تقع على المرأة الريفية مسؤوليات كثيرة كونها مطالبة بتفقد عدة أمور ترتبط ارتباطا وثيقا ببعضها ومنها الاهتمام بالأسرة وبشؤون عملها في الأرض والعناية بالماشية وغيرها كثير، ذلك لان الحياة الريفية لها عدة أوجه واختيار المرأة لهذه الحياة معناه أنها قادرة على رفع التحديات، وهذا تماما ما تحدثت عنه السيدة بودية الهوارية التي هجرت المدينة وتوجهت نحو أرياف بسكرة للاستثمار في الفلاحة. لا شك أن العمل بالزراعة شاق ومرهق للغاية ولا يتناسب وطبيعة التكوين الجسدي والفسيولوجي للمرأة، ولكن هي ذات المرأة التي رفعت التحدي لتثبت لنفسها ولمجتمعها أنها قادرة على خوض ميدان ما وتحقيق نتائج مبهرة تكون بفضلها نموذجا يتحذى به في مجتمعها، وهو ما حصل مع السيدة بودية الهوارية التي التقتها «المساء» على هامش المعرض المقام للمرأة الريفية مؤخرا بالعاصمة بمناسبة إحياء يومها الدولي، عن التحدي الذي رفعته منذ ما يقرب الثلاثين سنة، حينما هجرت مدينة وهران واتجهت إلى الصحراء وبالضبط إلى سيدي عقبة ببسكرة بعد ان قررت الاستثمار في الفلاحة. وقالت أنها استثمرت كل أموالها في شراء 16 هكتارا من الأراضي بسيدي عقبة وتقوم منذ ما يفوق 30 سنة بخدمة الأرض والاعتناء ب700 نخلة، إلى جانب تربية الدواجن والماشية. كما أنها اهتمت كذلك بالبيوت البلاستيكية التي تزرع فيها الخضر الموسمية كالطماطم والفلفل وغيرها. تروي محدثتنا يومياتها فتقول أنها تمضي كامل سويعات النهار في الفلاحة بين الاعتناء بالأرض والعناية بالماشية والدواجن، رفقة العمال الذين توظفهم وعددهم 10 بين رجال ونساء. وتقول ان هذه الفترة هي موسم جني التمور وقد أتقنت السيدة الهوارية على مدار سنين قضتها بين «نخلاتها» حتى تكون الغلة جيدة، وهو ما أظهرته لنا بالصور وهي تصعد النخلات وتقوم بجمع أسعف التمور وتنقيتها جيدا لتجمعها في الصناديق بإحكام للتسويق. وتؤكد المتحدثة أنها أمضت سنوات شبابها الأولى في مدينة وهران وهي تمتهن الخياطة ولكنها فكرت في تغيير مسار حياتها بان توجهت إلى الفلاحة التي علقت عليها أنها مهنة تحب من يحبها، لان الأرض تعطي دائما الخيرات ونتيجتها مرضية مهما كانت متعبة. كما ان خدمة الأرض والمهن المرتبطة بها مثل الدواجن والماشية وحلب الأبقار كلها مهن تشعر العاملة بها بالراحة الكبيرة لأنه عليها العمل في هذا وذاك لإعالة نفسها وأسرتها «ينتابني شعور بالغبطة حينما أقدم لأسرتي أكلا من صنع يدي من البذرة التي زرعتها إلى القدر الذي حضرت فيه الأكل من ثمرات الأرض التي أنا خدمتها بيدي»، تقول السيدة الهوارية التي أكدت أنها تتمنى لو تعيش لسنوات أخرى تطول حتى تمدد نشاطها الفلاحي أيضا لنشاطات أخرى. وبالرجوع إلى موضوع التمور فان المتحدثة تقول ان شهري أكتوبر ونوفمبر من كل سنة موعد جني غلة التمور، وبعدها تهتم بالبيوت البلاستيكية التي تغرس فيها الطماطم والفول والبازلاء التي تؤكد بشأنهما ان غلتهما جيدة جدا، وفي الشتاء تهتم بالدواجن وتسويقها وفي موسم الصيف تهتم بغرس الفواكه مثل الدلاع والبطيخ.. وهكذا يتواصل نشاطها على مدار السنة.