نظمت أمس عائلة المرحوم عبد الحميد مهري حفلا تأبينيا على روح المناضل الذي رحل عنا منذ ما يقارب الشهرين تاركا وراءه رصيدا نضاليا ثريا استذكره أصدقاء وأحباء عبد الحميد مهري الذي عاد في أربعينيته ليجمع الأحبة من داخل وخارج الوطن في وقفة احتضنتها قاعة قصر الثقافة مفدي زكرياء التي اكتظت عن آخرها بوجوه تاريخية بارزة ومعروفة ارتأت أن تدلي بشهاداتها ومواقف جمعتها عن المرحوم، فيما تم اقتراح إنشاء جائزة أو جمعية باسم الفقيد مهري تعنى بترسيخ مبادئه وقيمه الكفاحية والنضالية. وقد توافد أمس على قصر الثقافة مفدي زكرياء جمع غفير من محبي الفقيد الذين قدموا من جميع ولايات الوطن وحتى من الدول الشقيقة إلى جانب ممثلي السلك الدبلوماسي الذين اقترحوا تكريم وتخليد روح الفقيد عبر اقتراح إنشاء جائزة دولية أو جمعية وطنية تعمل على ترسيخ وتعميم مبادئ هذا الرجل وقيمه الوطنية التي كافح من اجلها إبان الاستعمار الفرنسي وناضل عليها خلال مرحلة بناء الجزائر عقب الاستقلال. وقد اجمع المتدخلون على نبل وأصالة الفقيد الذي وان غيبه الموت إلا ان أفكاره ستظل بيننا وهو الذي عمل على تكريسها خلال جميع مراحل حياته إبان الاستعمار وفي مسيرة النضال السياسي ومن بعدها البناء والتشييد وفي العمل الدبلوماسي ليكون خير سفير يمثل الجزائر في الهيئات الدولية ورجلا من الطراز الأول وسياسيا حكيما نذر حياته لخدمة الوطن. وكان الفقيد مهري رجل الديمقراطية والوحدة حسب وصف وزير الخارجية الأسبق السيد الأخضر الإبراهيمي الذي روى عدة مواقف جمعته مع الفقيد الذي تميز بكرمه وإخلاصه الشديد للوطن والأصدقاء ليكون جديرا بكل المحبة والتقدير والاحترام، بحيث تعدت خسارته حدود الوطن لتشمل جميع الدول العربية والإسلامية وهو الذي ناضل دوما من اجل وحدة مغاربية حتى اصطلح على تسميته ب''رجل المغرب العربي'' وهو الذي عاش وعايش أهلها فيما لم تغب فلسطين عن باله لتكون حلمه الأول في ان تعود إلى أهلها وأمتها ومن خلال ترأسه للمؤتمر القومي العربي. وقد رحل السيد عبد الحميد مهري، الأمين العام سابقا لحزب جبهة التحرير، إلى جوار ربه عن عمر يناهز 85 سنة، تاركا فراغا كبيرا في الساحة السياسية الوطنية والعربية من الصعب ملؤه، وقد ولد الفقيد بالخروب وتربى في وادي الزناتي (قالمة) وكان أستاذا للغة العربية قبل أن يلتحق بالحركة الوطنية في الأربعينات ومناضلا في حزب الشعب ثم في الحركة من أجل انتصار الحريات ليلتحق فيما بعد بجبهة التحرير الوطني. وينتمي السيد مهري رفقة العربي دماغ العتروس وآخرين إلى جيل من المناضلين الذين اقتنعوا باكرا بضرورة الانتقال إلى العمل المسلح حيث عمل على إقناع قادة الثورة المنتمين للحركة الثورية للوحدة والعمل بضرورة التنسيق مع المركزيين من أجل الانتقال إلى الكفاح المسلح. واعتقل مهري في نوفمبر 1954 عقب تفجير الثورة، ضمن حملة من الاعتقالات أطلقتها السلطات الاستعمارية بحثا عن مفجري الثورة، وظل في السجن إلى غاية سنة ,1955 وبعد إطلاق سراحه عين الراحل ضمن الوفد الخارجي لجبهة التحرير الوطني، ثم اختير عضوا في المجلس الوطني للثورة الجزائرية، ثم في لجنة التنسيق والتنفيذ باعتبارها الهيئة التنفيذية للثورة وعند تشكيل الحكومة المؤقتة شغل مهري منصب وزير شؤون شمال إفريقيا في الحكومة الأولى، ثم منصب وزير الشؤون الاجتماعية والثقافية في التشكيلة الثانية وبعد الاستقلال شغل عدة ناصب.