كثيرا ما نسمع أجمل القصائد يتغنى بها شيوخ الأندلسي و لكن نجهل القرائح التي أبدعتها، وإن صح القول نشتغل بالاستمتاع على معرفة الشاعر المبدع، وشعرنا الشعبي بمختلف أنواعه غنى بالجمال الموسيقى، ونظرا للمكانة التي وصلتها الموسيقى الاندلسية من خلال الإبداعات الشعرية الغنائية ارتأت وزارة الثقافة ان تعمل على حفظ هذا التراث الجميل وذلك من خلال »تلمسان عاصمة الثقافة الاسلامية« حيث خصصت لهذا التراث حيز امهما في اصدارات موسوعية لسنة 2011 في سلسلة مختارات من الموسيقى الكلاسيكية الجزائرية، والموسوعة التي بين أيدينا تناولت »قصائد من الحوزي، العروبي، المديح والغربي« لمحمد سهيل الديب وجمع وإعداد وتحقيق أمين ورفال، وانيس قلفاط ومحمد سهيل الدين وفيصل بن قلفاط. المجموعة التي سهرت على اعداد واخراج هذه الموسوعة عملت على التنوع والبحث والتحقيق وتتبع المدارس الشعرية الغنائية في تلمسان والتعريف بالشعر الغنائي أنواعه وأوزانه وأجناسه حيث جاء في مقدمة الموسوعة: »نجد في تلمسان نوعين من الشعر الغنائي: النوع الأول يسمى »الصنعة« وهو التراث العربي الأندلسي الذي يتألف من النوبات والانقلابات، وهناك نوع آخر ينتج عن النوع الأول وهو الذي يظهر فيه الشاعر أو الموسيقى براعته الشخصية في التأليف والتلحين، ويتألف النوع الثاني من الحوزي والعروبي والمديح والسماع والغربي«. وقد خصص الجزء الأول من هذه السلسلة الموسوعة الى النوع الثاني من الحوزي والعروبي والمديح والسماع والغربي. وقد تم انتقاء النصوص وتحديدها حتى تعطى فكرة عن هذه الأنواع من الشعر، وتحتوي الموسوعة 130 نصا شعريا في الأنواع المذكورة آنفا. كما وضعت لهذه الموسوعة في جزئها الأول مقدمة تناولت في بدايتها التعريف بهذه الأنواع الشعرية كالحوزي الذي يعني من الناحية الجغرافية أطراف المدينة مثل ما نقول الجزائر العاصمة وأحوازها أي أطرافها ونواحيها، كما تطرق التقديم الى المعيار الأندلسي والهامش الحوزي ومفهوم المستويات من حيث النوع الأندلسي باعتباره معيارا والحوزي باعتباره منتجا، وكذا التعدد أو الفروع التي تفرعت عن الحوزي كالحوزي المتصنع والحوزي الحر. كما قدم التأليف للتعريف بالصنعة مثل النوبة والسليسلةو الانقلاب ثم تدرج في تقديم الحوزي المتصنع و الحر وميزاتهما من حيث الجانب الرسمي والجانب الإيقاعي والمقاييس التي يعتمدها في ميزان القصيد والتي هي واحد للجواب وواحد للغناء أما من حيث الشكل فهناك شكل الدرج للموسيقى والغناء وشكل واحد في الخلاص، من هذه القياسات الإيقاعية يعتمد الحوزي على النماذج الأربعة المذكورة آنفا هذا من ناحية الحوزي المتصنع، كما ان هناك الميزان »البروالي« وهو غير معروف في الحوزي المتصنع وهو ميزان ثابت في الغناء والأداء الآلي. أما من الناحية التاريخية فقد تطرقت الموسوعة في جزئها الأول الى ملامح من مدرسة الحوزي وقدمت نماذج للتدليل عليها وذكرت