسين الطبيين المفتشين    بلمهدي يبرز دور الفتوى في تعزيز المرجعية الدينية والحفاظ على الهوية الوطنية    تدشين معرض "التراث الجزائري من منظور بلجيكي" بالجزائر العاصمة تكريما للفنان البلجيكي ادوارد فيرشافيلت    إلى متى الصمت؟!    بطولة للشطرنج بين مصالح الشرطة    السودان.. جرحٌ عربيٌ نازفٌ    السفير يطمئن على قندوسي    فتح رحلات الحجّ عبر الأنترنت    ما هو العذاب الهون؟    عربٌ.. ولكنهم إلى الاحتلال أقرب!    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    الحضارات الإنسانية لا تعادي الثقافات النبيلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تاريخ 11 ديسمبر منعرج حاسم لنيل الاستقلال
المجاهدة الشاعرة فاطمة الزهرة سليمي:
نشر في الأمة العربية يوم 12 - 12 - 2009

إن المتصفح للتاريخ يكتشف لا محالة العزيمة الفذة للشعب الجزائري التي لم تنحن ولم تستكن لجنون ووحشية أعتى قوة استدمارية، حيث راح يفتدي بلده بالنفس والنفيس خلف طلائعه المجاهدة، بتفجير الثورة المظفرة التي غيرت مجرى التاريخ. ولأن عصر اليوم عصر الغزو الثقافي، فنحن في أشد الحاجة لتدعيم شخصيتنا من خلال الرجوع إلى الجذور التاريخية لأرض المليون والنصف المليون شهيد، ومن كان وراء نيل الحرية والانتصار.
و الأكيد منه أن المرأة كانت دوما جانبا إلى جنب الرجل من خلال مساهمتها المادية والمعنوية أثناء الثورة التحريرية.
ومن إحدى المجاهدات اللائي صنعن مجد الجزائر وكان لهن شرف المشاركة المباشرة في ثورة شعبنا الكبرى بفضل عزمهن وإرادتهن ، المناضلة فاطمة الزهراء سليمي حرم السيد زمالي والتي حاورناها في ضيافة المسرح الوطني الجزائري، وبكل رحابة الصدر بدأت تسرد لنا ما يختلج صدرها من أحاسيس، ومابقي عالقا في ذاكرتها عن معركة المصير التي خاضها أبناء نوفمبر.
إنها فاطمة الزهراء بنت الشهيد سليمي محمد المولودة بدار مزغنة بحي القصبة العتيق، ترعرت في وسط عائلي محافظ رفض التخلي عن الشخصية العربية الإسلامية، إذ إرتبطت جغرافيا بوسط فلاحي بتبسة عرف تاريخيا بمقاومته الباسلة للاحتلال الفرنسي، ولكل ما هو تسلطي استغلالي، ما جعل منها الطفلة الصلبة العزيمة التي لاتثنيها الصعاب والشدائد في تحقيق ماتؤمن به وهو حبها للوطن، مرجعة سبب نزوحهم من الريف واستقرارهم بالمدينة للخراب الاقتصادي الذي حط رحاله في كل مناطق الجزائر لاسيما بعد الحرب العالمية الثانية، وبالأخص هروبا من الظلم والمطاردة التعسفية للموالين لفرنسا أو"بني وي وي" لأملاك الجزائريين بمصادرة أراضيهم الخصبة، الأمر الذي جعل أباها يبيع أملاكه وأرزاقه ويستقر عند أخاه الطاهر بالقصبة.
عاشت فاطمة الزهراء ميسورة الحال من عائلة متكونة من 6 أفراد، ورثت عن أبيها حب الوطن وارتوت منه ضياء القرآن حيث قالت " والذي كان رجل دين، ولحد اليوم لما أسمع سورة ياسين يقشعر جسدي، لأن أبي كان يصلي بها كل صباح".
كان تأثير هذا الوسط كبيرا على شخصيتها الثقافية، حيث أدخلها أباها في سن الرابعة من عمرها بالكتاب القرأني عند الشيخ بوحنة إمام أنذاك بالجامع الكبير، خاصة وأن الكتاتيب القرأنية في مرحلة الطفولة كانت بالنسبة للجزائريين الفضاءات المفضلة والمتاحة لنشر الثقافة الوطنية، والتي زاولت فيها دراستها للقرأن الكريم والسيرة النبوية، لتنتقل بعدها إلى المدرسة الخيرية لدراسة اللغة العربية والفرنسية، ومن ثم التوجه إلى مدرسة بن شنب، وهذا بفضل قناعة والدها ذي الروح الوطنية القوية في جعلها ذات حماس ديني ووعي وطني، إلى أن توقفت عن الدراسة في سن الحادية عشرة من عمرها نظرا لمرض أمها.
وقالت خالتي فاطمة الزهرة في هذا الشأن " إنني حاولت استئناف الدراسة إلا أن المدير قام بترسيبي، وعليه رفضت متابعة دراستي مجددا، لكوني كنت من الأوائل في صفوف مدرستي"، وعلى إثرها قررت الانضمام إلى الفداء إلى جانب والدها على غرار عمها وإخوتها يوسف ومصطفى وكل أفراد عائلتها الذين ساهموا في الكفاح والتضحية وتقديم أغلى ماعندهم".
