دعا الباحث والكاتب سعيد بوطرفة أول أمس، إلى دَمقرطة التراث بجعل المجتمع المدني يسهم في الحفاظ عليه، إذ يعتقد أن قضية صون التراث الوطني والذاكرة الجماعية للوطن لا تحتاج إلى قرارات فوقية، بقدر ما تحتاج إلى تعبئة المجتمع حتى يضمن الحماية الملائمة لهويته وشخصيته الجزائرية من الزوال. ويوضح الباحث سعيد بوطرفة المهتم بالتراث، أن مهمة الحفاظ على الموروث المادي وغير المادي المتصل بهويتنا التاريخية، تستدعي إشراك المبادرات الأفقية الموجودة في الميدان عبر سلوكات الناس وشغفهم وبحثهم عن تراثهم الأصيل، وذلك بهدف وضع حد للحالة التي آل إليها هذا التراث الجزائري وإنقاذه، بعد نصف قرن من الاستقلال، لا سيما أمام فشل القرارات العمودية في ضمان هذه المهمة. مؤكدا على ضرورة إشراك الخبراء في عملية التسيير وعدم احتكارها من طرف الإدارة. ويعتقد أن دور وزارة الثقافة ينبغي أن يقتصر على تمويل وتأطير عمليات الترميم والحفاظ على التراث الوطني، فيما يجب تكليف الخبراء والحركات الجمعوية وأصحاب هذه الممتلكات بالجانب العملي. وانتقد احتكار الإدارة عملية تسيير التراث وأعاب عليها إبعادها للخبراء، وأردف يقول أن عدم توفر المرممين المؤهلين زاد من تدهور التراث المادي الوطني. وتحدث السيد بوطرفة خلال ندوة حول ''وضع التراث الجزائري'' نشطها بمركز التسلية العلمية بالجزائر العاصمة، عن الصعوبات المتمثلة في عملية إعادة تملك الممتلكات التراثية، نظرا للحالة المتدهورة لجزء هام من التراث المادي وغير المادي الجزائري. وبعد أن أكد أن الثقافة تشكل دعامة للبلد وعاملا لتطوره، باعتبار أن الثقافة والتراث، موردان ماليان ثمارهما تقطف على المدى البعيد، في إشارة منه إلى قطاع السياحة. وطالب بضرورة العودة إلى بعض التقاليد المفيدة مثل الاهتمام بالقيّم الاجتماعية التي تؤدي إلى تحقيق الانسجام بين أطراف المجتمع، بالإضافة إلى حماية التراث المادي مثل القصور التي تعرضت 80 بالمائة منها للخراب. كما دعا المتدخل إلى حماية تراث الأهليل - إذ يختص السيد بوطرفة بهذا الجانب من التراث - رغم من إبداء الاهتمام به من طرف الوصاية ومن اليونسكو التي صنفته تراثا عالميا غير مادي، إلا أن هناك خوفا من فقدانه كونه تراثا شفويا. وقال السيد بوطرفة أنه بعد الاستقلال تم الاستغناء عن الكثير من التقاليد المفيدة وتوجه الاهتمام إلى العصرنة دون إحراز نتائج ايجابية، مقترحا التمسك بالتقاليد والنهل من العصرنة الهادفة للحفاظ على التراث بوسائله الآنية. وجدير بالذكر، أن السيد سعيد بوطرفة يشتغل حاليا لصالح برنامج ''مانوميد'' أو ''مخطوطات ورجال'' المكرس للحفاظ على التراث المتوسطي المكتوب، حيث يهدف المشروع المنجز بالشراكة مع الاتحاد الأوروبي إلى تحسين المعارف من خلال الحفاظ على سلسلات وثائقية في دول حوض المتوسط والحفاظ على تنوع تراث المخطوط والتراث