جدد الوزير الأول السيد عبد المالك سلال، أمس، عزم الحكومة الراسخ لتعزيز عملها مع السلطة التشريعية وكافة القوى الحية في البلاد بهدف تحقيق أهداف مخطط عملها الرامي إلى التكفل بانشغالات المواطنين، مؤكدا أثناء عرضه للمحاور الكبرى لهذا المخطط بمجلس الأمة بأن الدولة مستعدة لتقديم كل التسهيلات اللازمة للمتعاملين الاقتصاديين للإسهام في تنمية الاقتصاد الوطني وتحسين الإطار المعيشي للجزائريين. وأوضح السيد سلال أمام أعضاء الغرفة البرلمانية العليا أن حكومته تعول على تجند جميع فعاليات المجتمع السياسي والمدني وكل القوى الحية في البلاد من أجل المضي بالإصلاحات السياسية والاقتصادية إلى غايتها، وأشار إلى عزم الحكومة على حشد كافة الموارد وتوجيهها لخدمة الأهداف الرامية إلى تحقيق التنمية، مؤكدا بأن الهدف الأسمى بالنسبة لها هو خلق جو وطني ملائم لتحقيق التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد بالتعاون مع كل الشركاء. وذكر مسؤول الجهاز التنفيذي بالمناسبة بالمحاور التسعة التي يتضمنها المخطط المرحلي لعمل الحكومة، كاشفا لدى عرضه للمحور الأول المتضمن استكمال مسار الإصلاحات السياسية التي أقرها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، والذي يشمل أساسا عمليتين رئيسيتين تتمثلان في مراجعة الدستور والإشراف على تنظيم الانتخابات المحلية المقررة في 29 نوفمبر المقبل، بأن عدد القوائم التي تم إيداعها من قبل الأحزاب السياسية لحساب هذا الاستحقاق الانتخابي بلغ 1560 قائمة ترشح بالنسبة لانتخابات المجالس الشعبية البلدية و650 قائمة بالنسبة لانتخابات المجالس الشعبية الولائية، فيما بلغ عدد الأحزاب التي قدمت هذه القوائم، في انتظار ما ستسفر عنه عمليتا معاينة الملفات وتقديم الطعون، 52 حزبا سياسيا، مؤكدا بأن هذه الانتخابات ستكون انتخابات شفافة ونزيهة ويكون فيها التمثيل حقيقيا لكل المواطنين. ولدى تطرقه للمحور الثاني المرتبط بتحسين الإطار العام لحياة المواطن ورد الاعتبار الحقيقي والفعال للمرفق العمومي، شدد السيد سلال على ضرورة وضع المواطن الجزائري في صلب عمل الحكومة بهدف كسب ثقته وتحسين إطار معيشته والحفاظ على أمنه فضلا عن حشد الوسائل المحفزة لمشاركته الفعالة في المسار كله لتشييد البلاد، موضحا في هذا الصدد بأن "الأمر يتعلق بتصالح مجتمعنا مع الدولة والمواطن مع إدارته التي يجب أن تتذكر في كل لحظة بأنها في خدمة المواطن وليس العكس". كما شدد في إطار عرضه للمحور الثالث من المخطط على ضرورة الحفاظ على النظام العام وضمان أمن الأشخاص وممتلكاتهم ومكافحة الفساد والآفات الاجتماعية، مذكرا بالإجراءات التي اتخذتها الدولة لتزويد الجهاز القضائي والديوان الوطني لمكافحة الفساد بكل الوسائل الكفيلة بتمكينهما من أداء مهامهما. وفي حين أشار إلى عزم الحكومة على استكمال مسار المصالحة الوطنية من خلال تسوية كافة الملفات المتعلقة بمختلف فئات ضحايا المأساة الوطنية، مع استمرار جهود مكافحة الإرهاب، ألح الوزير الأول على ضرورة العمل على توطيد الوحدة الوطنية ومواصلة جهود ترقية دعائم الإسلام والبعدين العربي والأمازيغي للهوية الجزائرية. وجدد المتحدث، في سياق متصل، التأكيد على الأولويات التي تم تسطيرها في مخطط عمل الحكومة ضمن أهداف التكفل بحاجيات المواطنين، والتي يتقدمها ملف السكن الذي اعتبره ملفا حساسا على اعتبار أن له تأثيرا مباشرا على الاستقرار الاجتماعي. وفي هذا الإطار، أشار إلى أنه سيتم تكثيف برنامج إنجاز السكنات، من خلال إعطاء كافة الإمكانيات اللازمة لاستكمال البرامج الجاري إنجازه، مع الاستعانة بكل المقاولين الوطنيين، "وحتى الأجانب إذا استدعى الأمر ذلك". كما تطرق الوزير الأول إلى عزم الحكومة تحريك على دعائم الاقتصاد الوطني وتشجيع الاستثمار والتنافس ما بين المؤسسات الصناعية من أجل النهوض باقتصاد منتج للثروة ومناصب الشغل. وفي هذا الخصوص، أبرز المتحدث أهمية الإجراءات التحفيزية التي اتخذتها الدولة في إطار مشروع قانون المالية لسنة 2013، "والذي لم يتضمن أية ضريبة جديدة" على حد تأكيده. وأشار في نفس السياق إلى أن الدولة شرعت من خلال هذه الإجراءات في توسيع رقعة الاستثمار الوطني والمشترك مع تطبيق القاعدة 49/51 بالمائة، التي سيتم المحافظة عليها للحفاظ على استقلالية قرار الدولة، حسبما أوضحه الوزير الأول، الذي لم يلمح إلى إمكانية اعتماد الدولة لتسهيلات إضافية في مجال دعم الاستثمار تستجيب أساسا للمطالب المعبر عنها من قبل المتعاملين الاقتصاديين، قائلا في هذا الصدد "سنعمل على منح كل التسهيلات للمتعاملين الذين عليهم من جهتهم أن يتحلوا بالتفاني والإخلاص". وبعد أن أكد على أن الدولة تمتلك إمكانيات كبيرة لدعم الاقتصاد الوطني سواء في مجال استكشاف الموارد البترولية أو ترقية موارد أخرى للتحكم في إنتاجها الوطني، ختم الوزير الأول عرضه بالتأكيد على أن الحكومة ستضاعف جهودها في مجال التكفل بالجالية الوطنية بالخارج وإشراكها في جهود التنمية الوطنية، ليخلص في الأخير إلى التأكيد على ضرورة إيصال رسالة الأمل في مستقبل الأمة إلى فئة الشباب، مشددا على انه من واجب الحكومة أن تنجح في مخططها وأن تقضي على كل الحواجز التي تعيق تطور البلاد لتواصل جهودها في السنوات المقبلة على تحقيق هدفين أساسين يشملان تحقيق الوحدة الوطنية وتقوية الإقتصاد الوطني.