احتضن، أوّل أمس، ركح المسرح الجهوي ''كاتب ياسين'' بولاية تيزي وزو، عرضا مسرحيا جديدا يحمل عنوان ''دم الحب'' للمخرج حسين مختار من تقديم جمعية ''الشروق'' للثقافة والمسرح لولاية معسكر، العرض تناول موضوعا اجتماعيا نال إعجاب الجمهور القبائلي، مثلما ترك حزنا كبيرا لمعاناة حبيبين من الفراق. تدور أحداث العرض المسرحي الذي تمّت تأديته بشكل جميل ورائع حول قصص مثيرة جمعت مصيري صفاء وسعدي ثم قصة عشق عمر لفتاة أحلامه التي لم يسعفه الحظ للقائها، واشتدّت الأحداث والأدوار التي تقمّصها الممثلون، حيث جسّدت المسرحية على الخشبة أحداثا مثيرة ومختلفة بديكور مميز بمزج بعض الآلات الموسيقية في جدار شفاف جسّدت وراءه بعض الأدوار الخفية وكذا عدد كبير من ''ساعات الحائط'' لتذكير سعدي بالوقت. وتتلخّص قصة سعدي في حبه الشديد لوالدته التي فضّلت الموت لإنقاذ ابنها بعدما خيّرها الأطباء بين حياتها أو حياة جنينها، ليولد سعدي يتيما ويقضي حياته في سؤال أصدقائه في كلّ لحظة عن الوقت. وكلّما كبر سعدي زاد حبه وشوقه الكبير لوالدته التي لم يرها، كما تنتقل المسرحية إلى عرض آخر يظهر فيه الممثل ''صفاء'' الحب الشديد الذي يوليه لنفسه ويعطي أهمية كبيرة لنفسه على حساب الآخرين من عائلته وأصدقائه والأشخاص المحيطين به ليحاول سعدي اقناع صفاء بحب الآخرين والإقلاع عن الأنانية لكن محاولاته تكلّل في كلّ مرة بالفشل، حيث كان يستهزئ من صديقيه عمر وسعدي. ويزداد حماس الجمهور المتتبّع للعرض المسرحي خلال المشهد الثالث الذي يروي قصة حب جمعت بين عمر وجميلة لكنّها لم تدم طويلا بسبب فرض عائلة جميلة عليها الزواج من شاب غني لا تعرفه لتستسلم الفتاة لقرار عائلتها، فيما يصاب حبيبها الذي أحبها بجنون اليأس الشديد الذي قلب حياته رأسا على عقب، ويتدخّل صديقاه صفاء وسعدي لمساعدته لكن العاشق لم يتقبّل فكرة الفراق ولم يستوعب ما حدث له وزاد عذابه مع اقتراب موعد زواج حبيبته من الشاب الغني، فلم يجد من طريق لينسى همومه سوى احتساء الخمر وفي لحظة ضعف يسيطر الدرويش على عقله ويحرضه على الانتحار وخلالها تتدخّل حبيبته لتصارحه بحبها الكبير له وأنّها أرغمت على الزواج من رجل لا تعرفه، وأنّها لم تخدعه فيظهر لعمر أنّ حبهما مجرد كذبة وهو ما أراد الدرويش إيهامه به، حيث قال له ''إنّ المال كل شيء في هذه الحياة ولا يمكنه العيش فيها لأنّه فقير'' ليسلمه خنجرا ويطلب منه قتل نفسه، وقال الدرويش أنّ الخنجر حمله معه مدة عشرين سنة واليوم جاء الوقت لاستعماله في قتل شاب قتله الحب بطريقة غير مباشرة، وخلالها يتدخّل صديق عمر المدعو سعدي لكن الدرويش يتّهمه بقتل صديقه ويقتله ويبقى الدرويش يدور بين جثتي الصديقين ويصرخ بأعلى صوته وبيده الخنجر الملطخ بالدم هذا هو ''دم الحب''. ولقد صفق الجمهور المتوافد على المسرح الجهوي ''كاتب ياسين'' مطوّلا تعبيرا عن إعجابه بهذا العرض الجميل الذي وفّق فيه المخرج في المزج بين الموسيقى والتمثيل، حيث استطاع الممثلون التوفيق بينهما، وزادت المسرحية جمالا الأغاني التي كانت كلها تعبير عن الحب، العشق ولوعة الفراق.