الأمم المتحدة تندد بالتعذيب الذي يمارسه المغرب ضد الصحراويين وصل، أمس، كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية إلى العاصمة الرباط في أول محطة له في جولته الجديدة إلى المنطقة في مسعى آخر لتفعيل المسار السلمي لتسوية القضية الصحراوية. وإلى غاية أمس، لم يعرف برنامج روس، الذي سيتبعه في الرباط وإن كان سيزور المناطق المحتلة كما كان مبرمجا في آخر زيارة له قبل أن تتعمد السلطات المغربية إفشالها بقرارها المتهور بسحب الثقة من روس. وهو القرار الذي رفضته الأممالمتحدة والأمين العام الأممي بان كي مون، الذي جدد ثقته في روس وطالبه بمواصلة مهمته في العمل على التوصل إلى تسوية للنزاع الصحراوي الذي طال أمده. وكانت الأممالمتحدة قد أعلنت عن قيام روس بهذه الزيارة، التي تشمل عواصم المنطقة وأيضا أوروبا وذلك من 27 أكتوبر الجاري وإلى غاية 15 نوفمبر القبل. وتأتي زيارة روس إلى المنطقة في الوقت الذي أكد فيه المقرر الخاص للأمم المتحدة حول التعذيب خوان مينديز مجددا أن السلطات المغربية تلجأ لممارسة التعذيب على الصحراويين، مبرزا أن المغرب “لا يمكنه التأكيد أنه ألغى التعذيب”. وجاء تصريح مينديز خلال ندوة صحفية عقدها بمقر الأممالمتحدة، إثر عرض تقرير أمام اللجنة الأممية الثالثة المكلفة بالمسائل الإنسانية حول التعذيب في عدد من البلدان من بينها المغرب التي زارها، كما زار الصحراء الغربية من ال 15 إلى 22 سبتمبر الماضي، وسيعرض ملاحظاته وتوصياته أمام لجنة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان بجنيف شهر مارس القادم. وخلال تطرقه للتعذيب في حق المغربيين والصحراويين في المغرب أو في الأراضي الصحراوية المحتلة، أكد المسؤول الأممي أنه “وجد أدلة على نفس المعاملة السيئة خلال الاستنطاق”، مشيرا إلى “أن اللجوء المفرط للقوة خلال المظاهرات هو نفسه في الأراضي الصحراوية المحتلة وفي المغرب”. وقال “كلما تعلق الأمر بالأمن الوطني هناك توجه لممارسة التعذيب خلال الاستنطاق ومن الصعب القول إن كان الأمر شائعا أو ممنهجا، لكن ذلك يحدث في غالب الأحيان بما لا يترك مجالا للحكومة المغربية بعدم الدراية به”. كما انتقد الحضور المكثف للشرطة والجيش في الصحراء الغربية، حيث أشار إلى “حالات عديدة من عنف الشرطة المغربية ضد المتظاهرين الصحراويين المسالمين”. أما بخصوص مسألة توسيع عهدة بعثة الأممالمتحدة إلى الصحراء الغربية من أجل تنظيم استفتاء تقرير المصير “المينورسو” لمراقبة حقوق الإنسان قال مينديز إنه “لا يملك حاليا رأيا محددا حول هذا الملف”، لكنه اعتبر أن “المراقبة المستمرة تفيد أكثر من زيارة المقرر الخاص”. وكان المسؤل الأممي حول التعذيب قد قال إثر الزيارة التي قام بها في سبتمبر الماضي إلى المغرب والصحراء الغربية إنه استقى أدلة عن تعذيب الأشخاص المحبوسين في مراكز الاعتقال في الصحراء الغربية والتي تقع تحت سلطة المغرب، مؤكدا أن “التعذيب كان أشد وأعنف عندما يتعلق الأمر بالأمن الوطني”. وهو ما جعله يدعو المغرب إلى التصديق في أقرب الآجال على البروتوكول الاختياري للاتفاقية المناهضة للتعذيب الرامية إلى الوقاية من سوء المعاملة التي يتعرض لها السجناء. ويشكل انتهاك المغرب لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية مصدر قلق بالنسبة للمجتمع الدولي والمنظمات غير الحكومية الناشطة في مجال حقوق الإنسان على غرار منظمة العفو الدولية ومنظمة هيومن رايتس ووتش ومركز روبرت كينيدي، والتي نددت جميعها في العديد من التقارير بالتعذيب والاختفاء القسري وحالات الاغتصاب وتدمير الأملاك من طرف السلطات المغربية. وقد تسببت خطورة الوضع هذه في ردود فعل قوية من قبل أعضاء الكونغرس الأمريكي، الذي اضطر إلى المصادقة شهر ديسمبر 2011 على قانون يطالب كتابة الدولة بالتأكد من احترام السلطات المغربية لحقوق الإنسان في الصحراء الغربية قبل تقديم أي دعم مالي عسكري للمغرب. وفي تقرير خاص تم إعداده للتكيف مع هذا القانون نددت كتابة الدولة بانتهاكات حقوق الإنسان في الصحراء الغربية، مشيرة إلى أن الوضع جد مقلق. وأكدت كتابة الدولة الأمريكية للشؤون الخارجية أن “وضع حقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة يبعث على القلق، خاصة فيما يتعلق بالتضييق على حرية التعبير وحرية التجمع واللجوء إلى الحبس التعسفي والانتهاكات الجسدية ضد السجناء”.