أمتع نجم الأغنية القبائلية لونيس آيت منقلات الجمهور القسنطيني في السهرة التي أحياها أول أمس بقصر الثقافة مالك حداد الذي حولته أغنية "تاوريقت تاشبحانت" الى حلبة للرقص اندمج فيها عشاق الأغنية القبائلية. المطرب آيت منقلات حلق بعيدا بقيتارته في رحاب التراث القبائلي الذي حرك مشاعر القسنطينيين بحوار حميمي زادته نكهة الاياقاعات المستمدة من الأغنية الأصيلة، وفي غمرة تواصل القاعة مع الرصيد الفني لهذا المطرب استيقظت في نفسه ذكريات القصبة التي عاشها لونيس آيت منقلات في مدينة الجسور جندي في الثكنة سنة 1972 حيث كتب رسالة بعنوان "من سأحمله الخطأ" وهي أغنية تحمل الكثير من الأحاسيس تجاه الخليلة التي تركها في بلاد القبائل، وتواصل الحفل على ريتم الأغاني العاطفية التي تبرز المسار الفني لهذا المطرب الذي عشق الحبيبة فنعتها بعدة صور، وبالرغم من اللهجة المحلية لجل الأغاني التي أداها الا أن الجمهور ظل متواصلا معه وكأن العلاقة لاتتقيد بعامل اللغة. وعند كل أغنية يفضل المطرب تقديمها بوصلة موسيقية حتى يتحسس مدى تجاوب الجمهور الذي غاب عنه منذ 30 سنة وهو يعود الى بيته قال أنه لم يفتقدها طيلة هذه السنين معتبرا السهرة القسنطينية جزء من كيانه الفني، وقد أكد أنه جد متأثر بالحفاوة التي تفاجأ بها عندما اعتلى الركح رفقة فرقته التي يوجد ضمن أفرادها نجله جعفر. حيث اكتشف أن شعبيته لا تختلف سواء في بلاد القبائل أو الغرب الجزائري أو شرقه، وهذا ما بدى جليا في هذه السهرة فلم تنقطع التصفيقات وطلبات الجمهور لبعض الأغاني المعروفة مثل "جي أس كا" التي نالت شعبية كبيرة على مستوى الوطن، وفضل المطرب العودة الى أرشيفه القديم ببعض الأغاني مثل "لويزة" التي يغلب على مضمونها الطابع العاطفي بالاضافة الى أغنية "ثلاثة أيام" "الورقة البيضاء" "طريق طويل". بعض هذه الأغاني مستمد من التراث الذي يظهر أن ابن القبائل مولوع به حتى في قصائده التي ترجمت الى العربية مثل قصيد "السواقي" التي تم تلحينها على غرار أغنية "ضاق القلب" "الجمال اللطيف" "من أجل اسمك الغالي" وهنا لابد من الاشارة بأن المطرب لونيس آيت منقلات يعتبر من الشعراء القلائل الذين أبرزوا في ابداعاتهم العادات والتقاليد في منطقة القبائل. ويجدر التذكير أن هذا المطرب بدأ مشواره سنة 1966 حيث ظهر أول مرة كمبدع وفنان على القناة الوطنية الثانية في حصة "ايغناين أوزكا" -مطربي الغد- وبعدها بدأ يغني قصائده العاطفية المحبوبة مرافقا اياها بقيتارته التي يعتبرها ملهمة كلماته فحاورها في أغنية بعنوان "قيم ذق ربيو" ومعناها "كوني في حضني" وهو لا يترك مناسبة تفوته دون الظهور رفقة -القيتارة- التي يقدم بها أعذب الألحان القبائلية، وقد حافظ آيت منقلات على طابعه الفني رغم التطور الذي يعرفه مجال الموسيقى، حيث يقدم أغانيه بآلات تقليدية ما يؤكد من جهة أخرى أن التراث هو الشلال والمنبع الحقيقي للفن الأصيل الذي يبرز هوية الفنان القبائلي الذي ظل يناضل من أجل الحفاظ على التراث الغنائي المحلي. لتذكير فقد نظم الحفل الديوان البلدي لترقية الثقافة والفن بقسنطينة وهذا في اطار برنامج سهرات شهر رمضان.