أعلن الدكتور عبد العزيز بن عثمان التويجري، المدير العام للمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة ''ايسيسكو''، في حديث أجرته معه مجلة ''الإحياء'' التي تصدر من الرباط نشرته في عددها الجديد، أنّ ''الإستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي'' تضع الأمة الإسلامية على أوّل الطريق في اتّجاه تأكيد الذاتية الحضارية الثقافية الإسلامية، وإثبات القدرة على التعامل مع الثقافات الإنسانية بمختلف تياراتها ومشاربها، والتفاعل مع قضايا العصر بكلّ اتّجاهاتها وموضوعاتها، والتعايش مع الإبداعات الفكرية والأدبية والفنية والإنسانية من موقع القوّة والتفوّق والتميّز. مشيرًا إلى أنّ العالم الإسلامي دخل بهذه الإستراتيجية عصرًا جديدًا قوامه التخطيط العلمي للمستقبل، ودراسة تحديات الحاضر وقضاياه، وتحليل المشكلات الثقافية التي تعوق النمو الثقافي في البلدان الإسلامية. وتحدث عن الاهتمام الذي توليه ''الايسيسكو'' لنشر الوعي العلمي والثقافة العلمية، فقال إن ذلك يتم عبر تشجيع الدول الأعضاء على تعزيز قدراتها في حقول العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بحيث تترسخ قواعد البحث العلمي، ليصبح ثقافة مجتمعية وقوة دفع للتنمية الشاملة المستدامة. مشيرًا إلى ''استراتيجية العلوم والتكنولوجيا والابتكار'' التي أعدتها ''الإيسيسكو'' واعتمدها مؤتمر القمة الإسلامي الثامن المنعقد في طهران سنة ,1997 وصادق المؤتمر الإسلامي الرابع لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي المنعقد في باكو سنة 2008 على تجديدها. وذكر أنّ هذه الإستراتيجية تتكامل مع استراتيجيتين أخريين اعتمدهما مؤتمر القمة الإسلامي العاشر المنعقد في ماليزيا سنة ,2003 هما ''استراتيجية تطوير التقانة الإحيائية في العالم الإسلامي''، و''استراتيجية تدبير الموارد المائية في العالم الإسلامي''، يضاف إلى ذلك ''استراتيجية تطوير الطاقة المتجدّدة في العالم الإسلامي'' التي اعتمدها المؤتمر الإسلامي الثالث لوزراء البيئة المنعقد في الرباط سنة .2008 وأوضح أن هذه الإستراتيجيات العلمية الأربع، تشكل إطارًا واسعًا للتعاون في مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، على مختلف المستويات. وهي جميعها تفتح الآفاق الواسعة أمام الدول الأعضاء، لتعزيز قدراتها العلمية والتقانية، ولإقامة القاعدة العلمية الراسخة للتقدم في مضمار البحث العلمي المنتج للتنمية الشاملة المتكاملة المستدامة. وذكر أن الإيسيسكو لا تكتفي بنشر الوعي بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار فحسب، على الرغم من الأهمية البالغة لإشاعة هذا الوعي وترسيخه، ولكنها تنفذ المئات من البرامج والأنشطة العلمية على الأرض، التي تستفيد منها الدول الأعضاء كافة، وتتعاون مع شبكة واسعة من المنظمات الدولية، وفي المقدمة منها ''اليونسكو''، في تنفيذ أنشطة تدخل في نطاق الاختصاصات العلمية للمنظمتين ''الايسيسكو'' و''اليونسكو''، إضافة إلى التعاون القائم مع اللجنة الدائمة للتعاون العلمي والتكنولوجي - كومستيك- التابعة لمنظمة التعاون الإسلامي. وجوابًا عن سؤال حول رؤية ''الإيسيسكو'' إلى الإصلاح، قال مديرها العام : '' إن الإصلاح هو المشروع الحضاري للعالم الإسلامي، في الحاضر وفي المستقبل، وهو منظومة متكاملة تجمع العناصر التربوية والحقوقية والعلمية والتقانية والثقافية، فإن فقد عنصر واحد منها، اختل التوازن، الذي هو شرط لازم من شروط النهضة والتقدم في مختلف المجالات، وإن كان التأكيد على العنصر التربوي في المرحلة الأولى للإصلاح، في إطار تفعيل العنصر الحقوقي، يرتقي إلى مستوى الضرورات الملحة التي تفرض نفسها في سياق البحث عن مخارج للأزمة الحضارية التي تعيشها الأمة الإسلامية. موضحًا أن الدول التي استوعبت هذه الحقائق واستجابت للمتطلبات الإصلاحية المشروعة، هي التي استطاعت أن تتغلب على المشاكل القائمة وتجد لنفسها مخرجًا من الأزمة، وتصل إلى ضمان الفرص المواتية لاستكمال عملية الإصلاح في مأمن من المخاطر، مؤكدًا على أن تنفيذ مشاريع الإصلاح الشامل والهيكلي في دول العالم الإسلامي، من منطلق احترام حقوق الإنسان والحريات الأساس للأفراد والجماعات، فريضة دينية وضرورة حياتية ورسالة حضارية ومسؤولية جماعية مشتركة.