تشهد العديد من الولايات نقصا حادا في وسائل النقل الجماعي، خاصة حافلات نقل المسافرين، التي قلصت من ساعات عملها خلال هذا الشهر الفضيل، الأمر الذي أدى بالعديد من الموطنين للانتظار ساعات طويلة بالمواقف لوصول وسائل النقل، ولم تتمكن مختلف برامج العمل الرمضانية الخاصة بالنقل الحضري التي سطرتها كبرى شركات النقل على غرار ايتوزا، المترو والترامواي من سد العجز الحاصل، فيما عجزت مديرية النقل عن فرض سيطرتها على القطاع الخاص الذي دخل في سبات رمضاني وأمام هذا الوضع دعت هيئات مهتمة إلى ضرورة تكفل الدولة بقطاع النقل الحضري بشكل كامل وتحميل القطاع الخاص مسؤولية النقل ما بين الولايات فقط. وقد انتقد رئيس الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك، السيد زكي حريز، الوضعية الحالية لقطاع النقل قبل وأثناء شهر رمضان، داعيا إلى ضرورة إعادة النظر فيها بعد أن غابت معظم وسائل النقل الخاصة منذ بداية هذا الشهر وغابت معها جميع حملات المراقبة من قبل المصالح والهيئات المختصة، وقد وصف محدثنا الوضعية الحالية بالمزرية والكارثية لا من ناحية مراعاة الآداب الاجتماعية ولا حتى الاحترافية واحترام المواقيت، التي غابت عن قاموس الناقلين الذين يطبقون قوانينهم حسب المزاج. ودعا محدثنا السلطات العمومية إلى التكفل بمشكل النقل في بلادنا، خاصة النقل الحضري الذي يجب أن تتدخل الدولة لتنظيمه باعتباره نقلا غير مربح، خاصة إذا التزمنا بمعايير النقل العالمية والتي تلتزم بعامل أساسي وهو احترام التوقيت وذلك لما يشكله النقل الحضري من أهمية لدى الفرد الذي يطالب بضبط المواقيت واحترامها باعتبارها أولوية، علما أن هذا القطاع غير مربح بالنسبة للخواص، خاصة إذا أردنا فرض التوقيت عليهم، لأنهم يكثفون عملهم في وقت الذروة فقط سعيا وراء الربح. كما يضيف رئيس الفدرالية أنه على الدولة أن تتحمل مسؤولية النقل بشكل كامل أو جزئي من خلال تدعيم شركات نقل تظم ما بين 100 و200 حافلة نقل تكون مطابقة للمواصفات بتقديم إعانات مالية تصل إلى حدود ال 40 بالمائة كتكلفة للتعويض عن بعض الشروط والالتزامات الواجب احترامها، خاصة تلك المتعلقة بالوقت مع تشديد المراقبة عليها، ولعل التجربة الحديثة للترامواي والمترو أعطت نتائج جيدة استحسنها المسافرون. وكانت الفدرالية الوطنية لحماية المستهلك قد رفعت تقريرا إلى وزارة النقل تنتقد فيه بعض الممارسات وكذا الوضعية الحالية للحظيرة الوطنية للنقل غير المطابقة لمواصفات النقل الحضري، إضافة إلى عدم أهلية غالبية السائقين لهذه المهمة والمسؤولية المتمثلة في تأمين المسافرين، وقد طالبت الفدرالية بعدم منح رخصة النقل الجماعي لمن تقل أعمارهم عن 30 سنة مع ضرورة إعادة تأهيل السائقين الحاليين. للعلم فإن آخر الأرقام والمعطيات تشير إلى أنه من بين ال 150 ألف سيارة أجرة المنتشرة ببلادنا والتي من بينها 12 ألف بالعاصمة وحدها فإن 15 ألف سيارة لا تتوفر على أبسط الشروط ولا تتوفر على المواصفات المناسبة لنقل الركاب، علما أن جزءا كبيرا منها يوجد بكبرى المدن والولايات على غرار العاصمة، إضافة إلى الولايات الداخلية التي تسجل أكبر نسبة للسيارات والمركبات القديمة والتي تجاوزت عمرها الخدماتي، حسب المختصين. أما بالنسبة لسيارات النقل الجماعي الكبيرة (الحافلات) فتشير الدراسة إلى وجود أزيد من 10 آلاف حافلة لا تصلح لنقل الآدميين لما تشكله من خطورة مباشرة ومؤكدة على المسافرين وهي جزء من الحظيرة الوطنية لحافلات النقل البالغ عددها أزيد من 70 ألف حافلة، منها أزيد من 400 في العاصمة التي تسجل نسبة معتبرة من حافلات النقل القديمة والتي تفتقد لأدنى شروط السلامة والأمن، مشكلة خطورة كبيرة على المسافرين. وموازاة مع هذه الحظيرة المهترئة، يسجل قطاع نقل المسافرين ما لايقل عن 50 ألف سيارة "كلوندستان" تنشط عبر كامل ولايات الوطن والغريب أن أغلب هذه السيارات رغم عدم شرعية نشاط أصحابها، إلا أنها توجد في حالة جيدة ولا يتعدى متوسط عمرها خمس سنوات عكس تلك التي تنشط بشكل رسمي من سيارات أجرة وحافلات نقل جماعي والتي تتسبب بشكل مباشر في حوادث مرورية خطيرة وذلك استنادا إلى حصيلة الحوادث المسجلة من قبل مصالح الأمن والدرك الوطنيين، إضافة إلى عرقلة كبيرة في حركة المرور نظرا لصعوبة توقفها وانطلاقها من جديد وكذا توقفها المفاجئ بكبرى الطرق والمسالك.