رواد هذه المدرسة التي رأت أن لسعيد المنداسي مساهمة كبيرة في ظهور المدرسة الكلاسيكية للحوزي واللغة التي كان يعتمدها في كتابة النصوص فمرة كان يعتمد الفصحى ومرة على العامية في كتابته لهذه النصوص. كقوله : »إذا ماصبوا في الكاسات خمرًا رأيتها شموسًا في بروج وإن دخلت على اسرابي يومًا تزحمت الهموم على الخروج« ونلاحظ في هذا النموذج أنه عتمد اللغة العربية الفصيحة أما في ا لنص الثاني استعمل العامية كقوله: »إذا صبّ النديم في كيسان الراح تظهرلي شموس تشرق وسط براج وإذا دخلت في الحشى تأتي بأفراح تنفي عني الهموم ماسرعها بلخروج« وهو نفس الاصدار من اللغتين الفصيحة والدارجة كما تطرق التقديم الى الموضوعات التي يتناولها الحوزي من حيث المكان، الزمان، الفصول الموسيقى، ،الأوضاع الملابس، الآلات الموسيقية ،المشروبات والأواني. ذكر التقديم ايضا الاغراض الشعرية مثل الغزل والأوصاف الجسمانية والصور المشبهة أو المقابلة لما في الطبيعة. والموسوعة احتوت نصوصا من شعر الشعراء أمثال الشاعر محمد بن مسايب الذي تصدرت قصيدته »هاض الوحش علي« الموسوعة ثم قصيده»من صاب مع المليح فرجة« و»ناري وقرحتي وسباب القلب الحزين« وقصيد »القلب بات سالي« و»جاتها القوم سايقه غلغالة« و»سلطان الحب طغى وجارعني بجيش« وكثير ن النصوص لهذا الشاعر الفحل. أما الإنتقاء الثاني فكان لنصوص الشاعر بن سهلة في قصيده »يا الواحد الخالق العباد سلطاني« وقصيد »فايوق يهني قلبي ولمتى يستراح« وقصائد أخرى »واحد الغزال«، »يامسلمين«، »كيف أعمالي وحيلتي« و»نار هواكم لهابت«. كما كانت من النصوص المختارة قصائد الشاعر بن التريكي، تصدرتها قصيدة »ياعشاق الزين« و»ليك نشكي بأمري يارافع السماء«. كما هناك نصوص اخرى لكل من الشاعر يوسف بلعباس والشيخ المسعود وبن عامر وسيدي سعيد المنداسي والشيخ بن زقلون وقصائد من شعر الشاعر الفحل مصطفى بن ابراهيم كقصيد »سرج يافارس اللطام« ومن قصائد ابن قنون »قولوا لسي محمد لايغيضك حالك« والشيخ الكبابطي قصيد »من يبات يراعي الأحباب واش هي« والشيخ بن يوسف »ذلي برضاك لذلي« وبن الدباج قصيد »الحبا ماعطاني فترة« والجعيدي يملي في قصيد » الخبر جا من الغرب« ومن قصيد بن سعيد بومدين »ابقيت مهموم«. كما تم تخصيص قسم من النصوص للمديح الديني للشاعر محمد بن مسايب، المنداسي سعيد وسيدي لخضر بن خلوف، واحمد بن تريكي، وبن سهلة والشيخ بن حمادي والشيخ أبو الأطباق، والشيخ أبو مدين شعيب، وابن الفارض، ومحمد بن سليمان، ومحمد النجار، والشيخ مبارك السوسي، وعبد السلام بوعزا وسيدي قدور العلمي، والشيخ العربي الفاسي كما تدعم الكتاب بالصور لرضوان بن صاري، عبد القادر تومي، الحاج محمد غفور، فضيلة الزيريرية، طاهر فرقاني، الصادق البجاوي، دحمان بن عاشور وغيرهم. واحتوى القسم بالعربية على330 صفحة من القطع الكبير، والقسم الخاص باللغة الفرنسية على 192 صفحة من نفس القطع.