وبخصوص أيام التحضير للثورة المسلحة ذكرت خالتي الزهرة أن أباها دفع المال لشراء السلاح والألبسة للمجاهدين في المنطقة الشرقية للوطن خاصة وأن البرد قارس في المناطق الداخلية، أما هي فلقد كانت المسؤولة على إخفاء السلاح منذ أن بدأت الثورة، تمويل المجاهدين، و خياطة الأعلام الوطنية و بعث الأناشيد على الحدود الجزائرية التونسية منها" أنا جندي للبلاد"، "عزمنا"،" قسمنا" وأخرى من الأغاني الثورية.
ساهمت أيضا في تدريس اللغة العربية للأطفال في منزل والدها كونه كان المخبأ الرئيسي للثوار والمجاهدين في القصبة وكانت تفعل ذلك بغية إخفاء الأعين والتهم فيما يتعلق بمساعدتها"للفلاقة" أو الفدائيين خاصة وأنها اعتقلت عدة مرات وتلقت التعذيب البشع من قبل المواليين للنظام الإستعماري.
موضحة أن جل عائلتها سجنوا وتم تعذيبهم والتنكيل بهم بشتى الوسائل، حيث شاهدت أخاها الصغير مصطفى الذي لم يتجاوز عمره السابعة عشر عاما يلقى عليه القبض من طرف العدو ولم يعد من تاريخ 14 جوان 57، إلى جانب أباها الذي عذب أمامها وأرجع جثة هامدة محروقة وممزقة، إلى غيرها من الأهوال التي ألمت بعائلتها منذ تفتيش منزلهم بالقصبة في تاريخ 24 جويلية 1956 .
ولشدة وقع كل هذه الأحداث التي عاشتها المناضلة على احساسها كتبت الأشعار والأناشيد الثورية، والتي أصدرت بعضها في كتاب عام 1982، منحت عدة نسخ منه للمرحوم "ياسر عرفات"، ومسؤول الإتحاد النسائي الفلسطيني "عصام عبد الهادي" وهذا في نكبتي صبرا وشتيلا، ولقد جمعت فيه نماذج من الأغاني الثورية التي ألفتها ولحنتها منذ إنلاع الثورة إلى غاية الاستقلال، محاولة عبره ترجمة المشاعر الإنفعالية التي تكونت وتبلورت في ذهنها ووجدانها خلال الظروف التي ميزت تواجدها بالقصبة والتي تكاد متقاربة بين أبناء الوطن الواحد.
واستحضرت المناضلة كيف كانت تهتم كثيرا بالحفلات التي تنظمها الكشافة خاصة الأناشيد الوطنية للمرحوم" ميسوم"، والمدائح الدينية الخاصة بالحاج المنور، بحيث إعتبرتها الأغاني المحبوبة لأولاد المناضلين.
لتعود ذاكرة المجاهدة "زهرة" لمظاهرات 11 ديسمبر1960، التي شكلت بالنسبة لها منعرجا حاسما لنيل الإستقلال بفضل هبة المجتمع المدني برمته معلنا تجديد روح المقاومة، و تأكد فشل مشروع الجنرال" دوغول" القاضي"بالجزائر جزائرية دون جبهة التحرير الوطني"، وكذا إعتراف هيئة الأمم المتحدة بحق تقرير مصير الشعب الجزائري في 19 ديسمبر 60، محدثتنا تتذكر جيدا تلك الأحداث و تصدرها رفقة المتظاهرات من حي القصبة بحملها للعلم الوطني والذي مازالت تحتفظ به رغم السنين التي مضت، وكيف أن كلا من الجنرالين ماسو وبيجار اللذان ثارت ثائرثهما برؤية العلم وأمسكا بها من ملابسها، وهي تواصل ندائها الجزائر عربية مسلمة، ليحاول المستعمر قمع المظاهرات عن طريق القنابل المسيلة للدموع، والتقتيل في مناطق وأحياء أخرى.
وفي ختام كلامها قالت "فاطمة الزهرة"بإعتزاز و بعد حمدها لله على نعمة الاستقلال" علينا كتابة التاريخ لأنه أمانة في أعناقنا ومن واجبنا تبليغه للأجيال الصاعدة".
وقد إخترنا نشيد الشهداء من كتابها أناشيد وأشعار من الثورة المسلحة والذي طبع في سنة 1982
أمان عليك أمان يا مجد الكرام
أمان عليك أمان يا أرض السلام
يا فرنسا العنيدة كفا من العناد
كفاحنا مسجل فتحنا الجهاد
يا مجد العروبة يارمز الخلود
يارمز الجزائر يا محي الجدود
ياموطن الشهامة يا أصل الكرام
كفاح الجزائر سائر للأمام
يا أرض البطولة يا مأوى العظماء
مجد الفاتحين سائر للأمام


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.