يقترن حلول عيد الأضحى المبارك ببعض التصرفات التي دأب على ممارستها بعض المواطنين انطلاقا من جهلهم لبعض أبجديات الدين عند إحياء مثل هذه الشعائر الدينية، حيث ساد الاعتقاد بأن العيد مناسبة للإنفاق والإسراف وما تشهده الأسواق هذه الأيام من لهفة خير دليل على ذلك، إلى جانب التباهي بحجم الأضحية، والتفكير في كيفية طبخ وأكل اللحم فقط وغيرها من التصرفات التي غلبت الماديات على العبادة، والتي ارتأت جميلة محي الدين مرشدة دينية تنبيه عامة الناس إليها... من أهم النقاط التي رغبت المرشدة الدينية جميلة محي الدين، التي التقتها «المساء» بمقر وزارة الشؤون الدينية، تسليط الضوء عليها ردا على سؤالنا حول بعض السلوكات الخاطئة التي اعتاد عليها المواطن في الأعياد، قالت «يجهل الكثير من الناس قداسة الأشهر الحرم التي نحن بصددها والتي أرى انه ينبغي لفت الانتباه إليها لعظمتها عند الله عز وجل، إذ يقول المولى جعل وعلا في محكم كتابه « إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم ...»، ومعنى الآية أن من بين الاثني عشر شهرا هنالك أربعة أشهر حرم لا يجوز للفرد ان يظلم فيها نفسه، ومن ثمة ينبغي ان يحرص المسلم على مضاعفة الأعمال الحسنة وتجنب الأعمال السيئة لأن السيئات تتضاعف خلال الأشهر الحرم، غير ان الكثير من الناس للأسف الشديد لا يعرفون أصلا ما هي الأشهر الحرم وكيف يجتهدون فيها لكسب الحسنات، وبالتالي فالأشهر الحرم لمن لا يعرفها هي ذو القعدة وذو الحجة ومحرم ورجب، لابد للمواطن المسلم أن يعي عظمة شأنها وان يفهم أن تعظيم شعائر الله من تقوى القلوب، وهو ما لا نلمسه مطلقا من خلال ما نعيشه بمجتمعنا من لهفة. وتضيف قائلة، قد يسأل المواطن الذي يعيش هذه الأيام حالة من الشراهة لاقتناء الماديات على غرار الشوايات والفحم، عن كيفية تطبيق الوجه الآخر للهفة الروحية الدينية التي نشهد تراجعها سنة بعد أخرى، او بعبارة أخرى كيف يمكننا ان نحقق نوعا من التوازن بين الجانب المادي والجانب الديني من خلال استغلال القيمة الروحية للعشر الأوائل من ذي الحجة والتي تتحقق عن طريق الإكثار من قراءة القران الذي قلما يتجه اليه المواطن في مثل هذه الأيام، ومن ثمة فهي فرصة لختم كتاب الله، خاصة إذا علم المواطن أن من أحب الأعمال الى الله هي تلك التي يباشرها المسلم في الأشهر الحرم وان لا يدعها تمر عليه مرور الكرام. من جملة الاعتقادات الخاطئة التي رغبت المرشدة الدينية في تنبيه المواطن إليها، تلك التي تتعلق بانتشار الاعتقاد السائد انه بالنظر الى غلاء الأضحية يكفي شراء أضحية صغيرة رغم إمكانيته لشراء أضحية كبيرة، فقد ثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه اشترى كبشين أملحين أقرنين، أي بمعنى ان المواطن لابد أن يجتهد لاقتناء أضحية تناسب قداسة الشعيرة الدينية التي نحن بصدد الاحتفال بها، أي لابد أن يجتهد وان يحسن اختيار أضحيته وان يطيب المسلم بأضحيته مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم «.... فطيبوا بها نفسا».أما بالنسبة لمن عجز عن شراء الأضحية بالنظر إلى غلائها الذي بلغ درجات جنونية هذه السنة، فأوضحت محدثتنا أن المواطن ينبغي له أن ييسر الأمور على نفسه وأن لا يظلمها ويعسرها، لأن الرسول الكريم يوم ذبح كبشين قال هذا لي ولأهل بيتي، وهذا عن الفقراء من امتي أي انه ذبح عن الذين عجزوا عن شراء الأضحية، وعليه فلا حاجة لهم ليشعروا بالحزن أو أن يتجهوا إلى الاقتراض، لا سيما ان كانوا عاجزين عن دفع دينهم، يكفي فقط أن يعي الشخص أن ذبح الأضحية سنة مؤكدة وليست واجبا، ومن ثمة قد يبلغ الفرد الذي لم يتمكن من شراء الأضحية بنيته ما لا يستطيع ان يبلغه الفرد الذي يشتري الأضحية. وبالحديث عن الأضحية وغلائها، تحدثت المرشدة جميلة عن ظاهرة انتشرت وكثير تداولها على السنة عامة الناس، وتعد أيضا من العادات السيئة التي ينبغي أن يتفطن لها المواطن لما لها من آثار سلبية، إذ قد تكلفه ضياع الأجر رغم قيامه بالنحر وتتمثل تقول محدثتنا في « تبييت النية في شراء الأضحية إحياء لسنة نبينا إبراهيم الخليل عليه السلام»، إذ بتنا نسمع في الآونة الأخيرة البعض يردد عبارة « اشتري الأضحية لأدخل الفرح على قلوب الأطفال، أي بمفهوم المخالفة أنه في غياب الأطفال ما كان له ان يشتري الأضحية وبالتالي نيته متوجهة لإسعاد الأطفال لا لإحياء الشعيرة الدينية. وتستطرد قائلة «حقيقة إدخال السرور على قلب الأطفال، وكذا على أهل البيت من الأمور المحمودة ولكن ينبغي لنا ان ننتبه إلى أن أصل الأعمال هي النية الصادقة ومن ثمة لابد أن يبت المواطن الذي يتجه لشراء الأضحية لان تكون نيته هي التقرب إلى الله وتحقيق الغاية من الاحتفال بالعيد وهو المطلوب. فقد المواطن بلهفته الكثير من معاني التآزر والتراحم المطلوبة في مثل هذه الأيام، من اجل هذا تقول المرشدة الدينية جميلة، أنه آن الأوان للمواطن أن يبتعد عن الماديات وان يترك المعتقدات الخاطئة التي ارتبطت بشكل أو بآخر بأيام العيد وان يجعل المناسبة فرصة للعبادة وترك العداوة ووصل الأرحام والعمل على مشاركة الأضحية مع الأهل والأصحاب عن طريق التهادي والتصدق، وينبغي أيضا على المواطن أن يعبر عن فرحته بالعيد من خلال الأكل من الأضحية وعدم الإسراع بإخفائها أو التقشف فيها وعدم التبذير أوالإسراف والإكثار من ذكر الله فيما يسمى بأيام التشريق.