عرض الثلاثاء الوزير الأول، عبد المالك سلال، محاور برنامج عمل حكومته أمام نواب الغرفة السفلى بالبرلمان، حيث أكد أن دراسة مخطط عمل طاقمه تشكل «فرصة» للتطرق إلى الوضع في البلاد والحقائق الميدانية، مشيرا إلى أن الجهاز التنفيذي يطمح إلى جعل هذا الحدث «لحظة هامة من الحوار الوطني»، موضحا أن مخطط العمل يندرج ضمن الاستمرارية، ويطمح إلى إعطاء دفع جديد لعمل الحكومة وجعله أكثر فعالية. الانتخات المحلية وتعديل الدستور.. أولى التحديات ولدى تعرضه لمختلف مكونات مخطط العمل، أعطى سلال الصدارة لاستكمال الإصلاحات السياسية التي بادر بها رئيس الجمهورية، ولاسيما مراجعة الدستور، مؤكدا أن الحكومة ستتخذ أيضا كل التدابير بغرض ضمان تحضير فعال وسير رصين للاقتراع المحلي المزدوج ليوم 29 نوفمبر 2012. كما أكد أن مسار المصالحة الوطنية، الذي زكاه الشعب سيتم تعزيزه واستكماله حرصا على ديمومة السلم والهدوء المستعادين، مضيفا أن الحكومة، بالموازاة مع ذلك، ستستمر بحزم في مكافحة الإرهاب، والسهر بهذا الشأن، على الإبقاء على درجة مثلى من التجند واليقظة. استحداث 3 ملايين منصب شغل والعناية بمستوى المعيشة وبعد الإشارة إلى أن مخطط العمل يتمحور حول أعمال ذات أولوية وعاجلة تصب كلها في مصلحة المواطن وانشغالاته اليومية، من أجل كسب ثقته أولا، وتحسين إطار معيشته والحفاظ على أمنه وحشد الوسائل لتعبئة مساهمته الفعالة في مسار تشييد البلاد، أكد الوزير الأول أن مسؤولية الحكومة تتمثل بالدرجة الأولى في التكفل بهذه التطلعات «لاسيما تطلعات الشباب» من أجل بعث الثقة والأمل في مستقبلهم في مجالات التكوين، والتشغيل والسكن، حيث شدد على مواصلة جهود الحكومة لاستحداث 3 ملايين منصب شغل إلى غاية سنة 2014، معتبرا أن تشجيع التشغيل يعتبر من «الأهداف الأساسية» للدولة من أجل سياسة وطنية للتنمية، مركزا على ضرورة «الترقية والمساعدة على الإدماج الاقتصادي باستحداث هذه المناصب بجانب مكافحة البطالة، واصفا ميدان الشغل ب«الأسواق الواعدة». كما أشار سلال إلى عزم الحكومة على تسهيل الاستثمار الخالي من البيروقراطية باتخاذ التدابير اللازمة في ذلك، وستسمح هذه التدابير حسبه باستحداث مناصب شغل اقتصادية مستدامة وإنشاء نشاط متواصل بصفة تدريجية بدل مناصب تشغيل مؤقتة. وقال في هذا السياق إن الجهود متواصلة بجانب توفير القدرات البشرية والمالية لدعم أكثر لخلق مؤسسات دائمة تفسح المجال لخلق مناصب شغل دائمة. كما شدد سلال على أن تحسين إطار معيشة المواطن في صدارة انشغالات الحكومة، حيث ستبذل كل جهدها من أجل تعزيز كافة المرافق العمومية وإعادة تأهيلها وتفعيلها، مشيرا، بهذا الصدد إلى أن «الأمر يتعلق بالمصالحة بين المجتمع والدولة وبين المواطن وإدارته التي يجب أن تتذكر في كل لحظة أنها في خدمة المواطن وليس العكس». «ديوان مكافحة الفساد» سيصبح واقعا ملموسا وإذ يشكل النظام العام وأمن الأشخاص وممتلكاتهم وكذا محاربة الفساد والآفات الاجتماعية، محورًا هاما في عمل الحكومة، فقد أوضح الوزير الأول، بهذا الشأن، أن «الديوان الوطني لمكافحة