حالة من القلق تعتري التلاميذ قبل وأثناء أدائهم للاختبارات المصيرية، وهو أمر عاد ومطلوب إذا كان محفزا على النجاح، ولكنّه يصبح مرفوضا إذا كان يسبب إحباطا للمعنويات.. على هذا الأساس، تقدم مدربة في التنمية البشرية ''سميرة سعيدي'' نصيحتها للتلاميذ، لتكسير صورة الامتحان الشبح وإحلال صورة بديلة تُظهر أن الامتحانات الرسمية ما هي إلاّ اختبارات عادية، لا تتطلب سوى الإيمان بهدف النجاح، المراجعة الذكية، إدارة الضغوطات والتنفس الاسترخائي. لأنّ الامتحان يشكل مرحلة مهمة في الحياة، ويجب الاستعداد له في أحسن وجه، نظمت مديرة مركز التوجيه المدرسي والمهني لبن عكنون، فاطمة حلفاوي، يوما تحسيسيا بثانوية سعيد موزارين بدالي ابراهيم، تحت عنوان ''التكفل النفسي بالممتحنين''، تزامنا مع مناسبة الاستعداد لاِمتحانات شهادة البكالوريا ,2012 وذلك بإشراف مديرة الثانوية ومستشارة التوجيه المدرسي والمهني لذات المؤسسة التربوية. وكان اللقاء الذي نشطته السيدة سميرة سعيدي، مدربة معتمدة في التنمية البشرية بمركز الذكاء الجزائري، فضاء لتوجيه تلاميذ الأقسام النهائية بثانوية سعيد موزارين بدالي ابراهيم، من خلال ورشة تدريبية قاعدتها تفعيل قدرات الطالب، لإبعاد مسببات القلق التي تحوم حول الممتحنين وتحول دون إحرازهم للنجاح. وحسب المختصة، فإنّ تفعيل قدرات الطالب المقبل على اجتياز امتحانات رسمية، يعتمد على أربعة خطوات هي؛ الإيمان بالأهداف وتفعيلها، تفعيل الرؤية والأحلام، التفكير الإيجابي واتباع أساليب المراجعة الذكية.
راجع بذكاء وليس بجهد البداية -حسب مدربة التنمية البشرية- تكون بتطبيق مبدأ ''راجع بذكاء وليس بجهد''، ذلك لأنّه رغم الجهد المبذول أحيانا في المراجعة، تكون النتائج غير مرضية نتيجة الضغوطات.. وهنا تكمن أهمية تطبيق قاعدة الأداء، يساوي القدرة ناقص الضغط. فمن العادي أن يشعر الطالب المقبل على اجتياز الإمتحانات بشيء من الارتباك نتيجة الخوف من المجهول، لكنّ الارتباك يصبح عاملا معيقا عندما يزيد عن حده. ما يتطلب التسلح بمهارة إدارة الضغوطات، من خلال تحفيز الذات باستعمال عبارات إيجابية، على غرار؛ ''أستطيع النجاح في الامتحان''، مع مراعاة تكرارها يوميا.. وأفضل طريقة لتجسيد ذلك، هو تدوين عبارة تعبر عن الرغبة في النجاح وتعليقها في غرفة النوم، فضلا عن ترديدها لمدة21 يوما قبل النوم، باعتبار أنّ العقل الباطن يسجل آخر معلومة تلقاها في اليوم، فتصبح برنامجا مسطرا بعد المدة المذكورة، وفقا لما يدل عليه قانون الجذب الّذي يقوم على برمجة العقل الباطن على الهدف. وتشدد المختصة في هذا السياق، على ضرورة الإيمان بالهدف والسعي لتجسيده عن طريق تحفيز الذات، مشيرة في هذا الصدد إلى أنّ دراسة حديثة، كشفت أنّه عندما يتحدث الإنسان مع نفسه، يستخدم في الساعة الواحدة ما لا يقل عن 8 آلاف كلمة؛ 80 بالمائة منها سلبية، تتسبب في أمراض عضوية ونفسية، منها الاكتئاب ووسواس. ومن أنواع الحديث: الحديث السلبي الّذي يملي بعض الأفكار السيئة مثل: ''أنا غير جدير''، ''لا أستطيع''، ''غير ممكن''، وهناك الحديث المشروط بكلمة ''لكن'' التي تقف حائلا بين القول والفعل، في حين أنّ الحديث الإيجابي تترجمه عبارات: ''أستطيع''، ''ممكن''.. الخ. لهذا، يتعين على التلميذ تغيير طبيعة الكلمات التي يقولها لنفسه، لأنّ الأفكار المتدفقة تسبب مشاعر، وهذه الأخيرة تتحول إلى عادة تكون إسقاطاتها على الواقع المعيش. والخطوة الأولى لتحقيق هذا المسعى، تفرض غربلة الأفكار المتعلقة بالبكالوريا، والتي تتعدد مصادرها، بدءا بالأسرة، الذات، مرورا بالمدرسة، الصحبة والمحيط الاجتماعي، وصولا إلى مختلف وسائل الإعلام. ويستند التفكير الإيجابي على مجموعة من المبادئ هي: التوكل على الله، بناء هدف حياتي (أريد الحصول على البكالوريا بمعدل.. ).