بفوزه بنسبة 51.62 بالمئة من أصوات الناخبين الفرنسيين واعتلائه كرسي الرئاسة الفرنسية يكون فرانسوا هولاند الرئيس الاشتراكي الثاني الذي يجلس على كرسي قصر الاليزي في تاريخ الجمهورية الخامسة منذ عهدتي الرئيس الراحل فرانسوا ميتران الذي قضى 13 سنة رئيسا للبلاد ما بين سنتي 1981 و.1995 وقد تمكن فرانسوا هولاند الذي سيتسلم مهامه الرئاسية منتصف الشهر الجاري وهو لم يتعد السابعة والخمسين من العمر، أن يحدث الاستثناء أيضا في تاريخ فرنسا عندما تمكن من هزم رئيس في السلطة في عهدته الرئاسية الأولى. وووصل هولاند إلى سدة الحكم في بلاده بعد مسيرة نضالية فاقت ثلاثة عقود بدأها بمعهد العلوم السياسية والمدرسة العليا للإدارة التي تخرج منها بدبلوم دبلوماسي بسيط في سفارة بلاده بالجزائر إلى ناشط فعال في الحزب الاشتراكي عمل طيلتها مع زعامات تركت بصاماتها في تاريخ الحزب وكل فرنسا من الرئيس فرانسوا ميتران إلى الوزير الأول ليونال جوسبان إلى فترة سيغولين روايال وبلوغه الامانة العامة لهذا الحزب الذي يبقى رغم الهزات التر عرفها ثاني قوة سياسية في فرنسا. وهي تجربة ثرية أضافها إلى مؤهلاته مكنته سنة 1997 من تقلد منصب الأمين العام للحزب الذي تبنى أفكاره وأصبح رقما فاعلا في صفوفه لمدة 12 عاما كاملة. وهو بالإضافة إلى ذلك شغل طيلة 11 سنة منصب نائب في الجمعية الوطنية عن دائرة كوريز في وسط فرنسا ورئيس بلدية تيل التي ينحدر منها في منطقة روان في شمال- شرق البلاد. ودخل فرانسوا هولاند سباق الانتخابات الأولية الممهدة للترشح باسم الحزب الاشتراكي والتي عادة ما تسبق الترشح للرئاسة الفرنسية ولم يكن أي احد يتوقع انه سيقلب المعطيات لصالحه وخاصة وان مدير صندوق النقد الدولي دومينك ستراوش خان كان احد اكبر منافسيه قبل أن يسقط في فضحية أخلاقية جعلته ينهار في منتصف المسار ليجد هولاند حلمه وقد بدأ يتحقق في بلوغ قصر الاليزي ورهانه في ذلك ''ترحيل'' نيكولا ساركوزي. ويصفه أنصاره بأنه مناضل يحب العمل في الظل ولكن بالفعالية التي تستدعيها الأوضاع والظروف مما جعل الأنظار توجه إليه في حسم الخلافات التي كانت تنشب من حين لآخر داخل حزبه الذي عرف اعنف هزة يوم حل ليونال جوسبان ثالثا في الانتخابات الرئاسية لسنة 2002 وأرغمته على الانسحاب من الممارسة السياسية وبعد أن كاد الحزب يتفتت بسبب صراعات داخلية واختلاف في المقاربات كونها المرة الأولى التي يحل فيها الحزب الاشتراكي وراء الجبهة الوطنية المتطرفة. ورغم دور ''الجامع'' الذي لعبه هولاند داخل تشكيلته الا انه لم يسبق له أن شغل منصب وزير في أية حكومة وهو ما جعل خصومه يصفونه بالفاقد للتجربة التي تؤهله لقيادة دولة بحجم فرنسا وفي وقت أصبحت تواجه فيه عدة متاعب وتحديات. وهو اتهام بالنقص عرف كيف يرد عليه عندما راح يؤكد في كل مرة أمام أنصاره وفي رسائل مشفرة باتجاه خصومه ''أنا هكذا كما ترون، لا املك خاتما سحريا ولست ملزما على أن أتقمص شخصية غير شخصيتي وأنا بالإضافة إلى ذلك شخص بسيط ومباشر وحر''. ولد فرانسوا هولاند سنة 1954 من أب طبيب ينشط في أقصى اليمين وأم مساعدة طبية متشبعة بالفكر اليساري وهي الأفكار التي قام بتهجينها في مخيلته الشابة ليخرج بفكر اشتراكي جعله يرسم سيرة حياته السياسية إلى جانب الفلاحين في منطقة نورماندي التي ينحدر منها وهي كلها معطيات اهلته لأن يصل إلى أعلى هرم سلطة في خامس قوة عالمية.