أكّدت وزيرة الثقافة السيدة خليدة تومي، أمس، أنّ الجزائر تسعى من خلال خبرائها وبإعانة من المنظمة الدولية للتربية، العلوم والثقافة ''اليونسكو'' إلى تصنيف تحفتين من تحفها الثقافية في مجال التراث الثقافي غير المادي، حيث استكملت ملفّيهما وذلك إلى جانب السعي لتصنيف معالم تاريخية وأثرية أخرى وإنشاء حظائر جديدة، حيث تعمل مصالح وزارة الثقافة على تصنيف الأهقار تراثا إنسانيا عالميا، علاوة على إنشاء ثلاث حظائر مشابهة لحظيرة التاسيلي في تندوف، التوات والأطلس الصحراوي. وزيرة الثقافة أشارت أيضا - على هامش المحاضرة التي ألقاها الخبير الجزائري في التراث الثقافي البرفيسور منير بوشناقي أمس بمجلس الأمّة- إلى أنّ الجزائر تملك سبعة مواقع أثرية مصنّفة كتراث عالمي للإنسانية، وعملت منذ السنوات الأولى للاستقلال على إيجاد مكانة مميّزة لها في ''اليونسكو''، حيث صادقت على جميع الإتفاقيات المتعلّقة بالتراث الثقافي، وكان الوزير الأسبق محمد بجاوي مهندس اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي عام .2003 وتأسّفت المسؤولة الأولى على الشأن الثقافي الجزائري، على الخروقات التي يتعرّض لها التراث في شقيه المادي وغير المادي، والتي يقترفها أصحاب النفوذ والمال، حيث بالرغم من أنّ الجزائر لديها ترسانة قانونية في مجال حماية التراث، إلاّ أنّ البعض يحاول بكلّ الطرق طمس هذه الفضاءات الحضارية باسم ''التنمية الإقتصادية'' وأعطت على ذلك مثال رغبة أحد المستثمرين إقامة ''محجرة'' في قلب حظيرة ''التاسيلي ناجر''، التي تعدّ أكبر حظيرة طبيعية وأكبر متحف للنقوش الصخرية في العالم، وفي هذا الصدد، أكّدت تومي على أنّ وزارة الثقافة طلبت من ''اليونسكو'' إيفاد لجنة تحقيق تضمّ خبراء ومختصين لدراسة الوضع. وشدّدت تومي على أنّ وزارة الثقافة ترفض مثل هذه التصرّفات التي تسيء للتراث الوطني والإنساني بتواطؤ من جهات كثيرة تضرب عرض الحائط قرارات الوزارة الوصية، وقالت ''نحن لسنا ضدّ التنمية، لكن نريد أن نحافظ ونثمّن تراثنا ونطبّق التزامات الدولة الجزائرية أمام المجتمع الدولي في هذا الخصوص". من جانبه، البروفيسور الجزائري منير بوشناقي مدير المركز الدولي للدراسات من أجل الحفاظ وترميم الممتلكات الثقافية ''إيكروم''- مقره بروما- ذكّر، خلال محاضرته المعنونة :''تطوّر سياسات التراث الثقافي في العالم، بنشاط اليونسكو والمنظمات الدولية، حالة الجزائر'' بمختلف الإتفاقيات التي تتعلّق بحماية التراث الثقافي منذ إنشاء اليونسكو عام ,1945 وأوّل هذه الإتفاقيات، إتفاقية حماية الممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح، وتشمل بروتوكول لاهاي الأوّل عام ,1945 والبروتوكول الثاني عام ,1999 وآخرها إتفاقية 2005 المتعلّقة بالحفاظ وترقية التعابير الثقافية. البروفيسور بوشناقي، توقّف مطوّلا عند المعوقات التي رافقت تطبيق عدد من الإتفاقيات الدولية هذه نجد خاصة إتفاقية لاهاي التي تعني بالممتلكات الثقافية أثناء النزاع المسلح، حيث عدّد بعض المواقع في لبنان، العراق، بولونيا، الكمبودج، أفغانستان ويوغسلافيا ومختلف بؤر التوتّر في العالم. وتحّدث ضيف مجلس الأمّة عن الإجراءات التي قامت بها ''اليونسكو'' للحفاظ على الآثار الموجودة في فلسطين، حيث أكّد أنّه بداية تمّ إدراج القدس على قائمة التراث العالمي عام 1981 بطلب من الأردن، ثم أدرج في قائمة المواقع التي تحت الخطر في العام 1982 بناء على اتفاقية عام 1954 الخاصة بحماية التراث أثناء النزاع المسلح، وبناء على اتفاقية 1972 الخاصة بحماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي. وطلبت اليونسكو مساهمات مالية لإنقاذ بعض المواقع داخل القدس، وحصل على تمويل من السعودية وعمان والإمارات، ومن الميزانية العادية لليونسكو، ليتم ترميم حمام العين الموجود بالقرب من أحد مداخل مسجد القدس الشريف، وترميم حمام الشفا، وتجهيز مكتبة الخالدي بالتكييف، للحفاظ على المخطوطات العربية، كما نظّم اليونسكو أيضا تدريباً لخمسة من طلبة القدس في إيطاليا ورممنا مدرسة الأشرفية داخل الحرم، وعقدنا عام 2005 أول اجتماع لإنقاذ مدينة القدس القديمة كلها باعتبار أن القدس في حالة احتلال، بحسب قرارات الأممالمتحدة التي نلتزم بها. وخلص البروفيسور بوشناقي، وهو يتحدّث باقتضاب عن حالة الجزائر، إلى ضرورة الإهتمام بالتراث وإشراك الشباب في هذا المسعى، علاوة على إدراج الحفاظ على التراث الثقافي وتثمينه في المناهج الدراسية من منطلق أنّ هذا التراث عامل مهم في التنشئة السليمة.