دخلت صناعة الحلويات مجال التكوين من بابه الواسع وفرضت وجودها بقوة، واصبحت لها مدارس تشغل فيها صناعة الحلويات أهم الفنون التي تشهد إقبالا كبيرا من طرف المتربصين على حساب باقي الاختصاصات كالخياطة والحلاقة التي تقلص الإقبال عليها، ويطرح هذا الإقبال الكثير من التساؤلات حول السر وراء الاهتمام بتعلم صناعة الحلويات التقليدية خصوصا· بعد أن كان التكوين مقتصرا على شريحة معينة من المجتمع وهي فئة الذين لم يسعفهم الحظ في مواصلة الدراسة، وبعد أن كان محصورا في فروع ضيقة يأتي على رأسها الخياطة والحلاقة··· فإن التكوين اليوم يفتح مصراعيه لكل فئات المجتمع على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم، وبفروع جديدة كالتجميل والإعلام الآلي وصناعة الحلويات التي تشهد إقبالا كبيرا عليها، وفي هذا الإطار حدثتنا موظفة بمدرسة "فيرم" للتكوين فتقول "في هذا الوقت إنتشرت موضة تعلم صناعةالحلويات على اختلاف أنواعها دون غيرها من الاختصاصات الأخرى إذ أصبحت صناعة الحلويات تتربع على عرش الفنون، وذلك واضح من خلال الأعداد الكبيرة التي نستقبلها، بحيث يصل عدد الأفواج الى أربعة يضم الواحد منها بين 17 و 20 متكوّنا يستفيدون من درس واحد في الأسبوع لمدة ثلاث ساعات"، أما عن المقبلين فهم من شرائح مختلفة فمنهم الماكثات بالبيوت اللواتي يرغبن في التعلم حتى يعتمدن عليها كصنعة يسترزقن منها ومن هذه الفئة الآنسة (ه ·ع) التي قالت لنا أنها توقفت عن الدراسة وهي بحاجة ماسةالى المال وعليه توجهت الى طلب التكوين من منطلق أنها تحب الحلوى من جهة وتبحث عن شهادة تمكنها من مزاولة المهنة من جهة أخرى· في حين تعبر الآنسة نادية وهي متحصلة على شهادة ليسانس في التجارة عن رأيها فتقول أن التكوين اليوم لا يخص فئة معينة من المجتمع بل يخص كل من يرغب في تعلم مهارات وحرف جديدة، مضيفة بأنها اختارت صناعة الحلويات لأنها تحبها ولرغبتها في فتح محل لممارستها كنشاط لكون البطالة تدعو للبحث عن آفاق جديدة وتعلم فنون مختلفة· وتوضح المتحدثة أن المتكون يدفع ما قيمته 2500 دج شهريا كمبلغ رمزي لأنه في آخر التكوين يحصل المتربص على شهادة معترف بها من طرف الدولة وذلك لمزاولة النشاط وهذا بالفعل ما شهدناه على أرض الواقع إذ أنه بفضل التربص في مدرسة "فيرم" تمكن بعض الشباب من تحقيق النجاح خارج الوطن كفرنسا واسبانيا وأصبحوا من رواد صناعة الحلويات الجزائرية الأصيلة· أما السيدة نادية وهي عضوة في جميعة الأمة الخيرية ومسؤولة على النشاطات النسوية فترى أنه على الرغم من تنوع الأنشطة في الجمعية "إلا أننا نشهد في السنوات الأخيرة إقبالا متزايدا على فن صناعة الحلويات على اختلاف أنواعها الى درجة نضطر فيها الى التوقف على التسجيل بسبب ارتفاع العدد لأن طاقة استيعاب الجمعية محدودة" وهو فعلا ما لمسناه لدى تواجدنا بمقر الجمعية إذ حظرت ثلاث موظفات يطلبن الحصول على الملف من أجل الالتحاق بالجمعية والحصول على تكوين في فن صناعة الحلويات لكن رئيسة الجمعية اعتذرت بسبب محدودية الأماكن وعندما سألنا إحدى الموظفات عن سبب اختيار الحلوى دون غيرها فأجابت "أنا أحب صناعة الحلويات كثيرا وأرغب في تعلم تقنياتها حتى أتمكن من إسعاد عائلتي بصنع تشكيلة لمجموعة من حلويات مختلفة قديمة وجديدة وحتى أعتمد على نفسي عندما تصادفني مناسبة معينة كالعرس مثلا"· وحسب رئيسة الجمعية فإن هناك عشرات الأفواج بها يتقاسم تكوينهم سبعة أساتذة وكلهم يرغبون في تعلم صناعة الحلويات والإطلاع على كل ماهو جديد· من جهة أخرى اعترف سمير وهو استاذ بإحدى مدارس التعليم أنه من خلال تجربتي الطويلة في مجال صناعة الحلويات 15 سنة شهد تغيرات كبيرة في هذا المجال، فبعد أن كان تعلم صناعةالحلويات يتم في البيوت لعدد محتشم من النساء فقط وكانت تخص بعض الأنواع القليلة فإنها اليوم وبوجود هذه المدارس ساعدت في تمكين كل راغب من الحصول على تكوين جيد في صناعة الحلوى والإطلاع على مختلف الأنواع حتى الشرقية منها· كما يقول أن السر وراء الإقبال الكبير على طلب تعلم صناعة الحلويات قد يعود الى كونها أصبحت تجارة ناجحة فبعض المؤسسات والهيئات عندما تصادفها مناسبة معينة فإنها تبحث عن هذه المدارس أو الممتهنين لهذه الصنعة حتى تكلفهم باعداد كميات كبيرة من الحلوى كما أن الطلب على الحلويات يبلغ أشده في موسم الأعراس· وعموما اتفقت تقريبا كل آراء المتكونين على أن الدافع الأساسي وراء اقبالهم على هذه المدارس هو الحصول على تكوين جيد في صناعة الحلويات لممارستها كنشاط تجاري لأن الحلوى خاصة الجزائرية الأصيلة تأسر قلوب الجزائريين·