الفساد» سيُزود بكل الوسائل من أجل تمكينه من أداء المهمة المنوطة به على أكمل وجه مع السهر على احترام قرينة البراءة وحماية المسيرين وأعوان الدولة من الأفعال المغرضة والتشهير بهم افتراء وكذبا»، موضحا على في تصريح صحفي على هامش انتهاء أشغال الجلسة الصباحية بعد عرض مخطط عمل الحكومة، أن «الديوان استلم مؤخرا مقر له في حيدرة بالعاصمة، وسيكون واقعا ملموسا» بهدف مكافحة الفساد بكل أنواعه. تنظيم النشاطات التجارية ومحاربة القطاع الموازي ومن جهة أخرى، ذكّّر الوزير الأول أن الحكومة ستُدعم المكاسب المحققة في مجال القدرة الشرائية من خلال ضبط السوق ودعم أسعار المنتجات ذات الاستهلاك الواسع، والتحكم في شبكات التوزيع ومحاربة التضخم. كما ألحّ الوزير الأول بشدة على مواصلة تفعيل الاقتصاد الوطني الذي سيتم تعزيزه من خلال دعم النشاطات التي تشجع على الاندماج واستحداث الثروات ومناصب الشغل، وخصوصا المؤسسة الوطنية التي ستكون الأداة الضرورية والحاسمة لتوفير السلع والخدمات ومناصب الشغل الدائمة. ولتحقيق إطار منظم للنشاط التجاري تعتزم الحكومة بذل مجهودات على المستوى التشريعي والتنظيمي فيما يتعلق بالتنظيم التجاري وإعادة تأهيل المنشات التجارية الموجودة، ويهدف مخطط عمك الحكومة الذي عرض أمس الثلاثاء على المجلس الشعبي الوطني على تحسين ظروف تموين السوق الوطنية من خلال حزمة من الإجراءات من أجل ضمان حرية المنافسة «السليمة والنزيهة» بين المتعاملين. كما أضاف أنه سيتم تحسين مناخ الأعمال بهدف تسهيل الاستثمار وتحسين تنافسية مؤسساتنا وترقية الإنتاج الوطني. فضلا عن ذلك، فإن مواصلة إصلاح القطاع المالي وتحديثه يشكلان محورين أساسيين ويكتسيان طابع الأولوية في البرنامج الرئاسي. وفي هذا الإطار، أشار سلال إلى أنه: «من أجل تحقيق نمو اقتصادي برقمين، فإننا مدعوون من قِبل السيد رئيس الجمهورية إلى التحلي بالجرأة وروح الابتكار». وللدبلوماسية نصيب.. وتتخذ هذه الدبلوماسية التي تضمنها مخطط عمك الحكومة الذي عرضه أمس سلال على أعضاء الغرفة السفلى، مباشرة الجزائر مواقفها بما يتماشى والقضايا المتعلقة بالاستقرار والأمن والتعاون ذات المزايا المتبادلة لدى مختلف دوائر الانتماء على المستويات المغاربي والعربي والإفريقي والمتوسطي، وأمام التغيرات الجارية على الساحة الدولية تعمل الدبلوماسية الجزائرية على مستوى مختلف المحافل للتأكيد مجددا على تمسكها بالمبادئ الأساسية المتعلقة بسيادة البلاد ووحدتها ورفض التدخل الأجنبي واحترام قرار الشعب عندما يتعلق الأمر بسيادته الوطنية. وفي ختام كلمته، أكد الوزير الأول أن الحكومة لن تدخِّر أي جهد لتجسيد مخطط العمل هذا ضمن منظور يُشجع التماسك الاجتماعي والتنمية الاجتماعية والاقتصادية للبلاد. ومن أجل تحقيق هذا الهدف، فإنه يعتمد على تجنّد ومشاركة الجميع، «ذلك أننا نملك كفاءات عديدة غير مُستغَلة ومهمَّشة في بعض الأحيان لا تطلب سوى العمل من أجل النهوض ببلدنا. لا يحق لنا أن نخفق، ولكي ننجح يجب أن نتحمل مسؤوليتنا من أجل إزالة العراقيل التي تحول دون تحقيق هذا الهدف».