بصفة الشمعة أحرق الحاج محمد السعيد من عمره سنين لينير سماء الطرب الشعبي، وبصفة القنديل أضاء درب المولعين بفنه المتميز عن العديد من أعمدة هذا الطابع، وبصفة الثريا أسس هذا المبدع لأسلوب غنائي متفرد ينسب إليه، وبأغنية “صفة الشمعة والقنديل والثريا” صنع لنفسه مجدا تليدا، وأضحى مدرسة قائمة بذاتها حتى وإن كان تلميذا نجيبا لمحمد العنقى. كرمت سهرة أول أمس بالجزائر العاصمة، وزارة الثقافة مواصلة منها في سلسلة التكريمات لعمداء الأغنية الجزائرية، المطرب الحاج حسن السعيد صاحب الأغنية التي دفعته نحو النجومية “صفة الشمعة والقنديل والثريا” وترجع كلمات القصيدة للشاعر محمد بن سهلة الذي كتبها في القرن الثامن عشر، وقد أداها المطرب المكرم سنة 1970، ورغم مرور أزيد من أربعة عقود على تلحينها من قبل الظاهرة محبوب سفر باتي المعروف بمحبوب باتي، مازالت هذه الأغنية تحضى بشعبية منقطعة النظير. خلال حفل التكريم الذي أشرفت عليه وزيرة الثقافة، السيدة خليدة تومي، وبحضور الحاج حسن السعيد الذي لم يلبث أن ترك قاعة “الموقار” لدواع صحية، وبعد أن تم عرض بورتريه مقتضب عن حياته ومسيرته الفنية، اعتلت المطربة إيمان سهير (المتحصلة على الجائزة الثانية للدورة الخامسة للمهرجان الوطني لأغنية الشعبي)، الركح وكان لها شرف أداء أغنية “صفة الشمعة والقنديل”، وبعدها توالت ثلة من الفنانين لأداء بعض من جواهر الحاج حسن السعيد، حيث أدى المطرب الشاب محمد ياسين أغنية “عمري ما نعاود” التي كتبها ولحنها محبوب باتي، ومن كلماته وألحانه دائما أعاد سمير تومي أغنية “نعزها ونبغيها”. تجدر الإشارة إلى أن محبوب باتي لحن وكتب للحاج حسن السعيد حوالي ثلاثين أغنية، وتعد من الروائع التي تنمق بها رصيد أغنية الشعبي، وحسب عبد القادر بن دعماش فإن كل الأغاني التي وضعها لحسن السعيد كانت تناسبه هو دون غيره، حتى وإن أداها غيره تكون دون مستوى التلاؤم، وأضاف أنه تميز بحق في مرحلته الثانية من مساره الفني وقد كانت المرحلة الأولى كلاسيكية اتبع فيها نهج العنقى، لكنه سرعان ما وجد أسلوبا يميزه عن غيره فاعتكف على الاشتغال به، ويعود الفضل في ذلك إلى الشيخ محمد غانم المدعو “لحلو”، الذي وجد في صوت وأداء حسن السعيد استعدادا كبيرا لأداء المديح الديني وعلى طريقة المشايخ الذين يكبرونه سنا، من أمثال الحاج منور، الحاج مريزق وخليفة بلقاسم.وبالعودة إلى حفل التكريم الذي حضره كذلك نجله خالد، غنت راضية منال “غضبان”، ويقول مطلعها: «غضبان غضبان على حبابي إذا بغيتو نقولكم وعلاش ابطاو على جوابي حتى المرسول راح ما ولاش” ثم التحق سمير تومي بالمطربة لأداء ثنائي شهير جدا جمع حسن السعيد مع المطربة أنيسة ميزاقير، يحمل عنوان “هذي مدة وأنا غريب ساكن في وطن الناس”، وهي واحدة من روائع محبوب باتي، وقد غنى الجمهور معهما وتفاعل طويلا مع الأداء، إلا أن الحركية الحقيقية المعهودة في طابع الشعبي بانت لما جاء دور عبد القادر شاعو الذي ألهب بحق القاعة ووقف الحضور مصفقين وراقصين على أنغام أغنية “شمس الضحى البتول”، وأتبعها بأغنية “واش شفتي يا عيني”، واختتم الحفل بأداء جماعي لأغنية “صفة الشمعة والقنديل والثريا”، بعد أن غنى شاعو أغنيته المعروفة “القصبة” وذلك بطلب من الجمهور. جدير بالذكر كذلك، أن حسن السعيد غنى للوطن والثورة في أغنية “اصغى نعيدلك واش جرى” التي تروي مظاهرات 11 ديسمبر 1961، وبمناسبة الاستقلال غنى “يا دزيرية على بلادك ولولي” سنة 1962، وأغنية “ما مسعد داك الزين” في السنة نفسها.