كان الجمهور العاصمي سهرة الأربعاء على موعد مع اكتشاف الأوركسترا السمفونية الوطنية في وجه مغاير عن عزف أشهر السمفونيات العالمية لموزار وبتهوفن وبراخ المعتاد سماعها، وأظهروا في حفل فني مدى جمالية أداء الأغاني المنوعة في إطارها الأكاديمي الصحيح، في محاولة لبعث أجواء رمضانية كُلّلت بالنجاح بشهادة الحاضرين الذين استحسنوا الفكرة، وكذلك المطربين الذين صعدوا على ركح قاعة “ابن زيدون” برياض الفتح. الحفل الذي احتضنته مدينة بجاية أول أمس أيضا، كان بقيادة المايسترو سيد أحمد فلاح، وقد استهل بمعزوفة “بلادي” التي تحصلت مؤخرا على المرتبة الثانية في المسابقة السنوية التي ينظمها اتحاد الإذاعات العربية، وهي عبارة عن مزيج موسيقي لمختلف الطبوع التي يزخر بها التراث الجزائري، ثم يصعد مغني الشعبي حسينو ليؤدي ثلاث من روائع الراحل الهاشمي قروابي وهي “البارح”، “ابدا عمري” و«اتفكرت البهجة”، وقد انسجم الجمهور الوافد إلى القاعة بكثرة لاسيما أن هذا الطابع محبوب عند غالبية العاصميين. ولم يعرف معظم الحضور للحركة سكونا، لما اعتلت المطربة المتألقة أسماء جرمون، وقد ألهبت فضاء ابن زيدون بحماسها في الغناء وتميّزها في أداء مجموعة من الأغاني التي تصبّ في خانة التراث الحوزي وأجمل ما أدّي في طابع الشعبي، فغنت “عليك بالهنا والضمان”، “مازالني معاك انقاسي”، “الغرام كواني”، “كحل عيونك”، “الخلاعة” المعروفة ب«أيا نعولو” وأخيرا “ضوي العشية”، وقد أعربت في نهاية وصلتها الغنائية عن استحسانها لأداء مثل هذه الأغاني رفقة أوركسترا سمفونية تضم العديد من العازفين. وبعد النوع العاصمي، مثل المطرب حسان دادي الطابع الشاوي في السهرة المنوعة، وقد افتتح برنامجه الموسيقي بالعيطة النابعة من شموخ جبال الأوراس، وأدى مجموعة الأغاني كذلك وهي “البرية”، “جميلة”، “ذاغريب” و«النوقير”، وعلى أنغامها صفق ورقص الحضور المشكل من العائلات في معظمه. ثم جاء الطابع القبائلي رفقة المطربة نادية بارود التي أدت مجموعة من الأغاني الخفيفة والعاطفية من رصيدها الغنائي الخاص، وأدت “صحا ذي الزهريو”، “بلا ربي”، “لمنام” و«أنروح”. واختتم السهرة المطرب الراقص المحبوب عند أغلبية الشباب، حكيم صالحي، الذي تمكّن فعلا من حرق حريرات الجمهور الذي رقص وغنى بحماس كبير معه، خاصة عن أدائه لأغنيته الشهيرة “صحراوي”، التي كانت بمثابة مسك ختام الحفل، وكان قد استبقها بأغاني خاصة به “بلا ما نشوف”، “تاكلة”، والأغنية العاطفية “أنا نبغيها”.