تعتبر السيدة زهرة باشا من الحرفيات القلائل اللائي استطعن تحويل الفخار لقطع فنية يحتار الناظر في تحديد مادتها الأولية، حيث يخيل لك أنك تشاهد قطعا خشبية من نوع “لويس” و«الجوزة” الفاخرة، لتكتشف بعد الحديث للحرفية أنك تشاهد قطعا من الطين في غاية الإبداع. قطعة خشب ملساء، أوراق عنب، جرة، صينية، إبريق شاي تقليدي، شمعدانات وعشرات القطع التقليدية التي قدمتها الحرفية زهرة في صورة عصرية، حيث اختارت في عملها المزاوجة بين التقليدي والعصري، تقول: “لقد حاولت أن أجمع في أعمالي بين الأصالة والمعاصرة، كما عملت على تقديم الأشياء التقليدية التي نحتاج إليها في حياتنا اليومية”. تقول السيدة زهرة؛ “هناك أشياء مستوحاة من الطبيعة، على غرار أوراق “الكرم” أو “البلاطان” المعروفة بشكلها الجذاب الساحر، والتي أعمل على صنع سلة فواكه من شكلها، كما هو في الطبيعة، في حين نقدم بعض الفواكه على ورقة العنب أو “البلاطان” ليكون لها طعم خاص. وحول سر تعلقها بهذه الحرفة تقول؛ “كنت مدرّسة لغة فرنسية، وكنت أشاهد أختي وهي تقوم بهذه الحرفة، ساعدتها في عمليات ديكور مرارا، وبعد سفري إلى فرنسا واستقراري هناك، واصلت هذا العمل رفقة ابنها، والآن، بعد ما حصلت على التقاعد، أمارس هذه الحرفة بكل حب، فقد تفرغت لها كليا، خاصة بعدما وجدت بداخلي قوة إبداعية تدفعني لتقديم العديد من النماذج التي تحاكي موروثنا الثقافي وأصالتنا، حيث أعمل على ترجمتها على أرض الواقع، لتكون جزءا من حاضرنا”. وعن ميزة هذا العمل تقول محدثتنا؛ “أحس براحة كبيرة وأنا ألامس الفخار، أشعر أنه مثل كل الحرف يملك روحا جمالية تظهر بعد إتمام القطعة التي يحتاج الحرفي للكثير من الصبر والتفاني لإتمامها، وأنا شخصيا أنسى مشاكلي ومتاعبي عندما أباشر العمل، كما أنني أعتبره علاجا فعالا ضد القلق”. وحول عملية تحضير القطع الفنية، تقول السيدة زهرة؛ “ليس من السهل أن تحمل حفنة تراب فجأة لتُحوّلها إلى قطعة فنية مباشرة، فتحضيرها يمر على 6 أو سبع مراحل كاملة، حيث يعتمد تحضيره على جمع مادة الطين التي يضاف إليها الماء ليصبح لزجا، وتشكل منه مختلف الأشكال الجميلة والجذابة باليد، حيث يلعب الإبداع لعبته السحرية فيها، لتعرض على الهواء وتجف، ثم توضع في الفرن لتكتسب قوة الاستدامة، للاستعمال بدون خوف أو حرج، وتتم بعدها عملية الطلاء الأولى، فالزخرفة والرسوم، ثم الطلاء النهائي”. وعن الديكور الذي تفضله السيدة باشا، قالت؛ “الطبيعة الجزائرية ورموزها التراثية كثيرة ومميزة، لهذا فعديد أعمالي مستوحاة من رموز الزربية الجزائرية، على غرار الزربية القبائلية والشاوية، إلى جانب الرموز الفنية المرسومة في قلب البيوت القبائلية، وتلك الموجودة على القطع الفضية”. وعن مشاركتها في المعارض قالت؛ “شاركت في العديد منها داخل وخارج الوطن، ونالت أعمالي إعجاب الجمهور والزبائن، خاصة وأنني أطلق العنان للإبداع في أعمالي، فغالبا ما يقف المتفرج الأوروبي أمامها طويلا.