الاتصال بالحل والمستقبل من خلال إدارة الوقت لتسطير برنامج فعال للمراجعة، التعاون والعمل الجماعي واعتماد مبدإ الأهم أوّلا. كما تنصح المدربة بعدم الوقوع كفريسة سهلة لتأثيرات المحيط الخارجي، مستدركة أنّ الأوقات المفضلة للمراجعة هي الثلث الأخير من الليل (قبل الفجر)، لأنّ طاقة الأرض تكون مجددة وعالية يتأثر بها الجسم، لاسيما في ظل الهدوء الذي يخيم على هذه الفترة، ومنه يمكن للجهاز العصبي أن يسجل بكفاءة، مع مراعاة التوقف عن المراجعة ساعتين بعد طلوع الفجر. وعن مشكل النسيان الذي يعترض نسبة معتبرة من الطلبة، توضح المدربة سعيدي، بأنّه راجع إلى اعتماد أسلوب المراجعة التقليدي، فلا ينبغي إغفال حقيقة أنّ الخلية العصبية تُسجل وتتفاعل عند المذاكرة، ما يستدعي استخراج المشابك من موضوع الدرس باستخدام الألوان، إذ يكون كل محور بلون مختلف عن الآخر لرسم خارطة ذهنية. ويستحب توقيف المراجعة بعد كل 10 دقائق، والاستفادة من فترة راحة عمرها 15 دقيقة، حيث يمكن شرب الماء، التنفس، المشي، إجراء مكالمة هاتفية، وغيرها من الأمور المساعدة على تغيير الجوّ. ومن المهم أيضا للتلميذ، أن يمارس تقنية التنفس الاسترخائي الّتي تساعد على إخراج الطاقة السلبية واستبدالها بطاقة إيجابية، مع الحرص على اختيار وضعية الجلوس المستقيمة المريحة للجهاز الهضمي يوم الامتحان، باعتبار أنّ وضعية الجسم لها تأثير على الحالة النفسية للإنسان. نقطة مهمة أيضا يجب أن تكون في حسبان الممتحنين، وهي الإرساء المكاني الذي يتطلب اختيار مكان الدراسة، حيث لا يكون مكانا مخصصا للنوم كالسرير، ولا للأكل كالمطبخ، حتى لا ينشغل التلميذ بما يلهيه عن الدراسة. وكانت الوقفة أيضا خلال الورشة التدريبية عند صورة من صور المشاكل النفسية التي تصيب الطالب المقبل على الامتحانات، والمتمثلة في الاكتئاب الذي يعد أحد أوجه المرض النفسي. وتُعرف مدربة التنمية البشرية سعيدي هذا الأخير، على أنّه خلل في الطاقة، يمكن مواجهته من خلال التربيت (النقر بالأنامل على بعض النقاط في الجسم لإعادة الطاقة)، وتتمثل هذه النقاط في: الحاجبين، الذقن، تحت الأنف، تحت الصدر وتحت الإبط.
دعوة إلى توسيع دائرة التكفل النفسي ومن جانبها، تؤكد السيدة فاطمة حلفاوي، مديرة مركز التوجيه المدرسي والمهني ببن عكنون، على أهمية تنظيم أيام إعلامية وتحسيسية لمرافقة التلاميذ المقبلين على الإمتحانات الرسمية (بكالوريا والتعليم المتوسط)، للتغلب على الخوف والقلق قبل الامتحانات، وتحقيق التوازن النفسي، بما يكفل زرع الاستقرار الداخلي في نفوس الممتحنين، وذلك وقوفا عند حقيقة أنّ بعض التلاميذ يرسبون بسبب الاكتئاب، وعدم التحضير الجيد، لاسيما وأنّ بعض الأولياء ينقلون قلقهم إلى الأبناء، نظرا لكون هذه الشهادات ذات أهمية كبيرة في المجتمع. وبرأيها، تأخذ شهادة التعليم المتوسط والبكالوريا، خاصة ذاك الشكل المهم والمخيف في آن واحد، مما يستدعي مساعدة التلميذ لاجتياز خطوة تمثل نقطة تحول مصيرية في حياته، عن طريق إرشادات تسمح بتجاوز حالة الاضطراب النفسي الذي يصاحب غالبا الإمتحان الرسمي.