تمثل عملية الإنفاق خلال شهر رمضان عبئا كبيرا على كاهل الأسرة الجزائرية، فلم يعد رمضان أياما للصوم والتقرب إلى الله، بل حوّله الكثير من الناس إلى شهر للبذخ والإسراف في المأكل، المشرب والنفقات، فأضحى المواطن بذلك يركز جل اهتمامه طيلة هذا الشهر على كيفية توفير الأموال لمواجهة المتطلبات المتزايدة، لتكون ميزانية رمضان الأعلى على مدار العام، ولا سبيل مع ذلك للادخار.. يجد المرء نفسه خلال رمضان ذو شراهة لشراء أي شيء قابل للاستهلاك، وبكميات أكثر من اللازم. وعادة الشراء العشوائي هذه تطفو إلى السطح في هذا الشهر.. وتتلخص أسبابها في عدم التخطيط الجيد للاحتياجات والكماليات مقارنة بميزانية الأسرة، إلى جانب سلوكيات التسوق التي تدفع بالمستهلك إلى شراء واسع لسلع كثيرا ما تكون غير ضرورية. يأتي هذا في وقت تقبل فيه ميزانية الأسر الجزائرية على مناسبات ثلاث، كلها تستلزم الرفع من وتيرة الصرف، وترتبط بحاجيات مائدة رمضان، فالعيد بأزيائه، ثم المكتبات والمستلزمات الدراسية مع بداية الموسم الدراسي. فكيف للأسرة الجزائرية هنا أن تتمكن من ادخار بعضا من الأموال؟ تتساءل ربة أسرة مشيرة إلى أنها اضطرت لسحب ما لا يقل عن 40 ألف دينار من صندوقها للتوفير، في بداية رمضان، لمواجهة المصاريف المتزايدة بسبب الأكل الإضافي والدعوات بين الأهل التي تؤكد بشأنها المتحدثة أنها تضطر لشراء اللحوم بأنواعها الثلاثة لتحضير ثلاثة أنواع من الأطباق، إضافة للشوربة والسلطات، مشيرة أن أبسط دعوة تتطلب منها ما لا يقل عن 4 ألاف دينار. من جهتها، تؤكد ربة أسرة أخرى أن أمر ادخار بعض الأموال قد استعصى عليها، ليس بسبب رمضان فقط، وإنما بسبب الصيف وتجهيزاته وعودة الأهل من المغتربين لأرض الوطن والنفقات المترتبة عن الدعوات. وتقول المتحدثة إن كل تلك النفقات تجعلها تستخرج بعض مدخراتها، تقول: “أجاهد نفسي وأتحايل على مصروفي وميزانية أسرتي طوال أشهر، حتى أتمكن من ادخار بعض المال وأحلف بأغلظ الأيمان ألا أسحب أبدا من “الكناب”، ولكنها أيمان تتبخر بمجرد حلول الصيف ورمضان، بسبب النفقات الكثيرة التي لا تكفي معها أجرتي أنا وزوجي”. ويقول رب أسرة تحدث إلينا؛ إنه رغم الجهود المبذولة في سبيل تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، والتي ترجمت بارتفاع محسوس في الأجور لمعظم الموظفين في السنوات الأخيرة، إلا أن المواطن الجزائري يعيش على هاجس الديون المترتبة على احتمال الاقتراض بسبب مصاريف المواسم والأعياد. يقول: “الادخار من اختصاص زوجتي التي تتمكن بشكل أو بآخر من توفير بعض المال في صندوق التوفير والاحتياط، ولكننا نضطر للسحب مكرهين لأسباب عديدة، ثم نكتشف بعد مضي رمضان، العيد والدخول المدرسي أننا أحدثنا ارتباكا كبيرا في المدخرات، ولكن نقول دائما الحمد لله أننا لقيناهم”. ويرى بعض الملاحظين أن نسبة زيادة عمليات الشراء خلال شهر الصيام تصل أحيانا حدود 30 بالمائة، زيادة عن المعدل المعتاد، وتتعلق هذه النسبة أساسا بتلبية طقوس الشهر المبارك والإنفاق على المواد الغذائية طيلة هذا الشهر، بحسب شهادة مقتضية لرئيس إحدى وكالات الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط بشرق العاصمة، مشيرا إلى أن عمليات السحب في يوم رمضاني واحد قد تصل حدود المائة عملية، فيما لا تتجاوز عمليات الإيداع حدود العشرين، وأغلبها تخص عمليات تخليص ديون القروض الاستهلاكية.