اهتز قلب مدينة حلب، ثاني أكبر المدن السورية أمس على وقع انفجار ثلاث سيارات مفخخة خلفت مصرع ما لا يقل عن 48 شخصاً وإصابة أكثر من 100 آخرين في حصيلة دامية جديدة من يوميات الحرب الدائرة في هذا البلد منذ عام ونصف. وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن" التفجيرات استهدفت ناد للضباط وحواجز أمنية لقوات الجيش السوري مؤكداً أن معظم القتلى من عناصر القوات النظامية". وانفجرت سيارتان ملغمتان في شارعين قريبين من نادي الضباط المتواجد بساحة صلاح الدين الجابري قبل أن تنفجر سيارة ثالثة على بعد 150 متراً من مكان التفجيرين الأولين. وبث التلفزيون السوري الرسمي صوراً لدمار وخراب هائلين عما الساحة إثر انهيار حوالي ست بنايات على رؤوس قاطنيها الذين بقي العديد منهم تحت الأنقاض مما جعل حصيلة القتلى ترتفع تباعاً من 27 إلى 48 قتيلاً. ولم تعلن أيه جهة مسؤوليتها عن هذه التفجيرات رغم أن السلطات السورية وجهت أصابع الاتهام إلى من تسميهم ب«الإرهابيين" في إشارة إلى المعارضة المسلحة. وتأتي هذه السلسلة من التفجيرات بعد أقل من أسبوع من إعلان المعارضة المسلحة شن هجوم حاسم لفرض السيطرة على مدينة حلب التي تعيش منذ أشهر على وقع معارك ضارية بين الفرقاء المتحاربين في محاولة منهما لبسط سيطرتهما على هذه المدينة الإستراتيجية لما لها من أهمية في قلب موازين الحرب لصالح الطرف المسيطر عليها. وكان الأسبوع الماضي شهد معارك ضارية اندلعت بالسوق التاريخي الواقع وسط المدينة خلفت سقوط مئات القتلى ودفع بعشرات العائلات إلى مغادرته. من جهة أخرى أكد ناشطون حقوقيون سوريون أن الجيش النظامي شن أمس عملية عسكرية واسعة النطاق بالضواحي الغربية للعاصمة دمشق وبالتحديد بمنطقتي القدسية والحامة أهم معقلين لعناصر الجيش الحر المعارض. وأكد هؤلاء أن كل المداخل المؤدية إلى هاتين المنطقتين تم إغلاقها مما أدى إلى محاصرة السكان الذين حاولوا الفرار لكن القوات النظامية منعتهم. بالتزامن مع ذلك قتل 15 جندياً سورياً في هجمات ومعارك مع مسلحين بمحافظة ادلب الواقعة شمال غرب البلاد. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان أن "العديد من المسلحين هاجموا ثلاثة حواجز أمنية ببدامة الواقعة بمنطقة جسر الشغور تلا ذلك اشتباكات عنيفة بين الجانبين". وأضاف أن اشتباكات أخرى اندلعت بحواجز أمنية أخرى بادلب الواقعة بالقرب من الحدود السورية التركية والتي تعبر أحد أهم معاقل المعارضة المسلحة. وبالمقابل قال الجيش السوري أنه قضى على 300 متمرد قرب مدينة حمص وسط البلاد في عملية وصفها ب "النوعية" تمكن خلالها من تدمير 11 سيارة كانت محملة ببنادق آلية. وبينما تستمر أعمال العنف في حصد مزيد من الأرواح في سوريا، اعتبر نائب الأمين العام للأمم المتحدة يان الياسون أن دور المنظمة الدولية لحل النزاع في سوريا أصبح مقتصراً على مسارين بسبب الانقسام المستمر في مجلس الأمن الدولي . وحسب المسؤول الأممي فإن الخيار الأول يتمثل في تفعيل العملية السياسية التي يقودها الأخضر الإبراهيمي مبعوث الأممالمتحدة والجامعة العربية إلى سوريا ويتمثل الثاني في التعامل الإنساني في سوريا وهي أزمة انتشرت عبر دول الجوار بسبب تفاقم وضعية اللاجئين السوريين في هذه الدول والذين يعدون بعشرات الآلاف. وبينما وصف الوضع في سوريا بأنه "قابل للانفجار ليشمل دول الجوار" أشار إلى أنه "بإمكان الأزمة إن تتجه نحو مسارين، الأول تصعيد القتال مع اقتناع طرفي النزاع بإمكانية كل منهما في حلها عبر الحل العسكري. والثاني هو تراجع أعمال العنف والتوصل إلى وقف إطلاق النار الأمر الذي يفتح الباب أمام تحرك سياسي. ولكن المسؤول الأممي وفي ظل الغموض الذي يلف الوضع الميداني وحتى السياسي في سوريا فإنه أكد أنه من الصعب معرفة المسار التي ستتجه نحوه الأمور لكن من المؤكد عواقب استمرار القتال ستكون وخيمة على الشعب السوري وعلى شعوب المنطقة ككل.